والصورة التي تحمل في اطارها عصاة دينق مجوك وبابو نمر ترسم لوحة التعايش في الزمن الذي مضي من حياة ناس جعلهم القدر يكونون معا يقتسمون ما تجود به الارض من خيرات ويتبادلون علاج ما يستعصي من امور نزاعا يأتي سابقا لاقدام الابقار في رحلتها الموسمية التي تنتهي لتبدأ في رحاب وطن كان حتي التاسع من يناير واحدا لم تطال خارطته بعد سياسة التقسيم المصيري واستفتاء عمن نحن وماهي حدودنا واي الخيارين نختار ان نمضي الي الجنوب بدولته الوليدة باوجاعها ام نبقي رهنا لرهق الشمال غير المنتهي ام نظل كما نحن وكما نريد، وان بقيت الحقيقة الماثلة ان الاوجاع الجنوبية والرهق الشمالي تلقي بأحمالها في أبيي التنازع غير المنقضي والرصاص الان صار لغة التفاهم بين الجانبين او لنكن اكثر دقة دولة الشمال الام او الدولة المنفصلة عنها في جنوبها وقضايا التشابك تزداد تعقيدا والتاسع من يوليو يمد ايامه التي تطوي الارض تحتها وان كانت الارض الان قد اشتعلت دماء والغابات احتراقا بدأه الجيش الشعبي بكمينه الذي راح ضحيته وفقا للتقارير الاولية 22 فردا من منسوبي القوات المسلحة التي ردت في اليوم الثاني عبر آلياتها في المنطقة التي اصبحت ساحة للحرب، هكذا اعلن الجيش في وصفه للمنطقة وتعد الامر مرحلة الوصف الي مرحلة الفعل الحقيقي وهو امر كانت له تأثيراته علي مستويات اخري تعلقت بمغادرة الاهالي للمنطقة واتجاههم جنوبا ولسنا بصدد نقاش من السبب في اندلاع الأزمة بقدر ما ان السؤال الموضوعي يتعلق وثم ماذا بعد ذلك، اي ان الامر يتجاوز حالة التصعيد الاني في أبيي المتنازع عليها الي ما هو مستقبل الاوضاع في السودان بجزئيه الشمالي والجنوبي وتأثيرات الامر علي عملية المفاوضات الجارية الان في اديس وعلاقات ما بعد التاسع من يوليو بعد اعلان الدولة الجديدةبالجنوب وتأثيراتها ايضا علي عملية التعاطي مع الملفات العالقة بين الطرفين والتي حتما ستتأثر بارتفاع صدي الرصاص الان ، هذا بجانب مواقف من يقتسمون المنطقة الان بخلافاتهم ومواقفهم من لاهاي مع اضافة عامل اخر يتعلق بنهاية انتخابات جنوب كردفان وما افرزته علي الارض وموقف المجتمع الدولي وبعثته الاممية، مصدر الخلاف الاخر بين الاستمرار وعدمه بين الجانبين والتفويض وفقا للبند السادس وامكانية انتقاله للبند السابع في ظل ارتفاع حدة التوتر والذي تم التحذير منه، وموقف المسيرية ورحلاتهم مع اقتراب زمانها، والدينكا وفرضية الارض المختلف حولها والاستفتاء لتحديد الي اين تتبع المنطقة، كل تلك القضايا المتشابكة والمعقدة يضاف لها تعقيد وضع الحرب الان والمنطقة تجعل من قراءة مستقبل السودان رهينا بها كلها وبتداعيات اخري، البعض ينظر للامر من خلال منظار اسود او واقعي، يقول ان هذا التصعيد الاني في أبيي لن يكون حصرا فقط علي المنطقة بل سيتجاوزها الي مناطق اخري في السودان وعلي بقية القضايا ، وفي هذا الجانب يشير الدكتور محمد حمدنا الله عبد الحافظ استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين والذي تحدث للصحافة عبر التلفون ان ما حدث الان كان متوقعا في ظل عدم وضوح الرؤية حول هذه القضية منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل وتداعياتها المستقبلية وصولا الي قرارات التحكيم في لاهاي والتي جاءت ايضا عقب مواجهات ظلت هي وسيط التعاطي مع الملف منذ انفجاره ، وان الذي حدث الان كان امرا ماثلا منذ البدايات ، لكن والحديث لحمدنا الله فان الامر لن يكون حكرا فقط علي أبيي تلك المساحة الجغرافية بل سيتجاوزها الي مناطق اخري في السودان وستكون له تأثيراته علي بقية القضايا المختلف حولها والتي لم تحسم بعد وسيكون له ايضا تأثيره علي مواطني الدولتين الجنوبيين بالشمال والشماليين بالجنوب ، «وهو ما بدا واضحا لي وشوارع الخرطوم اليوم بناسها لا تردد سوي موقف الجيش والحرب التي عادت في حين لم تكن شوارع جوبا استثناء عن ذلك. ومحدثي في الهاتف ينقل لي ان الجميع هنا يحس وكأن الحرب قد عادت من جديد»، وهو الامر الذي يقول عنه عبد الحافظ كانك يا ابا زيد لم توقع علي اتفاقية السلام بالانفصال المترتب عنها وهو ما يبدو اسوأ السيناريوهات المتوقعة والتي حذر منها كثيرون قبل النتيجة، لنترك هذا السيناريو الان ونمضي نحو سيناريو اخر يتعلق بمستقبل مفاوضات الشريكين المنعقدة الان في اديس اباب والمتكتم عليها ، فان الامر سيتأثر سلبا بحالة الاحتقان الدائر وربما يعود الناس الي المحطة الاولي برغم ان الاخبار الواردة من هناك تقول ان ثمة اختراق لبعض القضايا يمضي بخطي بطيئة يدعمه انه وحتي الان لم يعلن اي من الطرفين الانسحاب من المفاوضات وفقا لنظرية ان للساسة حساباتهم وكذلك للجيش حسابات اخري ، فالفريقان الان هناك ينكبان علي اوراق تفاوضهم وقضاياهم، بل ان الحركة الشعبية اعلنت استمرار فريقها المفاوض في اديس، بعد ان اعلن وزير اعلامها برنابا دعوة حكومته للتهدئة وضبط النفس الا ان سيناريو السيناريوهات يبدو في خطوة الاممالمتحدة ومستقبل بعثتها في السودان في وقت يمثل فيه التاسع من يناير انتهاء التفويض الممنوح لها والمتعلق بانتهاء اجل نيفاشا باعلان حكومة الجنوب وبرفض التمديد ليونميس بحسب اعلان حكومة الشمال وارهاصات البند السابع وتجديد التفويض، فالبعثة التي اعلنت ان الحركة قد خرقت الاتفاقية بخطوتها الاخيرة بل ان مسؤوليها طالبوا الجيش السوداني بتوفير الحماية له من تلك الخروقات المتكررة ، وسيناريو اممي اخر يتعلق هذه المرة بمجلس الامن والذي اعلن انه سيعقد اجتماعه في منطقتي أبيي وكادقلي، امر تداخل مع نتيجة الانتخابات هناك بفوز هارون المطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية ، والتراشق الاعلامي مع الحكومة التي طالبته باحترام شرعية الرجل الانتخابية والدستورية، وهو امر لا يمكن حدوثه الان في ظل الاوضاع الامنية في المنطقة، وهي ما جعلت مجلس الامن يعلن عن عدم زيارته لأبيي وكادوقلي والاكتفاء بخارطة طريق جديدة تبدأ من واو وتنتهي في جوبا ،اي ستكون الزيارة بعيدة عن التهاب أبيي دون ان تغب أبيي بالطبع عن جدلها وفي نقطة استقر فيها ممثلوه وهو سيناريو قد لايبدو بعيدا عن سيناريو اخر سيكون موقعه هذه المرة داخل اراضي أبيي بين ابناء الناظر بابو نمر والسلطان دينق مجوك واداة حسمه تبدو في قرار اخر للمنظمة الدولية عبر جهازها القضائي محكمة التحكيم في لاهاي، وحالة اخري من اختلاف وجهات النظر بين مرحبين بالقرار ورافضين له وفقا لمؤشرات الارض التي قالوا انهم امام خيارين اما فوقها او تحتها، والاستفتاء سيناريو ما زال مجهولا ولا احد يعلم متي قراره، اذاً تلك هي السيناريوهات الانية والمستقبلية في منطقة أبيي المتنازع حولها بين دولتين ذاك هو التعبير الاكثر وضوحا بعد انتقالها من نزاع يتخذ الطبيعة الداخلية في دولة واحدة والامر بحسب كثيرين ستكون له تبعاته علي مستوي الشمال والجنوب وتشابكات قضية دارفور ونزاع جبال النوبة ما بعد الانتخابات وغيرها واشهار الاسلحة الان بدباباتها وازيز طائرات الهيلوكوبتر تحمل في جوفها الموت للجميع دون وجود كاسب حقيقي فالجنوب بأزماته ومشاكل بداية التكوين ليست في حاجة للدخول في سيناريو حرب وشمال ما بعد الانفصال ينطبق عليه نفس الحال مما يعني بالضرورة السعي لايجاد طريق ثالث من بين براثن الجيوش المتصارعة في حقول أبيي التي غادرها اهلها. القيادي بالتيار العام بحزب الامة القومي انضم لركب الامام الصادق رئيس حزب الامة القومي الذي طالب الطرفين بالتهدئة وضبط النفس تجاوزا للعودة لمربع الصفر ودفع القيادي بالتيار العام موسى مادبو باقتراح قال انه يمثل خارطة الطريق الوحيدة للخروج من عنق زجاجة الحرب التي قال انها لن تكون محصورة فقط في أبيي وستشمل كل السودان، وتمثل اقتراحه في ضرورة جعل أبيي منطقة تكامل بين الشمال والجنوب اسوة بما حدث في حلايب، وهو الامر الذي يمكن ان يكون الخيار الوحيد المتاح الان، مشيرا ان اي شكل من التصعيد غير مرغوب فيه الان وانه لن يكون حبيسا فقط في أبيي وانما ستدخل فيه مناطق اخري وستجعل علاقات الدولتين تنطلق من توتر سيهدد كل المنطقة الا ان سيناريو التكامل المطروح من قبل مادبو سيلقي مثل غيره في عملية التطبيق مجموعة من المعوقات التي تعترض طريقه وعملية تنفيذه علي ارض الواقع الميداني الا ان اسوأ السيناريوهات هي ما يحدث الان من تنازع مسلح بين الطرفين تبقي عملية حسمه ميدانيا اشبه بالذي حدث في سنوات نزاع النصف قرن والتي انتهت بهدنة نيفاشا التي لم تنجح في اصلاح ما افسده الدهر منذ الاستقلال وحتي الانفصال ، في المقابل فان كثيرين يرون ان سيناريوهات ما بعد الرصاص ما تزال ايامها حبلي بالكثير المثير، وان كانت امنيات الجميع هي ان تقف الأزمة في تلك المحطة من الضحايا فهل تتحقق امنياتهم ام ان ليل النزال ما زال طفلا يحبو ؟؟؟