لم تكن عاصمة جنوب السودان جوبا كما توقعها الجميع ، بل حاضرة جنوب كردفان كادقلي التي وصلناها دون سابق انذار صباح الامس حملتنا اليها طائرة صغيرة ، برفقة رئيس الحركة الشعبية بالشمال مالك عقار والامين العام للحركة ياسر عرمان ووزير الصحة المستقيل عبدالله تية وعدد من قيادات الحركة بالشمال . لحظة هبوط الطائرة بمدرج المطار الترابي بجنوب كردفان بدأت جملة من التساؤلات تدور في اذهان الصحفيين ، عن سبب التوقف بكادقلي فالرحلة وحسب الدعوة وجهتها «جوبا » ، لكن تكهناتنا ارجعت التوقف لاصطحاب نائب رئيس الحركة عبدالعزيز الحلو ، زادها تأكيد القيادي بالحركة محمد معتصم حاكم بان الزيارة بسبب انعقاد اجتماع المكتب السياسي ، لكنها لم تكن كذلك هذا ما كشفته الترتيبات بالمطار فقيادات الحركة وتجهيزات العربات كانت تشير بوضح الي ان كادقلي هي نقطة النهاية ، لتبدأ بعدها جملة من التساؤلات ليس من بينها بالضرورة لماذا نحن في جنوب كردفان ؟ فالولاية التي خرجت من اصعب انتخابات دون ان تنهي الجدل بسبب أزمة الفرز التي اشعلتها الحركة لازالت تحاصرها تكهنات في اغلبها مظلمة، حاولنا ان نتقصي مايدور ، فجميع من سألناهم من القيادات الوسيطة بالحركة كانوا ايضا لا يعلمون او حاولوا ان يخفوا عنا ، فعقار وياسر ومرافقوهم دخلوا في اجتماع بدار نائب رئيس الحركة استمر لثلاث ساعات، قبل ان يتحدثوا في مؤتمر صحفي كشفوا فيه عددا من النقاط التي ناقشها الاجتماع ، لم تكن أبيي من بينها مما وضع علامات استفهام وسط الجميع الا ان عقار تصدي لسؤال عن غياب أبيي التي تعيش الان ظروفا مختلفة ، مبينا ان الحركة الشعبية ضد الحرب في السودان بشكل عام، واضاف ان اتفاقية السلام بداخلها آليات تمكن الطرفين من طرق باب الحل ، اذن لم تختلف لغة الحركة فموقفها النازع نحو التهدئة تجاه أزمة أبيي والذي وصفه المراقبون بردة الفعل الباردة لم تحوله دلالة المكان او الظرف الذي تعيشه جنوب كردفان التي تحدث فيها ، الا ان الواضح مما جاء في مؤتمر الحركة ان التصعيد والمواجهة حتي في أزمة انتخابات جنوب كردفان ليس من خياراتها ، فالنقاط التي خرج بها الاجتماع اتسمت بروح مرنة بخلاف ما يتوقعه الجميع ، وفيما يتعلق بأزمة انتخابات جنوب كردفان شدد عقار علي انها تحتاج الي حوار شفاف وترتيبات جديدة قبل ان يؤكد علي ان الحركة ترحب بدعوة رئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي التي دفع بها لتجاوز الأزمة، وطالب بالغاء الانتخابات واقتسام الحكم بين الشريكين لسد الطريق امام العنف المحتمل ، ورد علي سؤال «الصحافة» حول ان يكون الاجتماع قد تطرق الي الانتخابات الاخيرة وموقف مجلس الامن ؟ لكن عقار عاد واكد ان الحركة طرحت امام مجلس الامن مشاكل السودان بشكل كلي وليس قضية معينة ودفعت بطرحها للحلول ايضا، واضاف تحدثنا معهم حول التحول الديمقراطي والدستور الدائم والمشورة واستقرار السودان . ونادي عقار بان يكون 9 يوليو القادم بداية جديدة لاتفاقية السلام الشامل «CPA» فى المنطقتين وليست نهاية للاتفاقية بغرض الوصول لسلام دائم ، ولم يكن الحديث عن علاقة الجنوب والشمال بعيدا عن الاجتماع الذي اكد علي اهمية الامر بالنسبة للجانبين ، واكدت الحركة بالشمال انها علي استعداد للمساهمة فى تنقية أجواء العلاقات ، وايضا الدفع بحلول لأزمة دارفور . ونادت الحركة الذين يقومون بحملة ظالمة وقائمة على الكراهية ضدها بشمال السودان وقياداتها يجب وقفها ، باعتبار انها مضرة بالبلاد ، واختتم عقار تصريحاته بان لغة الحوار هي التي يجب أن تسود وعلي الجميع ان يجنبوا شمال السودان الحرب مع ذاته أو مع جنوب السودان . انتهت الرحلة التي كان مقصدها مجهولا ، لكن بدأت تساؤلات عدة تدور حتي الان عما قالته الحركة بكادقلي ، دلالة المكان والتوقيت هما ما سنأتي لهما .