٭ طريق بارا جبرة الشيخ امدرمان يبلغ طوله «341» كلم، ويربط شمال السودان بغربه. وتنبع اهميته من انه يعمل على انسياب صادرات البلاد المتمثلة فى السمسم والماشية والصمغ العربى بالاضافة الى الابل، الى مواقع الاستهلاك ومن ثم التصدير خارج البلاد، ويعتبر الطريق من الطرق الاستراتيجية التى تدعم الاقتصاد الوطنى، وايضا يمثل تواصلا لاكثر من «12» مليون نسمة من مواطنى السودان. ونظرا لاهميته الكبيرة، فقد وقعت وزارة المالية والاقتصاد الوطنى على اتفاقية محضورة من قيادات الدولة وولاية شمال كردفان منذ ستة شهور تقريبا مع الشركة الصينية، على ان تلتزم الحكومة بتوفير «18» مليار جنيه مكوناً محلياً، ليتم تنفيذ الطريق الذى اتفق السودانيون على اهميته فى التواصل الاجتماعى، ومن ثم تسهيل وتيسير العمل الاقتصادى من اجل المصلحة الوطنية، إلا أن تنفيذ الطريق تعثر وفقا لافادات وزير المالية، بعدم التزام الشركة الصينية بالعقد المبرم بينهما، فى وقت تحاول فيه وزارة المالية توفير المكون المحلي، مما حدا بالنائب البرلمانى مهدى عبد الرحمن أكرت عضو المجلس الوطني الدائرة «9» بارا الشرقية الى سؤال وزير المالية والاقتصاد الوطنى الاستاذ علي محمود فى جلسة بالمجلس الوطنى حسب نص المادة «44/1» من لائحة اعمال المجلس الوطنى مفاده «لماذا لم تقم وزارة المالية بدفع مقدم طريق بارا امدرمان، خاصة ان الطريق اعتمد فى عدة موازنات سابقة؟» فأجاب الوزير بعدم التزام الشركة الصينية، فى وقت لم يتوفر فيه المكون المحلى الى الآن، الأمر الذى دعا النائب البرلمانى عن دائرة بارا الشرقية الى البكاء، معتبرا ان الامر لا يعدو كونه تسويفا ومماطلة من الوزارة فى تنفيذ الطريق، خاصة ان برنامجه الانتخابى الذى فاز به بدوائر الوطنى فى بارا يهدف الى خدمة المواطنين، إلا أنه أكد استمرار القتال داخل المؤسسات وعدم الانسحاب من دوائر الوطنى. وقال بكل ثقة «لا نعرف التردد وتمضى قلوبنا وسيوفنا مع اهلنا لتحقيق الوعود التى قطعناها مع اهلنا فى برنامجنا الانتخابى».. ولمعرفة المزيد من تفاصيل واهمية هذا الطريق.. جلسنا الى النائب مهدى عبد الرحمن اكرت. ٭ يمكنك أن تحدثنا عن حيوية طريق بارا جبرة الشيخ امدرمان؟ طريق بارا جبرة الشيخ امدرمان هو طريق حيوى يخدم اكثر من «12» مليون نسمة، ولذا اطلقنا عليه طريق شريان الغرب أسوة بشريان الشمال. اما اهميته فإنها تنبع من أنه سوف ينقل اجود انواع الضأن والسمسم والفول والصمغ العربى وكذلك الابل التي تمثل 60% من صادرات السودان الكلية، وهو دعم حقيقى لاقتصاد السودان. وهو طريق استراتيجى. ونعتقد وبكل اسف سواء أكان طريق الانقاذ الغربى او طريق بارا امدرمان فإنهما لم يجدا اى اهتمام من الاجهزة التنفيذية، مما جعلنا نطرح هذا الطريق فى المجلس الوطنى. وقال إن زيارة نائب رئيس الجمهورية الى شمال كردفان خلال عام 2004م كانت بشرى للمواطنين، وهى بدء تنفيذ الطريق، إلا أن هذه الوعود لم تترجم الى افعال بعد. ٭ ولماذا إذن تلقون باللائمة على وزارة المالية والاقتصاد الوطنى الحالية؟ ظلت وزارة المالية فى كل العهود السابقة ترعد ولا تمطر بالذات بالنسبة لهذا الطريق أو طريق بارا- امدرمان او الانقاذ الغربى، خاصة اذا علمنا ان الطريق هذا يخدم ست ولايات منها ثلاث ولايات بشمال كردفان وثلاث بدارفور، اما الآن بعد القرار الاخير بزيادة ولايتين فإنه اضحى يخدم ثماني ولايات وثلث سكان السودان، مع ان هنالك ولايات اخرى سكانها لا يساوون ثمن سكان هذه الولاية، إلا أن عدداً الطرق بها تدهش، كما ان هنالك بعض الولايات تم فيها تنفيذ اكثر من «2000» كلم من الطرق فى عهد الانقاذ. ٭ إذن ما هي العقبات برأيكم التى تقف امام تنفيذ الطريق؟ العقبات التى تقف هى وزارة المالية خاصة قسم الدراسات بالمالية الذى له دور كبير فى تعطيل الطريق فى السنوات السابقة. ويبدو أن التأثير والقرار السياسى الذى لا نملك منه شيئا بولاية شمال كردفان اكبر من الاقتصادى، وهو الذى يؤثر على قرارات وزارة المالية والاقتصاد الوطنى، مما يعني أن قراراتها تحدد سياسيا وليس اقتصاديا، وحقيقة هذا هو الذى يحزننا ويجعلنا نحزن كثيرا ونتألم حسرة وندما من هذه المسألة، مسألة عدم تحديد الأولويات وعدم العدالة، والعدالة هى اساس اى حكم، واى حكم بدون عدالة يكون فيه اختلال. وشريان الغرب بمفهومه لو اقيم لما نشأت حركات دارفور اصلا. والآن يتحدث الناس عن ان الطريق هذا يؤمن ولايات الغرب ويؤمن العاصمة ممن؟ هل من غزو خارجى؟ ابدا، فكل الحركات التى تقوم حركات وطنية سببها التهميش وازدواج المعايير والكيل بمكيالين. ٭ لماذا اثرت هذا الامر فى هذا التوقيت بالرغم من ان المسألة قديمة؟ حقيقة نحن أهل كردفان تعودنا على الصبر واحتماله، وقد صبرنا سنوات وسنوات، ويمكن القول ان كل الحكومات السابقة لم ترضي ولاية شمال كردفان وحتى هذه الحكومة، فقد مددنا حبل الصبر والوعود كانت من شخصيات كبيرة، مثل رئيس الجمهورية، يعنى حتى هذا الطريق جاء ضمن البرنامج الانتخابى للرئيس، وكان هذا الصمت، ولكن الآن بدا لنا جليا فى السنوات الاخيرة أن التنمية لا تذهب الا للمناطق التى تحمل السلاح فى الشرق واقصى الغرب وبعض الجهات المحسوبة جهويا فى الداخل التى يوجد بها البعض فى داخل السلطة، وهم متنفذون فيها، ونحن حقيقة لم نعطَ الا الوعود وفرغ صبرنا «ونضب الزيت والمصباح انطفأ». ٭ ردة الفعل عن إجابة الوزير عن طريق البكاء هل هى خاتمة المحاولات؟ حينما تم التوقيع على انشاء الطريق عمت الفرحة كل ارجاء الولاية، ونقلنا ذلك لاهلنا وظلوا يتغنون به، لياتى وزير المالية ليقول إن البنك الممول للطريق لم يرد علينا طيلة خمسة شهور، وان الشركة التى تعاهدت على تنفيذ الطريق وجدنا بها خللا كبيرا، واننا سنبحث ونراجع البنك الممول. وواضح ان الوزير ظل يرد دون معلومات، ويجعلك تشعر بأن الامر غير مهم، وهو شخصيا كان يفتقد للمعلومات التى يرد بها علينا. ومن هنا يتضح ان القرار ليس بيده، وهنالك اشخاص من خلف الستار ظلوا يقولون ذلك، والا لماذا لم يكن رده صريحا ويتحدث كالذى فى فمه ماء. وتفهم من حديثه ان هذا الطريق اصبح فى مهب الريح، وقد تحدثت بمرارة وقلت ان رد الوزير هذا لم يذكرنا الا بالتهميش وازدواجية المعايير. ونحن لدينا طريق واحد فى مقابل عشرات الطرق، وهذا الطريق منذ الانقاذ لم ينفذ فيه كيلومتر واحد قرابة ال «22» سنة، ونعيت لهم الطريق من المجلس الوطنى، وهذا الذى قادنى الى البكاء، خاصة ان اهلنا ظلوا يعولون علينا فى وقت تظهر فيه معالم ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين. ٭ لماذا تعتقد أن رد وزير المالية غير موضوعى؟ لانه لم يأت بمعلومات ولم يعر الطريق أي اهتمام. ولماذا يترك الطريق للقرض الصينى؟ والآن هنالك طرق اخرى تم الاحتفال بها قريبا، «طرق مزدوجة» ونحن فى الخريف تنقطع بنا الطرق تماما عن الخرطوم، وهنالك طرق ليست ذات جدوى اقتصادية فى ولايات ليست ذات كثافة سكانية، وبها الكثير من الطرق المعبدة، ولذلك واضح أن هناك ازدواجية في المعايير فى اتخاذ القرار فى السودان. ٭ لماذا لا تستخدمون الضغط السياسى لانفاذ الطريق؟ هذا ما كنا نخشاه نحن فى شمال كردفان، فهي ولاية وسطية ولا توجد بها قبلية بالشكل الذى توجد به فى بعض الولايات، ونحن نشكل نسيجا قبليا واجتماعيا لكل قبائل واجناس السودان، ولذلك لم نتحدث يوما عن العنصرية او الجهوية او القبلية، ونحن حقيقة نسيجنا الاجتماعى متماسك، ولكن هذه هي النتيجة، وبكل اسف اوصلنا لها اخوتنا فى المركز، واذا لم يتم تنفيذ الطريق خلال الفترة المقبلة واذا استمرت الحكومة فى مسألة ازدواجية المعايير واختلال العدالة ومسألة تحديد الاولويات، فسوف يكون لنا رأي سياسى. ٭ ألم يشفع للطريق أن رئيس المجلس الوطنى من كردفان؟ هو الشخصية الثالثة بالدولة، ولها بعد سياسى واحترام فى الاجهزة الاتحادية، ولكنه لم يستخدم هذه الورقة. اما دوره فى المجلس فقد التمس منى قبول رد وزير المالية، ولكنا نتوقع منه جهدا كبيرا خلال المرحلة المقبلة، وقد وعد بأنه سوف يتابع الطريق الى ان يتم تنفيذه. ٭ ولكن حتى الآن الرؤية غير واضحة، وأصبح الأمر زوبعة فى فنجان؟ سنواصل الضغوط على الاجهزة التنفيذية، وقد ادينا قسما غليظا من أجل الشعب، واعتقد ان اى انسان لم يعمل لمصلحة الشعب والوطن والجماهير التى حملته على اعناقها فإنه حانث لليمين، وهذه امانة، فنحن فى شمال كردفان من الولايات الاقل نموا، وحتى الآن اكثر من 65% من مدارسنا مشيدة من «القش» واكثر من «70 %» من اهلنا يستجلبون الماء من البئر بواسطة «الدلو» بالطريقة التقليدية، كما ان الفاقد التربوى تجاوز ال 60% وذلك لانشغال الطلاب بجلب المياه. ٭ شمال كردفان تحرس أنابيب النفط وبها مصفاة.. وقطعا ينوبها جانب تنموى من ذلك؟ بالرغم من ان النفط يشق شمال كردفان فى مساحة «400» كلم، ولكن على جوانب الانابيب تنام قرى حزينة وبائسة، ومدارس قاتمة تفتقد لأبسط الخدمات. ونحن لم نجن من البترول الا تلوث البيئة، كما يقول المتنبى «لك حسنهن ولى الرماد»، فى وقت يخدم فيه النفط جهات اخرى، وظللنا نحمى هذه الخطوط، ولولانا لدمرت او تعرضت للأذى. وبالرغم من وجود المصفاة ومحطة «الحقينة» ومحطة «خيرو برا» الا اننا لم نجن من هذا النفط الا الحسرة والندامة. ٭ هناك نائب كردفانى سابق عبر بطريقته عن عدم توفر المياه بالبطيخة وأنت بالبكاء.. ما هى اوجه الشبه؟ احسب أن ذاك النائب كان من محافظة النهود سابقا، فقد شكا مر الشكوى، وان كان تم حل بعض الاشكالات. وهذا الأمر يذكرنى بالولايات الصندوقية، فكل الولايات لها صناديق تنمية الا شمال كردفان، وحتى التنمية ذهبت للغرب، ونحن فى الشرق لا بواكى لنا، على الرغم من اننا نزخر بافضل القيادات التاريخية والسياسية. ٭ ولكن شمال كردفان تظل من الولايات داخل منظومة مثلث حمدى؟ مثلث حمدى هذا داخل التنظيم. واحسب ان حمدى كان صادقا، نسبة لأنه في الحقبة التركية كانت الابيض العاصمة الاقتصادية والخرطوم العاصمة السياسية. لكن حديث حمدى ذهب ادراج الرياح، وكل المستثمرين ذهبوا لولايات اخرى لوجود شخصيات نافذه فى المؤسسات الاقتصادية، وحتى المؤسسات الاقتصادية لم يكن لنا فيها وجود، كما ان وجودنا فى المؤسسات الاخرى ضعيف وغير مؤثر، بالرغم من أن التعليم انتشر مبكرا فى بارا والابيض. ٭ عاب عليكم البعض اقحام نهر النيل فى أمر الطريق.. فماذا تقصد بذلك؟ يبدو أن الأمر لم يفهم بالطريقة الصحيحة، فنحن قصدنا ولاية النيل الابيض، واتهمنا شخصيات بنهر النيل خاصة، وأنهم كانوا وزراء للمالية وتعطل الطريق فى عهدهم، وهذه كلها مظان، وبعض الظن إثم، ومازلنا نعتقد أن ولاية النيل الأبيض تعمل ضد الطريق، وهذا اتهام قد يكون صحيحاً أو لا يكون. ٭ هل هنالك طريقة أخرى عملية برأيكم لاتمام الطريق؟ لقد تم تكوين لجنة بها مجموعة من الأعضاء، وتم اجتماع ضم وزير المالية ورئيس المجلس الوطنى، وكل هذه محاولات، ولكن يبقى الحل ان يكون الطريق ضمن أولويات الدولة. وهنا أذكر أن الشرق عقد له مؤتمر لتنميته ب «3» مليارات جنيه، ولتنمية دارفور عقد مؤتمر بدعم «2» مليار جنيه، فماذا تعنى «240» مليون دولار لتاريخ شمال كردفان. ولذا فإن هذا الامر لم نسكت عليه ابدا، ونحن لا نريد أن نحب أو نكره، ولكن نريد حقنا، وليست لدينا اجندة خفية، وليست لدينا تحركات سياسية لها ارتباطات بجهات اخرى، فنحن مؤتمر وطني وملتزمون حتى النخاع. ولذا فإننا نتوسل للمركز أن يرفع يده عن الطريق، فالعهد الذى بيننا والمؤتمر الوطنى والحكومة الاتحادية هو تنفيذ طريق بارا جبرة الشيخ امدرمان. ٭ هذا هو العهد، فاذا لم ينفذ الطريق ماذا انتم فاعلون؟ ماذا نقول لأهلنا؟ هذا هو برنامجنا الانتخابى وقد ادينا قسما غليظا. وحتى رئيس الجمهورية لدينا معه بيعة تنص على أن «يقيم الدين ويبسط الشورى ويسعى فى مصالح الناس»، ولذلك اذا اختلت البيعة فلا بيعة، ولا أحد يضرب سيفاً على اعناقنا، فقد ولدنا احراراً وسنظل أحراراً، ولا نخاف العصا الغليظة ولا يستطيع أحد أن يرفعها علينا.