أخى العزيز الاستاذ/ محمد الكامل أستأذنك مساحة عمودك مساحة الحرية لأقدم شيئا منها.. مع شكرى. لا شك ان لجنة أطباء السودان كغيرها من الأجسام المنادية بالحقوق عبر الحقب التاريخية الماضية والآن، تمر بمراحل ومنعطفات تأتيك بكثير من الدروس والعبر ، وليت القائمين على أمر اللجنة يصطحبون معهم التجارب التاريخية للذين يقرأون الماضى بإيجابية، ليجدوا أن كل جسم ينادى بالحقوق إذا ما صدقت النوايا يحالفه الحظ ولو بعد حين، لأن المناداة بحقوق الشرائح الضعيفة هى دعوة المرسلين من «مساواة وعدل ورد حقوق» وقد قال الحبيب المصطفى عليه صلوات الله وأتم التسليم في ما معناه «شَهِدْتُ حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي دَارِ ابْنِ جُدْعَانَ؛ لَوْ دُعِيتُ إِلَيْهِ الْيَوْمَ لأَجَبْتُ، رَدُّ الْفُضُولِ إِلَى أَهْلِهَا، وَأَلاَّ يُقِرَّ ظَالِمٌ مَظْلُومًا» وهو النبى المعصوم، ولكن نستفيد من حديثه عظم العدالة والحقوق. وفى هذا المقال الثانى على التوالى أود أن أبعث برسالتين مهمتين فى هذا الظرف التاريخى، ولا يهمني ضيق الانتماء أو تصعد صدر المسؤولين إلى السماء، فقط يهمنى أن اكون صادقا مع نفسى ثم زملائى فى المهنة الشريفة، وكما قال الشيخ على شريعتي :«الذى لا يكون شاهداً على عصره وليس جزءا من واقعه فلا يهمنا إن كان راكعا فى المحراب أو جالسا على خمارة». ومن شهادتى على عصرى أذكر النصيحتين: - الأولى: للسادة أعضاء اللجنة الذين اجتازوا مراحل كبيرة وقد حققوا مكاسب كبيرة على مدى زمنى صغير بحسابات الزمان، ولكنني اود ان انصحهم بأن الوصول للقمة سهل، ولكن المحافظة عليها تستدعى الوعى بأن القضية الآن أكثر نضجا، وجيش جرار من كافة المشارب يمينا ويسارا بدأوا يستوعبون الدرس، وقد زالت الغشاوة التى طالما سيطرت على عيون الكثيرين، ولم يتبق منها إلا تلك التى تشبه مقولة المقوقس للنبى الكريم: «إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرجان من مشكاة واحدة ولو لا أننى ملكت ملكا كبيرا لكنت أول من آمن بك». ويبقى فقط الذين لم يكن لهم خلط في فهم القضية سوى المصلحة الخاصة.. وعلى اللجنة ترفيع أدواتها بأن تسع جميع الاطياف وحتى من اختلف معها بالأمس، فهى اى اللجنة ليست لمن سبق ولكنها لمن صدق، طالما أنها مطلبية ومنادية بحقوقنا جميعا ولو انضم لها «الشيخ الصديق» أو اهتدى لها النجاشى، فالابواب يجب ان تكون مشرعة والحوار مستمر لكافة زملاء المهنة. رسالة ثانية: لإخوتى الذين يتحركون بدافع سياسى فقط من المؤتمر الوطنى، فنحن تجمعنا مطالبنا بجموع الاطباء، ويجب ان نتحرك من خلالهم ونشد من أزرهم فى سبيل بلوغ غايات المهنة، وأن نستوقف كل من يحاول العبث السياسى، بدلا من أن ننكفئ على أنفسنا وننظر من خلال نظارة سوداء بأن هؤلاء«جميعهم » ضدنا وضد الحركة الإسلامية. فهذا لا يستقيم لأن جموع الاطباء الإخوان والوطنيين ما حققته لهم لجنة الاطباء لم يحققه لهم «ديناصورنا» اتحاد اطباء السودان الذى ظل حكراً لاشخاص بعينهم . واستلمت هذه القلة شهادة بحث الاتحاد الذى ظل حبيسا رغم ان رئته مطلة على شارع النيل وتغلق أبوابه منذ الثالثة ظهرا كرياض الاطفال، فى حين أن اتحاد الطلبة يعمل حتى الثالثة صباحا فى نفس الشارع.. اتحاد يبيع ارضه بحفنة دراهم لتصرف فى مشاريع بلا طعم ولا رائحة.. وكم آلمنى بيع ارض الاتحاد التى لم يعلم عنها كثير من الاطباء.. نحن تعلمنا من الاجداد والآباء بأن الارض آخر ما يباع من«الدخرى»، ولكن هؤلاء يبيعونها دونما مبرر واضح وفى صمت تام. واتمنى من شباب الاسلاميين الحقيقيين الذين عرفتهم من خلال العمل الطلابى والمنابر بألا يخدموا مصالح الاشخاص فيصبحوا وقودا «لإنضاج طبيخ الإنتهازيين». وبما أننى كنت يوما جزءا من هذا الجسم الميت وغادرته لعدم قدرتى الدفع من خلال الموات، سأخصص مقالات للأرض وغيرها، وكيف أنه تكون بليل ليأتي مظلماً هكذا. مع خالص شكري. «نواصل». د. فتح الرحمن محمد الفضيل