يثار هذه الايام اتجاه الدولة نحو اعادة النظر في حقوق ملاك الاراضي بمشروع الجزيرة والعمل على انصافهم بعد فترة استمرت طويلاً وكل الحنق والضيم كان يقع على ملاك الاراضي في مشروع الجزيرة باعتبار ان ملكيتهم لهذه الاراضي قد قدمت الكثير والكثير جداً لاقتصاد السودان، وكنت اعتقد ان الذين يتحمسون لتعويض ملاك الاراضي بمشروع الجزيرة، كنت ارجو ان يتم هذا في وقت افضل واطيب من الوقت الذي يمر به مشروع الجزيرة الآن والذي يتعرض الى خراب شامل كامل بحيث ان لا يمر من الناحية الرسمية دون مساءلة تحق الحق وتعمل على معاقبة كل من تسبب في خراب ودمار مشروع الجزيرة، وقد عجبت جداً ان اسمع بأن المسؤولين قد قرروا بيع محالج مارنجان الحصاحيصا الباقير لمؤسسة الاقطان مع اعطاء العاملين جزءاً من عائد هذا الامر، وقد فات على هؤلاء ان محالج مشروع الجزيرة ليست في الماكينات الموجودة في تلك المناطق والتي بسبب الاهمال فقدت كل البنيات التحتية التي تسهل تشغيل المحالج بأي صورة من الصور. أقول قولي هذا واذكر بان عودة الحياة لتلك المحالج رغم صعوبتها الا انني اعود واذكر بان المشروع لم يكن المحالج فقط وانما كان صرحاً اقتصادياً واجتماعياً متفرداً ، ولعل اخواننا الذين يحكمون على مشروع الجزيرة بهذه الطريقة فاتهم ان يتذكروا بان مشروع الجزيرة قد حصل على شهادة عالمية من حيث الكفاءة العامة بحسبان انه اكبر مؤسسة اقتصادية زراعية تحت ادارة واحدة في كل العالم ، بالاضافة الى الادبيات والبحوث العلمية التي كتبت عن مشروع الجزيرة وكلها تؤكد معنى تفرد عظمة هذا المشروع، وارجو ان يتمكن اقتصاديو ومثقفو هذا البلد ان يطلعوا على الدراسات والبحوث التي كتبت عن عظمة هذا المشروع وكلها ابحاث علمية قام بها نفر من العاملين في هذا المجال وفي دراسات عليا. ودار الوثائق ببركات تذخر بهذه الدراسات العلمية المفيدة. أما الذي يحيرني بان هذه المؤسسة التي تمثل كياناً اقتصادياً زراعياً متكاملاً تم تدميرها في وقت وجيز بينما واقع الحال كان يستوجب على المسؤولين عنها الحفاظ على كيانها وعدم تعريضه للسلب والنهب والاعتداء الجائر، لان أي تفكير في استثمار مشروع الجزيرة لا يمكن ان يتم بمنأى عن البنيات الاساسية التي كانت قائمة. ولنأخذ أمثلة حية للدمار الذي اصاب مشروع الجزيرة فمثلاً كانت تربط هذا المشروع وفي كل انحائه من تفتيش طيبة شرقاً الى كرتوب بالمناقل غرباً ومن الواحة تفتيش الجاموسي جنوباً الى شمال وغرب الجزيرة، اي بمعنى آخر ان كل هذه المنطقة التي تشمل غرب النيل من سنار الى المسيد والمنطقة التي تقع في تفتيش الواحة بالقرب من الجزيرة أبا وتسير بمحازاة مشاريع النيل الابيض الى ابي قوتة، كل هذه المنطقة كانت مربوطة ربطاً جيداً بمشروع سكة حديد الجزيرة الضيقة ،وكانت قاطرات الجزيرة ورئاستها في ود الشافعي كانت تغطي كل هذه المنطقة لتنقل الاقطان الى المحالج الثلاثة وهذا عمل عبقري فذ ادى الى ترحيل هذه الاقطان بارخص الاسعار واذا كان الذين قد فرطوا في سكة حديد الجزيرة بحسبان ان زراعة القطن قد زهد الناس فيها كان يمكن للمسؤولين ان يفكروا في تسخير هذه المواصلة السهلة الرخيصة لخدمة المنطقة في اي صورة من الصور ولكنني اتجاوز عن هذه الطموحات لاسأل عدة اسئلة: كم كيلومتر من القضيب بقى حتى الآن من عشرات الالوف من قضيب سكة حديد الجزيرة الضيقة؟ وسؤال آخر كم عدد بيت الدريسة التي سلمت من الدمار والخراب، هذا ما كان من امر سكة حديد الجزيرة والذي اعتقد اعتقاداً جازماً بان الاهمال فيه بهذه الطريقة يعد جريمة يعاقب عليها القانون ومأخذاً وطنياً سيحاسب الوطن مرتكبيه ان عاجلاً ام آجلاً. علمنا من المعلومات عاليه آمراً عجباً بان سكة حديد الجزيرة كانت شيئاً كبيراً ولكننا نرجو ان نتكلم بهدوء لنذكر بان الجزيرة والمناقل تتكون من 14 قسما و701 تفاتيش بها انشاءات كبيرة ومهمة وضخمة تعرضت للدمار والخراب حيث ان اقسام الجزيرة السبعة بها سبع مستعمرات سكنية تشمل السكة والمكاتب المختلفة وبها كل الخدمات الضرورية من ماء وكهرباء، كما ان هذه الاقسام السبعة بها حوالي 52 منزلاً يسمونها سرايات، اما السرايات فهي الآن خرابات اما رئاسات الاقسام فاني اسأل كم منها بقى على قيد الحياة أي بمعنى كم بقى فيها من الخدمات التي كانت قائمة وأين ذهبت. أما المناقل فهي تختلف اختلافاً اساسياً من الجزيرة لانها قامت بعد قيام مشروع الجزيرة بوقت طويل وقد سادت فكرة تجميع الموظفين في مستعمرات على مستوى كل تفتيش وفعلاً تم ذلك واقيمت 54 مستعمرة في المناقل واحدة لكل تفتيش بها سكن الموظفين من مفتشين ومحاسبين واداريين وكذلك سكن العمال وكان كل تفتيش من هذه التفاتيش له كل الخدمات الضرورية من مياه نقية للشرب واضاءة وبقية الخدمات الاخرى، والسؤال الملح الآن من يسكن هذه المستعمرات الآن واين ذهبت الشبابيك والابواب ومعدات الكهرباء. إن ما حدث في مشروع الجزيرة امر مؤسف ومؤلم للغاية ولا يمكن ان يمر مرور الكرام ولا بد من مؤاخذة ومحاسبة كل من شارك في هذه الجريمة والتي كلفت الدولة مئات المليارات من الجنيهات. والاهم من هذا وذاك بانها دمرت تجربة اقتصادية اجتماعية رائدة. وأنا اعد القارئ الكريم بعد ان تتحسن ظروفي الصحية ان اخوض في هذا الامر بشيء من الدقة والتوثيق كما ارجو ان اذكر الذين يتحدثون عن اي مستقبل لمشروع الجزيرة بان يتداركوا ما تبقى من بنياته الاساسية علها تفيدهم في المستقبل. مرحباً بوفد الاحزاب المصري: وصل الى السودان وفد يمثل الاحزاب المصرية وهذه هي المرة الاولى التي يتم فيها مسار العلاقات المصرية السودانية بطريقة يمكن ان نقول بانها تمثل شعب مصر ، وكانت العلاقات المصرية السودانية في الماضي نهبا مقسما بين عديد من الجهات الرسمية المصرية وكانت الجهات الشعبية لا تهتم في كثير او قليل بامر هذه العلاقات ،الامر الذي اضعف هذه العلاقات نفسها ونحن نتطلع الى ان تقوم هذه الاحزاب المصرية بالاتصال بكل الاحزاب السودانية لوضع سياسات قومية نيلية يتفق عليها الجميع ولعل الذي فات من كان يحكم مصر في كل العهود ان العلاقات السودانية المصرية يجب ان تكون علاقات ثابتة، وتهدف الى خلق تكامل وتفاهم وحدوي في وادي النيل، وصدقوني بان مصر والسودان لا يمكنهما ان يعيشا كل على انفراد وبهذه الطريقة لان عيشتهما بهذه الطريقة ستمكن الاعداء من وادي النيل. ارجو من اخواننا في الاحزاب المصرية ان يسعوا جميعاً الى التعامل الاخوي الندي وحل بعض المشاكل الموجودة الآن وعلى رأسها قضية حلايب. كلمة لا بد منها: ما زلت انبه المسؤولين بالا يفرطوا في بث المعلومات قبل التأكد منها واعني بذلك بان ولاية الخرطوم على الرغم من انني اعجب كثيراً بنشاط واليها الا انني اذكر بان الاعلان عن حل أزمة المياه في مدينة ام درمان قد انتهى تماماً، بينما نحن وحتى صباح هذا اليوم نعيش في شح من المياه، وكان الاجدر بمستشاري الوالي ان يزفوا له خبر انتهاء أزمة المياه بام درمان بعد ان ينتهوا تماماً من حلها حلاً جذرياً حتى لا يعرضوا حكومة الولاية لمثل هذا الحرج. والله الموفق