«البعيد عن العين بعيد عن القلب » مقولة متداولة يتعاطاها عدد كبير من مواطني شرق النيل خاصة الحاج يوسف تعبيرا عن الحال الذي وصل اليه مستشفى البان جديد، الذين يعتبرون ان بعده عن مركز العاصمة وأضواء الاعلام جعله بعيدا عن اهتمام الجهات الرسمية في حكومة الولاية ،وأسرة الصحة ، المستشفى الذي جاء إنشاؤه بهدف توفير خدمات طبية لمنطقة تعتبر الاعلى من حيث الكثافة السكانية بالعاصمة جاءت بدايته جيدة ونجح في توطين العلاج في هذا الجزء من العاصمة ،بيد انه شهد خلال الفترة الماضية تراجعاً واضحاً في خدماته الطبية ما ادى الى تشريد وهجر المرضى للمستشفى الذى بات خاويا على عروشه . عناصر اللجنة الشعبية بالامتداد جنوب شرق ابدت استياءها لما اصاب مستشفى البان جديد الذى ظل الجميع يتوسمون فيه ازالة معاناة اهالى المنطقة بتقديم خدمة طبية تخفف معاناتهم، لكن يبدو ان العشم تبدد بسبب التدهور الذى وصفوه بالمريع والمخيف ادي الى تلاشى دور المستشفى التى هجرها اهالى المنطقة بسبب التدهور البيئي ورداءة الخدمات. «الصحافة » قامت بجولة بمبانى المستشفى وعندما قصدنا البوابة الرئيسية للمستشفى تخيل لنا ان المستشفى لم تعد تستقبل مرضى في ظل الهدوء القاتل على عكس المستشفيات التى تكتظ مداخلها بالزوار ، وبعد ان دلفنا الى الداخل زادت الدهشة اذ لم نتوقع ان المستشفى بلغ تلك الحالة بالرغم من تلقينا شكاوي لجنة الحى تفيد بالواقع المرير الذي آل اليه حال ذلك المرفق الحيوي ، وبالداخل اتضحت الرؤية .. كان التدهور البيئي ذا العلامة الكاملة اضافة الي تهالك المباني لتوقف اعمال صيانة المبنى ما ادى الى تصدع الجدران وانفجار الصرف السطحى الذى انتشرت رائحته الكريهة بالعنابر. نحن الان في الطابق الثانى يضم قسم النساء والتوليد .. توجد هنا اربعة عنابر .. فى كل عنبر اربعة اسرة تتراكم عليها ذرات الغبار .. وجدنا ثلاث نسوة فقط اوقعهن حظهن العاثر في مشاركة غبار الأسرة المتكومة .. صعدنا - جراء الغبار المتصاعد - الي اعلي .. لم يكن حال الطابق الثالث بافضل من سابقه سوى في الجهد المطلوب من اجل الصعود الي اعلي وهو الطابق المخصص للاطفال وجدنا ذات التكوين السابق .. اربعة عنابر واربعة أسرة . كان هنالك عشرة من الاطفال يتواجدون هناك في انتظار العناية الالهية. في الهبوط توقفنا في الطابق الارضي هنا عنبر جراحة الرجال العنبر في ذاته يحتاج لجراحة .. اول ما يلفت نظر المرء افتقار الأسرة الي اللحافات ، خمس حالات من المرضي فقط كانوا هناك يواجهون المعاناة . عنبر الجراحة الذي خصص للنساء تنبئ عنه اللافتة السوداء التي لم تخف عورات الاهمال الذي فضحه «براز القطط» علي الأسرة الخاوية علي عروشها. حضرنا ولم نجدكم .. ليست العبارة مستوحاة من حديث السياسي العتيق في ميدان ابو جنزير ما نعنيه هي الحقيقة في مستشفى البان جديد .. الطابق الثاني المحدد لمرضي الباطنية ذكرني بنتائج الامتحانات عندما كان المذيع يقول « لم ينجح احد» وهنا يبدو ان لا احد مصاب في تلك النواحي والا لوجدنا من يزيل الغبار عن الأسرة المتراصة التي تركناها ونحن نتأبط الحيرة التي ارتفعت في القسم الخاص بغرف العمليات عن الاهمال وهنا لخص احد المرضي اسباب المعاناة في رقدته وحالة انتظاره وهو ينتظر علي نقالته ، ممنيا النفس بان يجد من يرق لحاله ويسحبه الي داخل عنابر المعاناة في اي من طوابق مستشفى الألم . اسباب المعاناة الجمت السن المرضي عن الحديث .. تركت الباب مفتوحا امام صرخات العاملين بالمستشفى وهم يشكون التدهور البيئي ومن الاهمال من الجهات المختصة، وقالوا ان اضراب الاطباء لم يؤثر علي المستشفى الذي ينهض الان علي اكتاف اطباء الامتياز، واشتكوا من تأخير مرتبات العاملين المتعاقدين وعدم صرف الحوافز من قبل وأسرة الصحة لمدة تسعة اشهر واشتكت نقابة المستشفى من غياب الوحدات الحسابية بالمستشفى وطالبوا وأسرة الصحة باعادة المستشفى الي الوزارة حتي لا يضيع ويضيع معه المرضي.