القصف الذي طال إحدى مقاهي المغرب يعتبر دليلاً على أن «الربيع العربي» لن يحسم مشاكل الشرق الأوسط بين عشية وضحاها. ورغم أن مشهد المتظاهرين المناصرين للديمقراطية من كل الأديان والخلفيات يملأ شوارع مصر وسوريا وأماكن أخرى للإطاحة بدكتاتوريات المنطقة بات أمراً مشجعاً لكن هذه الاحتجاجات في حد ذاتها لن تعالج مشاكل المنطقة الكثيرة والمتجذرة ضربة لازب. وتعتبر التحديات التي تواجه العالم العربي كبيرة، فكثير من بلدان العالم العربي لديها أدنى معدلات معرفة بالقراءة والكتابة في العالم، ففي مصر ما يقرب من ربع عدد السكان أميون وكثيراً ما تتجاوز معدلات العطالة على نطاق المنطقة نسبة 20 في المائة وتتوطن فيها المحسوبية والفساد. والأشخاص الذين يولدون في خلفيات فقيرة من المرجح أن يظلوا فقراء بقية حياتهم على نطاق الشرق الأوسط. هذا الظلم وعدم المساواة هو السبب الأصل للاحتجاجات الأخيرة والتي كانت مطالب التوظيف والكرامة فيها بارزة كمطالب الديمقراطية. وفي كثير من الأحيان فإن الاستياء جراء هذا الظلم استغله أيضاً المتطرفون وهو استياء يساعد على تفسير موجات التطرف الديني والسياسي التي استشرت على نطاق الشرق الأوسط للثلاثة عقود الأخيرة. إن كلتا الحركات المناصرة للديمقراطية والمجموعات الجهادية مثل القاعدة تقتات على الاستياء الحادث بطريقة يستفيد منها الأغنياء والأقوياء على حساب عامة الناس. لقد كان القصف في مراكش نتيجة لهذه الإحباطات إضافة إلى كونه أعراضاً للآيديولوجيات المتطرفة والأفكار العالمية المتعصبة التي ترسخت في في كثير من أجزاء الشرق الأوسط. إنها نتيجة لبيئةٍ سياسية واقتصادية واجتماعية نتنة تفرخ الاستياء والإحباط الذي يستفيد منه المتطرفون بكل سهولة. إن خلق أنظمة ديمقراطية ناجحة في الشرق الأوسط على المدى البعيد يمكن أن تخفف بعض هذا الضغط بإحداث مخرج سياسي لإحباطات الناس يكون خالياً من العنف، ولكن الديمقراطية وحدها يمكن أن تحل بعض مطالب المتظاهرين فقط وأعني بذلك إيجاد حكومة مسؤولة ينتخبها الشعب. ويجب معالجة الفساد الذي يمتص المال من الفقراء لصالح الأغنياء، فبدون هذه الإصلاحات سيكون من السهل على المتطرفين أن يقولوا لنا إن الديمقراطية لم تأت بالنتائج الحقيقية وبالتالي فإن الدولة الإسلامية التي يخلقها العنف هي الحل الوحيد. *جعفر حسين هو رئيس قسم التدريب والتوعية في مؤسسة كويليام البحثية لمكافحة التطرف.