نفسح المجال اليوم للأستاذ الكاتب الصحفي مبارك عبد الرحيم صباحي وهو يطرق قضية مهمة خبرها عن قرب بالممارسة وعن بعد بالمراقبة وهي قضية التعاطي الصحفي مع الانتخابات. الأخ الحبيب «الصحفي الأخضر» ود المكاشفي.. حياكم الله وخضّر الله «عودكم» وأعاننا واياكم لما فيه خير العباد في رحاب دوحة «صاحبة الجلالة» وارفة الظلال، وأرجو أن تجد هذه المادة حظها من النشر عبر غصنكم الأخضر «بشفافية». يرصد تاريخنا المعاصر بأن الصحافة السودانية خلال مشوارها الطويل قد لعبت أدواراً مهمة في بلورة الفكر وصناعة الأحداث السودانية «الساخنة» وتقلب أنظمة الحكم ودورانها في فلك الحلقة الشريرة «ديمقراطية- إنقلاب»... فتنة السيدين 3591م وحرب «الكاركتيرات» 5691م وحملة الاستخفاف والسخرية من المسؤولين والدستوريين 5891م، هذه على سبيل المثال لا الحصر أهم موجهات صحافة الديمقراطيات «المنهارة»... أدوار اتسمت بالخير تارة وحملت بين فكيها السم «الزعاف» مرات ومرات.. رجوعا لذاكرة التاريخ أو تنشيطاً لذاكرتنا «الخربة» ستطلعنا بلا جدال على حجم «الجرم» الذي إقترفته بعض الصحف السودانية في حق «الديمقراطيات» السابقة وتعيدنا في ذات الوقت الى مناخ الانتخابات الحالية التي نتنفس هواءها «الملوث» هذه الايام ويتوقع لها أكثر المراقبون تفاؤلاً بأنها «الأخطر» و«الاشرس» في تاريخ الانتخابات السودانية قياساً على المتغيرات العديدة التي اجتاحت الوطن والصراعات الدولية والاقليمية وتوسع وانتشار الصحف وكثرة عددها واختلاف توجهاتها. وبالرغم من أن قوانين الدولة ومرفقاتها من المواثيق والعهود أطّرت لممارسة صحفية راقية بالقدر الذي يحفظ لجميع الاطراف كامل حقوقها وواجباتها الا أنها تظل نصوصاً جامدة يموت بعضها في دهاليز المحاكم والبعض الآخر تخنقه «بروقراطية» الاجراءات وصعوبة التنفيذ اذا لم نتبعها بالحكمة والموعظة الحسنة... يحدثنا التاريخ بأن إتساع سقف الحريات «المطلقة» لدى الشعوب غير «المروضة» غالباً ما يؤدي للتفلت غير «الحميد» فطالما ارتضينا «بالديمقراطية» الغربية منهاجاً وبرنامجاً فمن الأوجب أن نرض بحق كل مواطن سوداني كامل الاهلية في ان يترشح وأن يطرح برنامجه الانتخابي كيفما شاء في هواء الوطن «العليل» وفي إطار الموجهات التي كفلها القانون وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ولكن الذي يحدث هذه الايام وعلى صفحات كثير من الصحف على اختلاف سياساتها من تراشق بالكلمات ونشر للغسيل «القذر» ينبئ بشر مستطير... الذوق العام وأمانة الكلمة وشرف المهنة ومواثيقها وأعرافها تحولت «بقدرة قادر» إلى أقلام «مسمومة» بأنيابها وأظافرها تصوّب سهامها في كل الاتجاهات بهدف تدمير المرشحين واغتيال ذواتهم بالسخرية «المذلة» لبرامجهم وكياناتهم... نهش للاعراض وقدح في الرجولة وتشكك في التوجه، بل غاص بعضها في «اللحم الحي» بجرأة يحسد عليها تجاوزت الخطوط الحمراء وسددت ضربات «استباقية» غير مرشدة في إثارة النعرات القبلية واشعال نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد فباتت تهدد باجهاض التجربة «الرابعة» ووأدها وهي لا تزال «مضغة» في رحم الوطن الجريح والله ورسوله أعلم بآثارها «الكارثية» المترتبة على ذلك. لا أحد يعلم صدق النوايا والكلام المكتوب الخارج عن الذوق العام سيرتد سلباً على قائليه وسيكون خصماً على الكيان الذي يدافع عنه والشعب السوداني «الذكي» شاء من شاء وأبى من أبى حتماً سيستبين بفطرته السليمة من خلال ما يُكتب مدحاً كان أم ذماً الخبيث من الطيب والغث من السمين يقرر بعدها أين يذهب بصوته... اذا لم تكونوا واثقين إلى أين ستقودنا كتاباتكم هذه فسيكون الوطن كله عرضة للخطر والانهيار... تأكدوا من وضوح أهدافكم واتصفوا بالمهنية والتوازن واتساع الصدر لقبول الرأي والرأي الآخر يرحمكم الله. الا هل بلغت.. اللهم فاشهد مبارك عبد الرحيم صباحي