من العدل القول ان بعض منسوبي الحكومة الحالية ظلوا يعملون في صمت لترسيخ العديد من المشروعات التنموية وقد نجحوا في ذلك نجاحاً ملحوظا وبغض النظر عن الملابسات فإن سد مروي يقف شاهداً على انجاز غير مسبوق يحسب بين طيات الزمان لصالح اجتهادات رجال ينتمون الى هذه الحكومة ويمكننا ان نقيس على ذلك بعض المشروعات الظاهرة للعيان مثل طريق الشريان وطريق التحدي والجسور الكثيرة التي افتتحت هنا وهناك ..وبرأي ان الحكومة اذا انشغلت فقط بتنفيذ المشروعات التنموية خلال الفترة المنصرمة من عمرها لما وجد كثير من رجالها الوقت لممارسة الفساد . نعم من العجائب ان تسير انجازات التنمية الحكومية جنباً الى جنب الملفات الثقيلة او المثقلة بالفساد وحينما نقرأ تقارير المراجع العام السنوية لأداء حكومة السودان ثم ننظر الى تلك الانجازات الكبيرة فلا يسعنا الا القول اللهم اهلك السفهاء من رجال الحكومة حتى لا يضيعوا جهد الحكماء منهم وبارك لنا في المشروعات المنجزة حتى تجد الاجيال القادمة العذر لنا حينما نجيبهم على تساؤلهم ..لماذا تركتم حكومتكم تعيث في الارض فساداً ولم تسقطوها كما فعلت العديد من الشعوب الحرة ؟..هذه المقدمة جاءت كفاتحة لنقاش دار بيني وبين الاخ احمد ادريس المعتمد برئاسة ولاية النيل الابيض وهو يهاتفني بضرورة شهود احتفالية توقيع عقود توصيل الكهرباء لاكثر من سبعين قرية من قرى بحر ابيض . وللامانة علمت مسبقاً الكثير عن المجهودات التي يقودها الوالي ورجال حكومته في مختلف الميادين لترسيخ التنمية المستدامة في ربوع ولاية النيل الابيض ، انه جهد يستحق التشجيع باعتبار ان ولاية النيل الابيض من اكثر الولايات التي نكبت في الفترة الماضية وطوال عهود الولاة السابقين لم تحظَ الولاية بمشروعات مثل التي تجري بها اليوم خصوصاً جسر مدينة الدويم العملاق وترعة شات والمراكز الصحية المنشأة حديثاً في عدد من القرى بالاضافة الى التحديثات المنفذة في مستشفيات الولاية مثل اقسام الحوادث الجديدة وغيرها وغيرها ، هذه انجازات عجزت عنها حكومة المتعافي حينما كان والياً على الولاية من قبل وفشلت في تحقيقها حكومات الذين جاءوا من بعده من الولاة وصولاً الى عهد الوالي السابق الذي وصفت فترة حكمه بانها من اسوأ الفترات التي مرت على سكان الولاية . ان ايصال الكهرباء الى القرى التي كانت تعيش في الظلام عقوداً طويلة يعتبر اخراجاً للناس من الظلمات الى النور وتوفير للضوء الذي يستفيد منه ابناء القرى المظلومة للمذاكرة والاجتهاد في الدروس والتقدم في ركب العلوم وبالتالي تطوير وترقية الحياة في تلك القرى وشيوع النفع والخير ، ان ممارسة الحكم الرشيد اجمل وامتع من ممارسة الديكتاتورية والفساد وانا هنا اتساءل لماذا فشل الاسلاميون خلال عشرين عاماً من التمكين في الانتباه لحقيقة كونهم خلفاء على اموال ومصالح المسلمين في السودان وليسوا ملاكاً لشئ ؟ لو انهم رعوا مصالح الشعب لما جرت تحت جسر السنوات العشرين مياه الاحتراب والانشقاقات والصراع علي السلطة ولما انفصل جنوب السودان ولما عاشت البلاد فترات الضيق والاملاق والتردي الاقتصادي . فلينتبه اهل الحكم ويبذلوا قصارى جهودهم لتعويض ابناء السودان القاطنين في الارياف البعيدة والقرى المظلمة والمناطق المهمشة وما اكثرها ، نعم يجب ان يتم تعويض البسطاء والغبش عن السنوات الماضية فهم تحملوا الكثير وما كانوا يطلبون الا القليل ..الماء والكهرباء وتذليل الطرقات وتوفير المدارس والمستشفيات والدواء فهل هذا ممنوع ؟