(1)جاءني صوتك دافئا كعهد اذني به.. لم يكن أجشا جاءني دافئا .. دثر صاخ اذنيّ شعرت أنني أعيش (2) ما جاءني صوتك من تونس أو القاهرة.. جاءني من ليبيا تشق عنان السماء كلماته يهتز المدى الذي يفصلني عنك.. يتمزق... أكاد أراك قريباً مني.. لا تتحدث إني أسمع همسك (3) قلت لي مرة إن مصراتة علمت اليهود فنّ الاتجار قلت لي مرة إنك جأرت باعتراضك للملك، قلت له «لا، يا جلالة الملك» داخل البرلمان.. والسنوسي ملك لليبيا قلت لي في إحدى المرات.. إن رياح الشر الباغي تقلع جسد الأمة الخائر نحن نحتاج لقادة أمثال صلاح الدين وجمال .. ومحمد عبده.. نحن نحتاج لمحو أمية الأدباء الكبار نحتاج لمفكرين أمثال الغزالي وابن رشد افتحوا كل النوافذ.. نحتاج لأقطاب العروة الوثقى (4) أهلا.. أخي علي مصطفى المصراتي.. أراك باسماً كعادتك أمام مكتبة «الشعب» في شارع المقريف.. كان اسمه قبل الثورة شارع الملك تمد لي يدا معروقة اشعر بدفئها في يناير وأنا ارتدي البدلة والمعطف والسحابة علمت أنك شجاع.. رجل لا يخاف قلت لي: الأدب كالطعام .. يجب ألا يُباع.. وإذا بيع .. يجب أن يُباع بسعر الغلاف ما فتحت مكتبة «الشعب» لتجني الدينار فتحتها لِيَعُبَ من نبع المعارف الكبار والصغار.. عرضتَ على رفوفها كل ما كتبت العرب لكني ما لمحت كتابا واحدا من كتبك الخمسة وأربعين التي كتبتها وأنت في ريعان الشباب ما رأيت «غوما» ما وقع في عيني «ابن حمديس» ما لمحت .......... .......... مرة، حمل لي البريد طردا.. فضضته، كان يحوي كل ما كَتبَت يا علي المصراتي كان إمضاؤك تحت الإهداء استلمت الهدية القيمة.. شرعت اقرأ.. «نماذج في الظل» أرى ابطال ليبيا.. يرتدون «الجرْدْ» وأراك بينهم.. (6) أراك اليوم مهموماً بصرك الحاني يستشرق الأفق الغربي استحالت السماء إلى ثوب سميك من الدخان السخيم.. تتخلله شواظ نار.. تسقط وسط أرقى حي من أحياء «مصراتة» أنت تهرول، تغطي الصغار تحت عباءتك تحضن العجائز.. تكفن الشهداء ببقية من عمامتك.. تزجي الصفوف كاني شروان.. بين كتيبتك ... تقول لهم.. (7) أصمدوا للفجر حتى يطلع شدوا على الباغي حتى يقلع هذي نجوم العز أخذت تسطع مصراتة.. ياقوتة حمراء بحجم المستحيل ترقد على صدر الساحل (8) مصراتة: زمرة من المساجين الشرفاء الأبرياء انتفضت، نهضت حطمت القيود والسلاسل.. (9) مصراتة: أصبحت اليوم حديقة غناء وارفة الظل... تأتيها الشحارير والحسون.. وكل الطيور تغني على أغصانها العصافير والبلابل... (10) مصراتة: الرمز، العناد، الصمود، الفداء أم الشهداء.. ماتوا من أول دار الى آخر زنقة إليك يا علي وإليهم قناني الطيب مملوءة بالعطور وقنان مملوءة بماء النيل الأزرق لا من ماء النهر الصناعي نساهم بها أن تبتل حلوقكم أن تغسلوا رماد الحرب أن تزرعوا الزيتون مرة أخرى..