هذه الايام وبحمد الله تعالى التأم الاطباء واصطف الكادر الطبي بأجمعه في لوحة كان قد بدأها جمع كريم من لجنة النواب (نواب الاختصاصيين).. ولما كنت شاهداً على تلك الفترة وجزء منها وفي عدد من مكوناتها ولجانها وعلى سبيل المثال كنت جزءاً من لجنة تحسين شروط خدمة الاطباء التي تكونت بقرار جمهوري عقب مذكرة نواب الاطباء في العام 2010م والتي وضعت اللبنات الأولى لقضية الطب والأطباء وكان يرأسها وزير الدولة بالصحة وعضوية ممثل من كافة الاجسام ذات الصلة وخبراء مثل عبد الرحيم حمدي وحيدوب رئيس المجلس الأعلى للأجور وكذلك كنت عضوا بالقطاع الصحي ومازلت ورئيساً للجنة الامتياز. وفي الفترة الماضية مثلي مثل الاطباء كنت قد هجرت البلاد لبرهة ولكن الأمانة تقتضي ذكر الحقائق التالية عن لجنة التحسين المدعوة: لا شك ان اللجنة تكونت كإجراء روتيني الهدف الاساسي منها كان الخروج من عنق الزجاجة وتخفيف الضغط على الوزارة من هالة الوعي التي عمت جموع الاطباء وكادت ان تطيح بطاقم الوزارة وان كنت في البداية من الذين يبدون حسن النوايا وأرى في الاضراب الأول شيئا من الاستعجال ولكنني بعد ان كنت احضر للاجتماعات فكنت ارى ممثلي النواب الاثنين هما الوحيدان اللذان يفكران مثلي وهما الوحيدان اللذان يحملان هم القضية وبقية اللجنة المكرمة والموقرة كانوا يحضرون للتسويف وتمويه القضية وهذا بدا لي في الآتي: * تقاعس الاعضاء من الحضور للاجتماعات. * رفع الاجتماعات باستمرار. * تكوين لجان عديدة لأمور واضحة. * المرافعة المتكررة من اللجنة لأجل الوزارة. * اتهام الأطباء بالاستعجال. وكان من المقرر أن يتم التوصل لمقترح ويصبح مشروع قرار ثم يرفع لرئاسة الجمهورية الجهة المكلفة للجنة هذه.. ولكن للأسف كان حبرا على ورق وتم التوصل لبعض الاتفاقات حول الآتي: 1 - زيادة الراتب بنسبة (70 - 80%). 2 - تمويل عربات الاقساط لصالح الاطباء معفية من رسوم الانتاج اسوة بالجيش والشرطة. 3 - توزيع قطع سكنية مميزة بأقساط مريحة تصل لأكثر من خمس سنوات. 4 - مجانية العلاج للأطباء وأسرهم داخل كافة مؤسسات الصحة اذ لا يستقيم يتعالج الآخرون ببطاقات علاجية (A) في كل المراكز المتقدمة بالبلاد وينام الطبيب في اسوأ المستشفيات ويصبح كإبل الرحيل الشايلة السقى وعطشانة. وهذا قليل من كثير من النقاط التي تم الاتفاق عليها. ولكن للأسف ذهبت هذه المذكرة ادراج الرياح وعلمت من «نافذ» بوزارة الصحة الاتحادية بأن المذكرة وهي في طريقها الى مجلس الوزراء اعترضها بعض شذاذ الآفاق وأوقفوها واثنوها عن مسارها تماماً ورجعت الى الادراج وذلك بعد يقينهم بأن الاطباء قد رفعوا الاضراب وان الانتخابات قد مرت بسلام.. شيء محزن ان يتلاعب الجسم المخدم ويمارس الغش على موظفيه والعاملين بهذه الطريقة المخيبة للآمال.. وبرغم وجود عدد من لجان الاختصاصيين الذين كانوا جزءا من الحل وعدد من الاتفاقات التي لم تنفذ ابدا لم نسمع احدا منهم يرفع صوته ويقول «خذلتمونا» الا قليلا من الصادقين وبرغم وجود الوزير الحالي «ب.مامون» في تلك اللجان ولكن واحدا منهم لم يفتح الله عليه بمراجعة القضية الا اذا اضربنا مرة أخرى. هذه الآلية في الاستجابة للضغط ثم التسويف قد مورست من قبل في السياسة مع الحركات وقد ادت الى تشظي الوطن والآن اذا ما اتبعت مع الصحة والاطباء ستؤدي الى تشظي الاجساد.. في تقديري ان قضية التحسين هي ثمرة نضال تراكمي للاطباء ومكتسب تاريخي لا ينبغي اهماله فهي ليست «للأبوابي» او فلان ولكنها مكتسب يعود بالخير للطبيب والمهنة جمعاء لا ينبغي التفريط في هذه الوثيقة الذهبية والتي يجب تمليكها لكل القاعدة واللاحقين الذين لم يقرأوا بنودها ولنصطف لأجل تنفيذها بندا بندا ولو على اجسادنا حتى يعود للمهنة بريقها المهني والنقابي الراقي، وحتى كما قلت من قبل لا يظل الاطباء هم اكثر المترددين على وكالات السفر ومن بعدهم المرضى ليتعالجوا بالخارج وهذا يؤكد بوجود علة وحلقة مفقودة هي الجسم التنسيقي بين المريض والطبيب «وزارة الصحة والنقابة» ورأس الرمح في ذلك هو عودة نقابة الاطباء الفئوية بدلا من هذا المسخ المسمى «نقابة المنشأة» التي يدبر لها وتتم بليل وهي ليست سوى مخصصات ومكاتب داخل السودان والاطباء خارجه وهي لا تقدم بل تؤخر لأنها: 1 - معينة تعييناً وسيئة الطبخ وتثقل اعضاءها المخصصات عن الكلام والنقد. 2 - بها شرائح عدة فضاع دم الاطباء في القبائل بين هموم التمريض والمختبرات وهلمجرا. الآن قضية الاطباء الاكثر نضجاً وواضحة ومن هنا أناشد السيد الوزير بصفته طبيب قبل ان يكون وزيرا وقبل ان يكون مستثمرا بأن يقف مع الاطباء ليسجل له التاريخ (عودة نقابة مجموعة صفوية تعشق الشعب السوداني) وان لم يفعل ولن يفعل نذهب لتكوين نقابة حرة ونقوم باستئجار دار بالحاج يوسف أو أي مكان الى حين استرداد دار اتحاد اطباء السودان ودار نقابة المهن الصحية وكل العالم من حولنا ينتفض ونحن كسودانيين سباقون وكأطباء الاكثر سبقاً والانتفاضات في السودان تعرفهم متجردين خلص. في ختام مقالي: أوجه رسالة للسيد رئيس الجمهورية بالتوجيه بتنفيذ كل بنود مذكرة التحسين وانصاف الاطباء وانصاف المهنة وان يقوم بعزل كل اجسام الموات التي تكونت تحت الظلام بأخرى تتكون من جموع الاطباء، ونحن كأطباء بكافة مشاربنا نقف وراء قضايانا وليسوا بساسة ومعارضة كما يصنفهم الانتهازيون وانا اسلامي منذ تاريخ طويل وكنت في قمة الهرم التنظيمي بجامعة الخرطوم والآن عضو بقطاع الصحة بالمؤتمر الوطني، ولكن الحق أحق بأن يتبع ولو جاء به الآخرون. والله من وراء القصد.. عضو لجنة التحسين نواصل