حزب الوفد حزب المصري من أعرق الأحزاب المصرية ، حيث أسس في 1918م، وكان حزب الأغلبية قبل ثورة 23 يوليو، التي أنهت عهد الملكية، وحولت البلاد إلى النظام الجمهوري، ولم يعد الحزب إلى نشاطه السياسي إلا في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، بعد سماحه بالتعددية الحزبية. ويعد سعد زغلول المؤسس الأول لحزب الوفد ومن أشد أنصار تحرير المرأة، ومن رموز الحزب عبد الخالق ثروت ومصطفى النحاس باشا ،وفؤاد سراج الدين ويعتبر الحزب العجوز من المنادين بالوحدة بين مصر والسودان،وللنحاس باشا حديث شهير «تقطع يدي ولا يقتطع السودان من مصر» فكان من المطالبين باستمرار التاج المصري على بلادنا. وفي السادس من مايو الجاري وصل الخرطوم وفد مصري يضم ممثلي قوى سياسية على رأسه زعيم حزب الوفد الدكتور السيد البدوي، فهللت حكومتنا وحزبها لذلك ،وعقد الوفد لقاءات مع المسؤولين في الدولة وقادة الحكم أبرزهم الرئيس عمر البشير ونائبه علي عثمان محمد طه ،وبعد اللقاء مع طه خرج بدوي فرحا للصحافيين معلنا موافقة نائب الرئيس على تخصيص مليون فدان لمصر بسعر رمزي في الولاية الشمالية باسم حزب الوفد.،وأثار ذلك جدلا سياسيا وصحفيا واسعا وطرح تساؤلات حائرة. في اليوم التالي نفى المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية ما ذكره بدوي لوسائل الإعلام حول موافقة نائب رئيس الجمهورية على تخصيص مليون فدان لمصر بسعر رمزي في الولاية الشمالية باسم حزب الوفد، وذكر بيان صادر عن المكتب أن الخبر يجافي الحقيقة تماماً، واضاف البيان أن نائب رئيس الجمهورية لم يعلن أو يوجه بتخصيص أية أرضٍ، إذ أن الأمر في هذا الشأن لا بد أن يأخذ مساره عبر أجهزة الدولة المعنية لدراسته، والتوصية بشأنه على ضوء ما يتقدم به الطرف الآخر من طرح. وفي جوبا عقب لقاء الوفد المصري مع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت خرج البدوي منتشيا كذلك وكشف عن إقامة جامعة مصرية خاصة في جوبا ومصنع للأدوية ليس هدية وإنما استثمار لرجل الأعمال وزعيم الحزب.ومن المعروف أن البدوي وكيل شركة دواء كبيرة في الشرق الأوسط وله وكيل فرعي في الخرطوم. وكان لافتا أن السفارة المصرية والقنصلية في الخرطوم تجاهلتا تماما زيارة الوفد وهو أمر مستغرب ..،نعم هو وفد شعبي ولكنه مصري فكان من الطبيعي أن تهتم السفارة والقنصلية به ولكن ذلك لم يحدث مما أثار علامات استفهام تفسرها السطور التالية. فقد نقلت صحيفة «الجمهورية» القاهرية الصادرة أمس أن مصادر داخل حزب الوفد قالت إن خلافاً شديدا وقع بين مصطفي الجندي عضو الهيئة العليا ووفد الدبلوماسية الشعبية مع الدكتور السيد البدوي علي خلفية رحلة الوفد الشعبي إلى السودان واتهام البدوي بأنه استغل الرحلة لتحقيق أهداف تجارية. وقال بيان للدبلوماسية الشعبية إن رحلة السودان ليست لها علاقة بالدبلوماسية الشعبية التي انفرد بها حزب الوفد ورئيسه مع كل التقدير للشعب السوداني الشقيق الذي يجد مع مصر وجميع شعوب حوض النيل طموحات وآمالا كبري في مستقبل مزدهر «وهو ما ينطوي على هجوم صريح على حزب الوفد وقياداته وفي مقدمته الدكتور السيد البدوي». ولكن السيد البدوى، لا يزال متمسكا بموقفه رغم نفي القصر الرئاسي في الخرطوم فقد جدد في تصريح أمس الأحد في القاهرة أنه سوف يتم توزيع المليون فدان التي حصل عليها الحزب من السودان على فلاحى البلدين بالمجان، على أن يتولى الحزب سداد ثمن الأرض، وذهب البدوي محددا موقع المشروع والمحاصيل التي سيزرعها وقال إن موقع المليون فدان يبعد 400 كيلومتر عن مدينة أسوان المصرية ووصفها بأنها أرض خصبة ومهيأة لزراعة القمح والنباتات العطرية، وأن الدكتور مصطفى الجندي، وزير شؤون السودان وأفريقيا بحكومة الظل بحزب الوفد، سيتولى الإشراف الكامل على المشروع. ماذا تبقى .؟ الأمر لا يحتاج إلى شرح وتفسير ،والصورة تبدو واضحة تماما .. فالسودان لا يزال عند بعض الساسة في مصر الحديقة الخلفية وان لم يعد ممكنا عودة التاج المصري فإن شعبه وقادته يمكن خداعهم واستغفالهم،ولكن ذلك لا يهمنا ،فهذا شأنهم ولكن إلى متى نتعامل ب «طيبة» يحسبونها عبطا..؟؟ .