تحول العنف الطلابي داخل الجامعات السودانية خلال العقدين الآخرين من ظاهرة عابرة الي خطر حقيقي يهدد المجتمع والدولة ،فلغة الحوارالموضوعي والهادف بين طلاب الجامعات وتنظيماتهم المختلفة باتت صفحة من الماضي وأثرا بعد عين وحكايات تسرد،واضحي العنف الفعلي واللفظي هو القاسم المشترك واللغة المتداولة في الحوارات الطلابية التي يعتبرها الجميع قد شهدت انحطاطا وخروجا عن المقاصد التي ينبغي ان تتجه نحوها ،ويرجع الكثيرون تمدد مساحات العنف وغياب منهج الحوار الهادف بين طلاب الجامعات السودانية الي عدد من الاسباب ،وضعوا علي رأسها الممارسة غير الراشدة للأحزاب السياسية المختلفة التي تعمل علي الزج بالطلاب في صراعاتها وتزكيتها لنيران العنف التي وصلت مرحلة لإزهاق الارواح ،معتبرين أن افتقاد قادة الاحزاب لثقافة الحوار الموضوعي والهادئ القائم علي قبول الرأي الاخر، القي بظلاله السالبة علي الطلاب الذين لم يجدوا من يضعهم في الطريق الصحيح وهم في بدايات تعاطي السياسة ،وأشاروا الي عوامل اخري أسهمت في أنتشار العنف الطلابي كتفشي ظاهرة القبلية والشعور بالكبت والظلم والضغوطات الاقتصادية،وغيرها من الأسباب . وفي الندوة التي أقامها الاتحاد العام للطلاب السودانيين بجامعة بخت الرضا بالدويم أمس الأول تجسدت حقيقة وصول الصراعات الطلابية الي مراحل متأخرة وخطيرة تستوجب اتخاذ السبل الكفيلة بكبح جماحها ومحاصرتها ،فالمتحدثون من الطلاب حتي اولئك المنتمون للحزب الحاكم أخرجوا هواء ساخنا من خلال مداخلاتهم ،ووضح جليا غياب ثقافة الحوار الموضوعي والهادئ ، وتحت عنوان (الحوار الوطني خطوة نحو الامام) وبحثا عن اعلاء قيم الحوار واشاعة ثقافة تقبل الاخرونبذا للعنف ،جاءت الندوة التي شارك فيها الأمين السياسي للمؤتمر الوطني الحاج آدم الذي أضفت مشاركته علي الندوة طابع الاهمية ،بينما سجلت حكومة النيل الأبيض بمن فيها معتمد محلية الدويم غيابا أثار الدهشه، قابله البعض تندرا مشيرين الي ان الندوة اذا كان نائب رئيس الحزب الدكتور نافع علي نافع متحدثا فيها لحضرت حكومة الولاية بكامل هيئهتا. من خلال الندوة خاطب الدكتور الحاج آدم الطلاب مشيرا الي أنهم في مرحلة تشكل الرؤي السياسية ،وطالبهم بضرورة الجنوح دوما الي لغة الحوار وتقبل رأي الطرف الاخر ،وقال إنهم في المؤتمر الوطني حريصون علي سماع كل الاصوات والآراء من مختلف القوي السياسية ،موجها الطلاب المنتمين لحزبه بالجامعة بالانفتاح علي طلاب الاحزاب الاخري وعدم الاعتقاد (انهم أسياد البلد) ،مشيرا الي ضرورة ان يكون الحوار عبر القول والابتعاد عن افعال العنف واثارة النعرات القبلية والاساءات الشخصية ،لافتا النظر الي أن العنف في الحوار ممارسة غير راشدة ومتخلفة ،وأكد عدم تعرض من يوجه نقد اويجهر برأيه ضد الحكومة للاعتقال من قبل الاجهزة الأمنية ،وكشف عن استراتيجية حزبه للمرحلة القادمة وقال :طوال العقود الماضية اتسمت السياسة السودانية بالعنف ولم تخرج عن نطاق دائرة الانقلابات علي الشرعية ،وهذه الممارسة لم تصب في مصلحة الوطن والمواطن ،لذا لابد من من التفاكر والتحاور الموضوعي بين كل القوي السياسية للوصول الي صيغة تفاهم تفضي الي أن الحاكمية يجب ان تكون للشعب في إختيار من يحكمه، وان تحترم كلمته ،والوقت حسب تقديري قد حان لنتفق أن يكون الشعب هو المرجعية لتقرير مصير البلد وفق ممارسة ديمقراطية تتسم بالحرية والنزاهه ،ويضيف:طوال الخمسين عاما الماضية ظل الخلاف سيد الموقف خاصة بين الجنوب والشمال وغاب التحاور والذي عندما اختار المؤتمر الوطني والحركة الشعبية طريقه نجحا في إيقاف حرب فشلت البندقية في حسمها،ورغم أننا حزينون علي النتيجة التي أفضي اليها هذا الحوار، ففي ذات الوقت سعداء لتوقف جريان أنهار الدم التي سالت لوقت ليس بالقصير بين شطري السودان ،وقال إن الحوار الذي أجراه الحزب الحاكم مع عدد من الحركات قاد لإتفاقيات شابها بعض القصور لعدم مواصلة الحوار والاستعاضة عنه بالمناكفات ،وهذا يعود لعدم توفر الثقة بين الاطراف المختلفة ، وضرب الدكتور مثلا بأهمية الحوار والتفاكر،وقال ان مسألة الإقليم الواحد والولايات الخمس كانت مثار خلاف بين أبناء دارفور بالمؤتمر الوطني ولكن في النهاية رفض 90% منهم فكرة الاقليم الواحد ،وأن صحاب الرأي الاخر احترموا رؤية المجموعة ،وقال انه حتي الرافضون لفكرة الأقليم سيحترمون في النهاية مايقرره اهل الاقليم ،ويضيف:نحن أكثر جدية كمؤتمر وطني في عقد لقاءات واجراء حوارات مع مختلف القوة السياسية خلال المرحلة المقبلة وذلك لجمع شتات الافكار والرؤي المختلفة من اجل الوصول الي دستور متفق عليه،وأعتقد ان كرسي الحكم اذا لم يتسع للجميع من الممكن ان تنفذ الافكار والاراء المطروحه من الأحزاب المختلفة . وكان الطلاب من مختلف التنظيمات قد طرحوا أسئلة ساخنة حول موضوعات مختلفة علي الدكتور الحاج آدم أجاب عنها بهدوء عمد من خلاله إرسال رسالة الي الطلاب مفادها ضرورة تقبل الرأي الاخر والرد عليه بمنطق وموضوعية ،واعترف خلال اجابته بتلبد سماء الساحه السياسية بغيوم الخلافات ،معتبرا ان الخلافات أمر طبيعي غير انه اكد تحملهم كحزب حاكم مسؤولية تنقية الاجواء عبر الحوار. وحول تراجع مستوي التعليم الجامعي أعترف بذلك وارجعه لجملة من الاسباب علي رأسها سياسة الدولة الرامية لأن يتعلم الجميع ووصف هذه السياسة بالجيدة وذلك لأنها لاتحصر التعليم الجامعي علي جامعة الخرطوم فقط مثلما كان في الماضي ،واقر بوجود ظاهرة تعاطي المخدرات بالجامعات التي وصفها بالوباء الذي يحتاج لتضافر الجهود لمكافحته ،ومن خلال رده علي اسئلة الطلاب أكد سعادتهم بالثورات التصحيحة التي انتظمت عددا من الدول العربية ،ونفي تخوفهم من تمددها الي السودان ليس لامتلاكهم القوة الامنية ، ولكن لان الشعب لايريد التغيير بل طالب فقط بتحسين اوضاعه المعيشيه ،وقال إن إرادة الشعوب أقوي من الاجهزة الامنية وان هذا الامر وضح جليا بتونس ومصر ،وأكد أنهم يبحثون عن وحدة كل السودانيين وليس الاسلاميين فقط وذلك عن طريق الاصغاء لكل وجهات النظر ،وجدد التأكيد علي محاربة الفساد وقال انهم كمؤتمر وطني لايبرأون أنفسهم من هذه التهمة ،بيد انه اكد تصديهم للفساد والمفسدين وقال انهم بشر في النهاية ،ونفي وجود صراع داخل المؤتمر الوطني ووصف مايحدث بالتباين في وجهات النظر بين افراد ،وأقر بوجود تمايز عرقي بالسودان ولكنه ليس من فعل الدولة أوالمؤتمر الوطني . وكان الأمين العام لأحزاب حكومة الوحدة الوطنية الدكتور الأمين عبد القادر أكد خلال الندوة ضرورة الحوار بين الاحزاب السياسية وحتي علي صعيد طلاب الجامعات وكافة شرائح المجتمع وذلك من اجل الوصول الي صيغة تراضٍ تسهم في وضع حد للصراعات والخلافات التي ظلت تميز المشهد السوداني على الاصعدة كافة.