كغيرى من الذين تعرفوا على تاريخ دارفور من المقرارات الدراسية ، كنت أعتقد أن حكام سلطنة دارفور هم فقط كل من السلطان سليمان سولنج والسلطان تيراب والسلطان عبدالرحمن الرشيد و لاتحفظ الذاكرة العامة غيرهم ، طبعاً نستثنى من هذا التعميم دارسى التاريخ والباحثين فى متاهاته ، لكن بعد قراءتى لبعض الكتب التاريخية وجدت أن تاريخ الإقليم يحتشد بالسلاطين من الذين كان لهم الأثر الكبير فى تحديد واقع إقليم دارفور اليوم ، لتقف حقائق التاريخ سداً أمام كل محاولات تفتيته وتقسيمه إلى أقاليم صغيرة لا تقوى على مجابهة تحديات الحياة العصرية ، قاتلوا قتالاً مريراً من أجل توحيد دارفور تحت قيادة واحدة ، الأمر الذى جعل من الإقليم دولةً معروفة ومتطورة بمعايير ذلك الزمان لديها علاقات واسعة مع العالم الخارجى فى ذلك التاريخ السحيق ، لفائدة القارئ غير المعنى بدراسة أعمق لحقائق التاريخ نورد بتصرف هذه الحلقات باسم سلاطين حكموا إقليم دارفور من كتاب صفحات من تاريخ دارفور للأستاذ محمد موسى : من جولاتنا في الأجواء الغامضة في تاريخ دارفور القديم نخرج - وعسانا أن نسلم من العثرات - بأن السلطان سليمان سولونج «1640 - 1670م» كان أظهر وأشهر رجل في زمنه. وكما ذكرنا سابقاً، أن خلافاً نشأ في أسرة الكيرا، الأمر الذي جعل سليمان يعيش في دار المساليت مدة من الزمن، ثم عاد واستولي على الحكم في السلطنة الصغيرة الضيقة، وتولي باقتدار قيادة رعاياه، وظهرت مواهبه الإدارية والحربية، واستطاع بما لديه من قوة أن يحبط محاولة قام بها التنجر لاسترداد ملكهم الذي فقدوه، وتحالف - كما قيل - مع العرب وضمهم إلي صفه، في حروباته وهم عرب الهبانية والرزيقات والمسيرية، والتعايشة وبني هلبة والمعالية، في الجنوب، ومع الحمر في الشرق والزيادية في الشمال، ومع المهرية والمحاميد، وبني حسين في الغرب. وقد استطاع السلطان سليمان سولونج، بتحالفه مع العرب أن يخضع ملوك قبائل: المراريت والمساليت في الغرب، والزغاوة في الشمال، والبرقد والتنجر والبيقو في الجنوب والشرق، وقيل إنه خاض ثلاثاً وثلاثين معركة، حتى تم له ما أراد لأنه كان محارباً من الطراز الأول، وقد اتسعت سلطنته بدرجة ملحوظة. وبعد ذلك غزا عرب بني جرار، في غرب إقليم كردفان، وفي تلك الغزوة وقع بعض أتباعه في أيدي خصومه أسري. كان السلطان سليمان سولونج، جاداً في نشر وتعميم الإسلام في دارفور، التي لم يكن كل سكانها من المسلمين. وقد ذكر نعوم شقير أن سلاطين المجوس، كانوا سبعة، وملوك المسلمين، كان عددهم عشرين ملكاً، وأن أولئك الملوك كانوا موزعين في أنحاء دارفور، وذكر أيضاً إن كل ممالك المسلمين وممالك المجوس خضعوا لحكمه. كان السلطان سليمان سولونج، مسلماً متحمساً، خدمته الظروف وساعدته مقدرته وكفاءته، على التمكن والسيطرة على أراضي كثيرة، وذاع صيته كرجل محارب وسلطان قدير. وباعتباره سلطاناً مسلماً، جعل الإسلام الدين الرسمي للسلطنة، وحارب بدون تهاون أو هوادة، ملوك الوثنية، وأدخل بعضهم في الإسلام، طوعاً أو كرهاً، كما فعل بالملك «دكومي» ملك التموركة، وهم فرع كبير من الفور، وقد كان هذا الملك وثنياً ثم أسلم ومعه ألف من الناس . وكان السلطان سليمان سولونج - صاحب البر والإحسان - كما يلقبه أحفاده، رجلاً متديناً، عمل على نشر الإسلام، وبني المساجد للعبادة، وأقام الخلاوي لتعليم القرآن، وعلوم الدين، ورغب الناس في الدين بالهدايا والألطاف، وأرهب المعرضين والمعارضين. وفي عهده أزداد عدد المسلمين زيادة واضحة، في كل البلاد. وأصبح الدين يؤثر في سلوك الناس، وتقاليدهم الموروثة، ولكن في بطء. وقد بدأت جماعات من الأسر الدينية، تدخل دارفور في زمنه مثل الجوامعة الذين قالوا: إن جدهم الأكبر حامد بن عبد الله، وفد إلي دارفور، بدعوة من السلطان سليمان سولونج، وهم جوامعة «ازقرفا». وأسرة الفكي إدريس، الذي جاء من أرض النيل، إلي «طرة» حيث كان يعيش السلطان، وصار إماماً في جامع السلطان، ومعلماً للناس أمور الدين. وقد ظل أبناؤه وأحفاده من بعده، يتوارثون الأعمال الدينية في «طرة» جيلاً بعد جيل. لعل السلطان سليمان سولونج، بعد أن أخضع الممالك الصغيرة لحكمه، لعله هو الذي ابتدع نظام نواب السلطان، الذين يحكمون في البلاد باسمه نيابة عنه. ونشطت التجارة في زمنه، واتسعت، فكانت تذهب من دارفور، حتى أرض النيل، وتجلب الخيل الجياد، وإلي مصر، وتجلب الأسلحة ومعدات الحرب، وغيرها من السلع الممتازة في وقتها، كما تصدر إليها أنواعاً من منتوجات دارفور. وسليمان سولونج الذي يعده المؤرخون، مؤسس سلطنة دارفور الإسلامية، هو رجل لم يتفق الكتاب على الزمن الذي حكم فيه دارفور. فقد ذكر الدكتور يوسف فضل، اختلاف أقوال الكتاب فيه، حيث يستفاد من قول «براون» أن سليمان سولونج حكم في الفترة من 1640م إلي 1660م، ويوافقه التونسي في بداية حكمه «ودي كادلفان»، يحدد أن عام 1688م هو بداية حكمه و«ناختيقال» يحدد بدء حكه بعام 1596م، وشقير الذي اعتبره سليمان الثاني، سجل أنه حكم في الفترة من عام 1695م إلي عام 1715م. وبعد كل ما تقدم ذكر الدكتور يوسف فضل أنه يميل إلي قبول ما ذهب إليه «براون» والتونسي، من أن عهد سليمان ازدهر عام 1640م أو نحوه ، ونحن نعتبر قائمة أو جدول التونسي هو المعتمد عليه. بعد موت السلطان سيمان سولونج، تولي الحكم بعده ابنه السلطان موسي «1670 - 1682م» . غير أنه لم يعرف عنه الكثير، مثل والده، ولعله لم يكن يحظى بشهرة والده. وقد عاش في «نامي» بمنطقة طرة. عاش ناعم البال، مطمئن النفس سعيداً بحكمه، محباً للراحة واسلم، بيد أن الظروف أجبرته ليخوض حروباً عنيفة ضد القمر ، الذين يسكنون في الجهات الغربية من إقليم دارفور. غير أنه لم يحرز نجاحاً يذكر . وقالت الروايات: إن السلطان موسى فقد عرشه لفترة من الزمن، ثم أعاده، ولا نعرف السبب في ذلك ولا نعلم من الذي طرده وحل محله، كما لا ندري كيف أعاده؟ وقالت الروايات أيضاً: إن الأمير جنقل المسبعاوي، غزا دارفور، بقصد الإطاحة بالسلطان موسى، ولكنه هُزم في «تنة» و«كوننق» في منطقة غرب جبل مرة ، وربما لم يتمكن الأمير جنقل، من أن يتوغل في دارفور، حتى يصل غرب جبل مرة، إلا بسبب خلو العرش من صاحبه. ولعلها هي الفترة التي فقد فيها السلطان موسى عرشه. وعلى أية حال عاد السلطان موسى إلي عرشه، ثم غزا المسبعات في عقر دارهم، في كردفان، بعد هزيمتهم في دارفور. وكذلك أزعج الفونج، وهدد وجودهم في شرق كردفان بالزوال، حتى جاء وقت، كانت كلمته هي الأولي في البلاد. ورجع السلطان موسى إلي دارفور، وبرجوعه خلا الجو للفونج والمسبعات في كردفان. قيل: كان السلطان موسى حاكماً عادلاً محسناً، وإدارياً يقظاً، وأنه هو الذي غيّر أو عدّل من نظام الحكم الذي كان يعتمد على استخدام نواب السلطان، من أبناء زعماء القبائل، في حكم أهلهم، عندما ظهر عدم إخلاصهم له ونزوعهم إلي الاستقلال بحكم مناطقهم. وابتدع نظام تقسيم البلاد إلي أقسام، يحكم كل قسم والي ذو لقب معروف .