وها هي الأستاذة سامية أحمد محمد نائبة رئيس البرلمان تصرخ بأعلى صوتها تحت قبة البرلمان لتقول: إن البحث العلمي يُحْتَضَرُ..!! وكيف لا يُحْتَضَرُ البحث العلمي والمواطن عباس بخيت يخترع طائرة مروحية في ثمانية عشر شهراً وينفق عليها ستة وعشرين ألفاً من الجنيهات، ثم لا يجد مكاناً يعرض فيه طائرته سوى حدائق الفتيحاب! ولماذا لا يُحْتَضَرُ البحث العلمي ونحن لا نستفيد من ابتكارات علمائنا ومخترعينا؟! بل نتركها لغيرنا. فالدكتور السوداني طارق مصطفى أرباب اكتشف علاجاً للسكري وحصل على براءة اختراعه من بريطانيا وأمريكا.. فمن الذي استفاد من ذلك الدواء؟ لقد تمّ تسجيله في الإمارات العربية المتحدة ليوزع بواسطة شركة فارما لنك للأدوية..!! والمهندس الهادي آدم محمد اخترع جهازاً لتنقية المياه الملوثة، ويستخدم ذلك الجهاز الآن بمحطات التنقية بنيجريا بينما يموت الناس في بلادنا بسبب تلوث المياه..!! أما الأستاذ بجامعة مانشستر شمس الدين إسماعيل فهو أول أفريقي وعربي يُمنح عضوية الكلية الزراعية الملكية، وذلك لاختراعه آلة زراعية تقوم بكل العمليات الزراعية دفعة واحدة! ومازلنا نتحدث عن فشل المواسم الزراعية، والتقاوى الفاسدة، واعتقال مدير مشروع القاش، والاستعانة بالمصريين لزراعة مليون فدان..!! وهناك الباحث محمد مدني الطيب الذي نال درع جامعة الدول العربية بعد منافسة حامية مع «547» مخترعاً من الدول العربية، وذلك لاختراعه جهاز «مصائد البعوض» ذلك الجهاز العجيب الذي يعمل على جذب البعوض من مسافات بعيدة، ولديه مخترع آخر لتبريد الأسرّة في فناء المنزل ولا يستهلك من الكهرباء سوى ربع جنيه! فهل يُعقل أن يعيش بيننا مثل هذا المخترع العظيم ونحن نعاني من لسعات البعوض وسخانة الجو..؟! ويعيش بيننا أيضاً المخترع محمد عثمان أرصد الحائز على الجائزة الثانية في مسابقة نجوم العلوم بدولة قطر لاختراعه جهاز «أرصد» لاختبار جودة وصلاحية زيوت الطعام..!! وكذلك الشاب محمد أحمد محجوب شلال الفائز بذهبية المسابقة الدولية للاختراعات المنفذة بواسطة الحاسوب ببكين، لاختراعه ماكينة إعداد كراسات الشهادة السودانية للتصحيح، فقد فاز في تلك المسابقة التي شاركت فيها «86» دولة وشاركت الصين وحدها بأكثر من «300» اختراع! وبعد كل ذلك نستورد المنتجات الصينية ولا نهتم باختراعه الذي يمكن أن يُستخدم في المكاتب الحكومية وعمليات الإحصاء..!! والأستاذ محمد عثمان بلولة المعيد بكلية هندسة المعدات الطبية بجامعة عجمان، اخترع جهازاً لمراقبة مرضى السكري عن بعد، فمن من مرضانا يستخدم ذلك الجهاز العظيم؟ وكذلك المهندس محمد يونس محمد شجر الذي حصل على الجائزة الأولى بالمعرض الدولي الثاني للاختراع بالشرق الأوسط، والميدالية الذهبية عن اختراعه لقفاز يعمل على تطوير لغة الاشارة العربية الى صوت منطوق، كما حاز المخترع سامي فتحي علي خليل على الميدالية الذهبية الثانية عن اختراعه لجهاز إلكتروني لمساعدة الكفيف على قراءة النصوص العربية من الحاسوب! فأين مكفوفو السودان من هذين الاختراعين المفيدين..؟! الاختراعات السودانية كثيرة، ويمكننا أن نؤلف عنها كتاباً كاملاً، إذا ضمنّا أن وزارة العلوم والتكنلوجيا ستتكفل به! فهنالك أكثر من «2000» براءة اختراع مسجلة بوزارة العدل دون أن تجد اهتماماً وتشجيعاً من الدولة..!! والمخترعون السودانيون يعانون معاناة مريرة، فهم لا يملكون مقراً لاتحادهم الذي لم يتم تسجيله حتى الآن! ورجال الأعمال في بلادنا لا يدعمون سوى الفرق الرياضية والحفلات الغنائية، فلو قامت كل شركة كبرى بتمويل البحوث المتعلقة بمجالها، لانعكس ذلك انتاجاً وفيراً عليها وعلى البلاد..!! أما تلفزيوننا وقنواتنا الفضائية فلا هم لهم سوى الغناء والموسيقى والثرثرة مع الضيوف! ناسين أن أكثر البرامج مشاهدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية هو برنامج المخترعين الأمريكيين.. فالأمم تتطور بعلمائها وليس بالغناء والثرثرة..!!