ذهب اغلب المحللين لعملية السلام الشامل الموسومة بنيفاشا الي التكهن بأن بروتوكولات المناطق الثلاث الملحقة بالاتفاقية إنما أراد بها مهندسو نيفاشا السيطرة علي الاوضاع في فترة ما بعد انفصال جنوب السودان ، وبالتالي تصبح عملية تفجر الاوضاع في منطقة أبيي هذه الايام مفهومة وتقرأ بحسب سيرتها الذاتية مثلما ستقرأ لاحقاً تطورات الاحداث في جنوب كردفان والنيل الازرق ، نعم أراد اصدقاء الايقاد ان يرسموا سيناريو محكما لاحداث المستقبل فوجدوا ضالتهم في المناطق الثلاث وكانت خطة بارعة من وفد الحركة الشعبية آنذاك حينما تمنعوا في بادئ الامر عن توقيع الاتفاقية ما لم يكن لها ملحق يناقش اوضاع تلك المناطق باعتبار ان سكانها كانوا من اقوي الداعمين لتوجهات الحركة الشعبية . انها الانشوطة تلتف حول عنق الحكومة حينما تستدرج بكمين يقضي علي جنودنا البواسل لتخوض البلاد حرباً انتقامية فيفر السكان من أبيي وتتناقل وسائل الاعلام العالمية اخبار القصف السوداني للمدنيين العزل ثم يزيد البعض للاخبار رتوشا وجوانب ويقولون ان حكومة البشير تطارد المدنيين غابة غابة وجبلا جبلا لتكتمل حلقات المسلسل المرسوم فتشهد المنطقة تدخلاً عسكرياً دولياً وهو ما ظل اقوام يبحثون عن مبررات قوية له طيلة الفترة الماضية بحسب تنبيهات سابقة صدرت من شخصيات دبلوماسية عليمة وعلي الجهات ذات الصلة ان تربط خيوط المؤامرة بعضها ببعض لتبدو لهم الصورة واضحة . كان المراقبون يدركون تطورات الأوضاع في أبيي منذ بوادر الأزمة الأولي حينما سيق الفريقان الي التحكيم الدولي لوضعهما أمام قصر العدالة الدولي حتى اذا اندلعت الأحداث الدامية قال المجتمع الدولي دعونا نراجع دفاتر الأزمة لنكتشف من المخطئ..نعم من البدهيات أن تدرك حكومتنا الذكية ان المجتمع الدولي الذي تحرشت به قوات الحركة الشعبية لن يقف الى جانب الحكومة وفي نهاية المطاف هم سيحملون الحكومة مسؤولية ما جري مؤخراً وما سيجري لاحقاً ، فالأمر محسوم مسبقاً منذ ايام نيفاشا الأولي وبرأيي ان حكومتنا وقعت ضحية لمؤامرة دولية كانت اهدافها واضحة ومحددة تصب باتجاه تقسيم السودان الي دويلات صغيرة تافهة متناحرة يسهل التدخل في شئونها الداخلية وسرقة ثرواتها النفطية علي غرار ما حدث في العراق . لقد دعمت الحكومة بعلم او بجهل ذلك المخطط الجهنمي وستعلم فداحة الخطأ ولو بعد حين ولذلك يتوجب عليها ان تفكر بعمق قبل ان تخطو أية خطوة فما سيأتي اخطر مما جري وعلينا جميعاً ان نفوت الفرصة علي أعداء السودان الساعين لاشعال الفتنة والحرب الأهلية وسط اثنيات البلاد وادخال البلاد في اتون الفوضى وصب المزيد من الزيت علي النيران المشتعلة فيتحول البلد الي جحيم من الصراعات ويتم نسف الامن والاستقرار وتتشابك الخيوط لتصبح القضية حربا ومطالب باسقاط النظام وتدخلات دولية واجاويد يذهبون ويجيئون بلا جدوي ، لقد سقطت قواتنا الباسلة في كمين قرب أبيي والمطلوب هو عدم تعريض البلاد لكمين كبير تهدر فيه مكتسبات البلاد . نعم هنالك أيدي تعبث بقضايا المناطق الثلاث بهدف تأزيم ما هو متأزم أصلاً ، وبرأيي انه يتوجب علي الحكومة في المركز النظر الي الامور من زوايا مختلفة فالرؤية الحزبية الضيقة اصبحت تقود البلاد الي طرق مسدودة بالضبط كما فعل فرعون من قبل « ما أريكم الا ما أري وما أهديكم الا سبيل الرشاد » والمطلوب عقد مؤتمر قومي جامع يشارك فيه الجميع بالضبط كما اوصي القائمون علي امر الحوار الاستراتيجي من منسوبي الحكومة ..ان جلوس السودانيين حول طاولة واحدة لمناقشة قضية أبيي وجنوب كردفان والنيل الازرق سيفوت الفرصة علي الاعداء .