ماهو دور الصحافة؟ لست هنا أطلب من الزملاء الصحافيين أو من القارئ الكريم إجابة، لأن الدور المباشر للصحافة الذي لا يغوص في تعريفات العلم المتنوعة أنها «سلطة»، تأتي بعد السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، فإن هي لم تنهض بهذا الدور أي الدور الرقابي على السلطات الثلاث فليس جديراً أن يقال عنها «صحافة»، فالصحافة كصحافة يجب أن تكون من صنع المجتمع، وإحدى الوسائله لتحقيق اهدافه، غير أن الحقيقة التي لا مراء فيها أن الصحافة عندنا وفي المنطقة عموما ليست سلطة، لا رابعة ولا خامسة ولا عاشرة حتى، ذلك أنها تحاول مافتئت أن تستمد مشروعية وجودها وعملها من السلطات لا من الشعب. والصحافة في إضطلاعها بدورها الطليعي يمكنها أن تحدث تغييراً حقيقياً، فصحفي واحد يستطيع خلال عمله كشف بؤر الفساد والفاسدين وقلب الطاولة عليهم، وصحفية يمكنها فعل الشيء ذاته بكشف القصور في أداء القطاعات الصحية أو الخدمية، وتنجح بالتالي في تغيير ظروف حياة الآلاف من الناس، وهكذا، فما هو نوع الصحفي الذي نحتاجه لكي نرى صحفيا سودانيا يقوم بواجبه المهني والوظيفي دفاعاً عن قضايا الجماهير؟ الصحفي الذي نريده يملك الحق الكامل في الحصول على المعلومات، فلا يجلس في مكاتب العلاقات العامة في الدوائر الحكومية والشركات مندوباً عنها لدى صحيفته، بل عليه أن يقف في غرف الصادر والوارد والأرشيف والمخازن، صحفي لا يتصفح التقارير السنوية لهذه الجهات، بل ينقّب في الملفات والمعاملات والمراسلات وعقودات البيع والشراء، فالتقارير السنوية المطبوعة في كتيبات من الورق المقوى لا تشبع نهم الصحفي الحر الذي يبحث عن نوع آخر من التقارير، الصحفي الذي نريد، يملك الحقّ الكامل في نشر المعلومات التي يتحصل عليها، و يملك كذلك الشجاعة ليقول للمسيء أسأت، ولا يبحث عن مبررات لقصور الأداء ليحصل على كسب ذاتي، الصحفي الذي نريد يخبرنا «من قام بهذا العمل» وليس فقط «ما الذي حدث»، فهل ترى أن النفر من الصحفيين الذين أجتمعوا إلى السيد والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر ليحضروا وينقلوا لجماهير الولاية العطشى ما دار في اجتماع الوالي كانوا يمثلون الضمير الصحفي الحر؟... أنا لا أطلب إجابة، ولا القراء يطلبونها، لكن يجب أن يعرفوا أنهم عراة الآن أمام الحقيقة، والتاريخ...