الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    راشد عبد الرحيم: الجنسية والقبيلة    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: المدنيون في الفاشر يكافحون بالفعل من أجل البقاء على قيد الحياة    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يهزم مازيمبي بثلاثية نظيفة ويصعد لنهائي الأبطال    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور المرأة في التنمية
نشر في الصحافة يوم 03 - 06 - 2011

يتزايد اهتمام العالم بالعديد من الظواهر والقضايا والمشكلات، ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية، إلا أن «التنمية الشاملة» ظلت خلال قرن من الزمان تستحوذ على الفكر السياسى والاقتصادى والإجتماعى سواء بسواء، ما جعل الأمم المتحدة تخصص العديد من المؤتمرات الإقليمية والدولية لمناقشة قضية التنمية.
كذلك استحوذت قضايا المرأة على اهتمام المنظمات الدولية والمحلية، ومؤسسات المجتمع المدنى لتحليل مركز المرأة فى المجتمع، وبيان دورها الفاعل فى عملية التنمية الريفية والحضرية.
مفهوم التنمية:
التنمية المستدامة هى مجموعة من الوسائل والطرق لخلق نمو اقتصادى يحافظ على البيئة، ويقلص من مستويات الفقر.
وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن التنمية فى أبسط تعريفاتها هى: تنمية الناس بالناس ومن أجل الناس.
فعلى المستوى الاقتصادى تهدف التنمية المستدامة إلى: تحقيق المعادلة بين الاستهلاك والإنتاج، وإشباع الحاجات الأساسية عن طريق زيادة الإنتاج والارتقاء بجودته، وتحسين مستوى المعيشة، والتقليص من نسبة البطالة.
أما على المستوى الاجتماعى فترنو التنمية المستدامة إلى النهوض بالمنظومة الاجتماعية القائمة عبر تحسين المؤشرات الاجتماعية، والمساواة فى التوزيع، والحراك الاجتماعى، ومشاركة الجمهور والتنوع الثقافى.
أما في ما يتعلق بالمستوى البيئى فتهدف التنمية المستديمة إلى تحسين المؤشرات البيئية للمحافظة على المنظومة البيئية.
والقاعدة الذهبية للتنمية المستديمة هى تحقيق مزيد من الرقي ورغد العيش للإنسان تحت الضغط الذي تفرضه ضرورة استدامة الموارد الطبيعية من الناحية الكمية والنوعية بالخصوص.
دور المرأة وفق احتياج المجتمع:
تعتبر المرأة عبر الأزمنة محور علاقات الأسرة، والمؤثرة على البنية الاجتماعية، وتعتبر محورا وعاملا أساسيا فى التغيير الاجتماعى.. فهى تؤثر وتتأثر، وتتكامل أدوارها مع الرجل لإحداث التغيير المنشود من تحول وتطور فى اسلوب الحياة، مما يؤثر على المجتمع وقيمه وعلاقاته ومؤسساته.
تقول د. إخلاص عبد الله فى ورقة قدمتها عن تجربة مراكز تنمية المرأة والمجتمع بجامعة النيلين:
تختلف وضعية المرأة في المجتمع باختلاف العوامل والظروف الاجتماعية والثقافية التي يعيشها المجتمع، إذ أن وضعها نتاج لتلك الظروف والعوامل الموجودة في المجتمع التي قد تختلف من زمان لزمان ومن مكان لآخر.
وتعتبر التنمية عملية تغيير اجتماعي واقتصادي وسياسي، تهدف إلى رفع مستوى الوعي التربوي والصحي والثقافي والاقتصادي لدى جميع أفراد المجتمع، كما أنها تطبق العدالة في توزيع الموارد والقدرة على المحافظة البيئية.
ويؤدى المجتمع دورا مهما فى التنمية الشاملة، والتعامل مع المرأة باعتبارها جنسا بيولوجيا يؤثر فيه عدم مقدرتها ومشاركتها في الإنتاجية والتنمية، ومن شأن التنمية البشرية تفعيل المشاركة لإحداث التغيير في المجال المستهدف.
وتؤكد د. إخلاص أن المجتمع فى الوقت الحاضر لا تهمه مكانة المرأة العلمية أو مؤهلها الأكاديمى، وإنما تهمه إلى حد كبير مشاركتها فى الأعمال التى يحتاجها المجتمع، فالمرأة هى المسؤولة عن بيان دورها والمطلوب منها وفق ما يحتاجه المجتمع.
البعد التاريخى لمسيرة المرأة:
والناظر لتاريخ المرأة السودانية يجدها قد حققت مكانة عالية فى المجتمع نتاج كفاح طويل، ومحصلة حركة جادة عبر الأجيال لمواجهة معوقات فرضتها عادات وتقاليد، وتمكنت بالرغم من ذلك أن تخطو خطوات واسعة فى طريق مسيرتها التى بدأتها بالتعليم. ومع مطلع ثورة الإنقاذ الوطنى شهد المجتمع السودانى اهتماماً كبيراً بالمرأة، وكان ذلك بمثابة إيمان من الدولة بأهمية المرأة وتعظيم دورها، واتخذت الخطوات الإيجابية لضرورة مشاركة المرأة فى التنمية ونهضتها الثقافية ودورها في الحياة العامة والحياة السياسية.
مؤتمر جامع للمرأة:
تنادت نساء السودان فى يناير 1990م لعقد مؤتمر جامع لمناقشة استراتيجية جديدة لمشاركة المرأة فى الحياة العامة، بقرار ودعوة من مجلس قيادة ثورة الإنقاذ، وكان من أهم مقرراته وتوصياته تشكيل الاتحاد العام للمرأة السودانية، وصار بذلك المؤسسة الأم ومرجعية التخطيط والتنسيق بين المؤسسات المعنية بالنهوض بالمرأة.
الاتحاد يهدف لتمكين المرأة:
الاتحاد العام للمرأة السودانية تنظيم قومى طوعى يعمل من أجل مجتمع تسوده العدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات بتمكين وتنمية المرأة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، ويعمل الاتحاد على تقوية روح التضامن والوحدة بين النساء، والحفاظ على حقوقهن ومكتسباتهن.. كما يسعى الاتحاد لتحسين أوضاع المرأة، وتمكينها بالتوعية والمشاركة وبناء القدرات عبر أجهزته المنتشرة فى ولايات السودان المختلفة.
جهود اتحاد المرأة فى التنمية:
للاتحاد دور لا ينكر فى المساهمة فى عملية التنمية بالسودان عبر برامجه ومشروعاته الاقتصادية الطموحة.
وتوضح الأستاذة رجاء حسن خليفة الأمين العام السابق للاتحاد وإحدى المساهمات فى بنائه، أن الاتحاد اهتم منذ إنشائه بمحور الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية للأسر، والتركيز على هموم المرأة الريفية التى تشكل غالب أهل السودان، فشهد هذا العام انطلاقة برنامج «نحو دور رائد لنساء الريف»، وكان من مخرجاته جائزة الإبداع لنساء الريف التى ظلت ترعاها حرم رئيس الجمهورية والرئيس الفخرى للاتحاد السيدة الفضلى فاطمة خالد، وكانت الأمانة الاقتصادية الذراع التنفيذى للجائزة.
وتؤكد الأستاذة رجاء أن الفترة من عام 2000 2010م هى الفترة الذهبية لانطلاقة المشروعات والمبادرات الاقتصادية لتحسين الظروف المعيشية للأسر، وشكل مشروع محفظة المرأة أكبر هذه المبادرات، فاستفادت آلاف النساء والأسر من برامج التمويل عبر المحفظة فى شكل قروض بطريقة سهلة وميسرة، ونفذ المشروع عبر بنك الإدخار للتنمية الاجتماعية والبنك الزراعى، وذلك قبل تبني الدولة لمشروعات التمويل الأصغر.
دور الاتحاد فى محاربة الفقر:
تقول الدكتورة إقبال جعفر الأمينة الاقتصادية السابقة باتحاد المرأة ونائب بنك الأسرة حاليا، إن الاتحاد فى إطار استراتيجيته الرامية لمحاربة الفقر وسط النساء والتقليل من حدته، نفذ عددا من المشروعات والمبادرات الطموحة، وما محفظة المرأة إلا أحدها، فهناك فكرة الصندوق الدوار لتنمية نساء الخلاوى، وهو عبارة عن مال دوار يقدم بوصفه قرضاً حسناً لرفع كفاءة المرأة الإنتاجية، وتقديم الدعم للفئات الضعيفة من دارسات الخلاوى.
وهناك مشروع تنمية قدرات المرأة الإنتاجية فى مجال تصنيع الألبان، وهو مشروع يستهدف المرأة الريفية، حيث يقوم بترقية مهارات وثقافة المرأة بتمليكها وسيلة بسيطة من معدات التصنيع، بالإضافة إلى مدها برأس المال لشراء المواد الخام، واسترداده بالأقساط المريحة.
مشروع القرض الحسن ومتناهي الصغر للنساء الفقيرات:
تقول د. إقبال جعفر إن هذا المشروع أيضاً يهدف لتمكين المرأة اقتصادياً، ورفع القدرات الإنتاجية للأسر الفقيرة بحل مشكلة التمويل، وهو عبارة عن مال دوار متناهي الصغر للفقيرات بصيغة القرض الحسن، ويمنح مباشرة من اتحاد المرأة كل ستة أشهر، ويتم دوران المال فى عامين.
وتشير د. إقبال إلى تجربة أخرى من تجارب الاتحاد فى دعم شريحة مهمة لم تلتفت إليها الدولة، وهى العاملات فى القطاع غير المنظم، والاهتمام بتطوير وتحسين أوضاعهن، فبادر الاتحاد بتنفيذ مشروع الوحدات المتحركة لبائعات الشاى، وذلك بالتنسيق مع مصرف الإدخار للمساهمة فى البناء الاقتصادى الذى تعتبر المرأة ركيزة أساسية فيه.
إسهام المشروعات الصغيرة في تحقيق التنمية:
يؤكد د. صالح جبريل حامد خبير التمويل الأصغر بمصرف الإدخار، على دور لا يمكن إغفاله للمرأة فى الاقتصاد السودانى. إذ تمثل نسبة 7080% من العمالة فى القطاع الزراعى و49% من العمالة في الاقتصاد حسب التعداد السكانى لعام 2009م.
كما أنها تلعب دورا واضحا فى المشروعات الصغيرة باعتبارها وسيلة لتوفير سبل الكسب والمعيشة، وحسب إحصائيات المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء فى مؤسسات التمويل الأصغر النظامية، فإن المرأة تمثل 61% من زبائن مؤسسات التمويل الأصغر فى «20» دولة أفريقية.
يشير د. صالح جبريل فى ورقة عمل قدمها عن السياسات الاقتصادية المناصرة لتمكين المرأة، إلى أن السودان قد أفرد حيزاً للمرأة فى السياسات الكلية والتمويلية أصبحت أكثر وضوحا فى برنامج التمويل الأصغر الذى رأى النور فى عام 2007م، وذلك عبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويؤكد د. صالح على أهميتها باعتبارها ظاهرة من الظواهر الاقتصادية المنتشرة فى العالم النامي، وتعتبر وسيلة من وسائل مواجهة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، بل إنها تعتبر صاحبة القدح المعلى في بزوغ الطفرة الاقتصادية فى دول نمور شرق آسيا، وتحقيق النهضة الصناعية فى دول أوربا.
ويقرر د. صالح أن المشروعات الصغيرة يمكن أن تكون من أكثر الوسائل فاعلية في تحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية، ويرى أن الفرص متاحة لها فى المستقبل المنظور فى السوق المحلى والعالمى.
ويضيف د. صالح جبريل أن المنشآت الصغيرة فى السودان تمثل نسبة 93% حسب نتائج المسح الصناعى 2005م، وهى بلا شك تنتج قيمة مضافة لا يستهان بها فى الدخل القومي، وبالتالى فإن جل العمالة يمكن استيعابها في المشروعات الصغيرة، إذ تمثل المرأة 49% من القوة العاملة، ولها القدح المعلى فى القطاع الزراعى الريفى، حيث انها تقضى 41% من ساعات عملها فى النشاط الزراعى.
المرأة دعامة أساسية فى التنمية:
مركز المرأة للسلام والتنمية التابع لوزارة الرعاية والضمان الاجتماعى، حمل على عاتقه منذ إنشائه مسؤولية خدمة قضايا المرأة السودانية بالتعاون مع الجهات ذات الصلة محليا وإقليميا وعالميا، وظل المركز يقوم بدوره الفاعل فى دعم مسيرة المرأة إيمانا منه بأنها الدعامة الأساسية التي تقوم عليها التنمية بشتى ضروبها، وفي كل مجالاتها الاقتصادية والثقافية والبشرية.
الإدارة العامة للمرأة والأسرة بوزارة الرعاية تنفذ عدداً من المشروعات، منها مشروع تمكين المرأة للمشاركة فى التنمية المستدامة، ويهدف المشروع إلى تمكين المرأة وتعميق مشاركتها فى جميع مناحي التنمية المستدامة، وقد نفذ المشروع فى خمس ولايات بالسودان بتمويل من اليونيفم.
المرأة المنتجة في القطاع غير المنظم:
تساهم المرأة فى القطاع الزراعى والخدمى بما يعود بشكل مباشر على الاقتصاد القومى، وتنمية مستوى المعيشة للأسر، إلا أنها لا تظهر بصورة ملموسة فى الإحصائيات الاقتصادية، لأن جل هذه الأنشطة تقع فى القطاع غير الرسمى، ولا توجد وسائل إحصائية مناسبة لمعرفة حجم هذا النشاط.
إلا أن د. إقبال جعفر الخبيرة الاقتصادية ونائب مدير بنك الأسرة، قامت بالعديد من الدراسات والبحوث الاقتصادية لإحصاء وجود المرأة فى القطاع غير الرسمى.
وخلصت دراساتها إلى أن جل الأعمال الاقتصادية والتى تدر عائدا على الأسرة والمجتمع الريفى تقوم بها المرأة فى القطاع غير المنظم، وهى ثلاثة قطاعات رئيسة:
القطاع الزراعى، قطاع الإنتاج الحيوانى، قطاع التصنيع الغذائى ويشمل عمليات التجفيف، التخمير، التصنيع، وهناك قطاع الصناعات اليدوية والذاتية، وهذه الصناعات تقوم بها المرأة، وتتنوع بتنوع البيئة والمواد الخام المحلية المتوفرة، مثل أعمال التطريز والحياكة، صناعات السعف، صناعة الملابس وتركيب العطور النسائية السودانية.
وتؤكد د. إقبال أن المرأة موجودة فى القطاع التعاونى والتكافلى، فنجد الجمعيات التعاونية والخيرية، وجمعيات الائتمان على مستوى الأحياء، وتقرر د. إقبال أن فكرة الصندوق «الختة» ظاهرة ملازمة لمجتمع النساء، ولها أثر واضح فى علاج المشكلات الاقتصادية التى تواجه الأسر.
وتضيف: إن للمرأة أنشطة اقتصادية مهمة مثل التجارة الخفيفة «الدلاليات» وهو نظام للبيع بالتقسيط يلبى احتياجات ومتطلبات الأسر، كذلك وجود المرأة بكثافة فى صناعة وبيع المأكولات والمشروبات.
جهود نسائية مضيئة فى التنمية:
سأسرد هنا تجارب عملية وواقعية لسيدتين سودانيتين شهيرتين يشار إليهما بالبنان، كان ومازال لهما إسهامهما فى تمكين المرأة والارتقاء بقدراتها لتساهم بدورها فى التنمية.
سامية حسين محمد شبو: تنمية المرأة بالمرأة
وهل يخفى الخبر بل القمر؟!.. ومن لا يعرف سامية شبو؟
سيدة الأعمال ومؤسسة مجموعة شبو للتجارة والخدمات
ولجت مجال التجارة منذ أن كانت تلميذة فى المرحلة الابتدائية، حينما تفتق ذهنها الصغير عن وسيلة تساعد بها رفيقاتها في الحصول على الكتاب المدرسى، ففكرت فى توفير نسخ إضافية للتلميذات اللائى لا يستطعن الحصول عليه عبر بيعه بسعر زهيد، لكنها ذهلت عندما أثمرت هذه العملية التجارية البسيطة عن ربح مادى مريح لتلميذة صغيرة، فلم يكن هدفها الربحية..!!
وتحفظ لها صحائف التاريخ أنها أول امرأة سودانية ولجت مجال تصوير الفيديو والتصوير الفتوغرافى، ومجال التجميل الذى كان لزمان طويل حكرا على الرجال، ومنطقة محرمة ممنوع على النساء الاقتراب منها أو التصوير.
فأنشأت مراكز الحميراء للتجميل بأم درمان وبحرى، وجعلتها مراكز للنساء وبالنساء، مستعينة فى ذلك بقدرات كانت معطلة، ومواهب مدفونة بعد إخضاعهن لدورات تدريبية وتأهيلية فى مجال التجميل.
واستمرت تقفز من نجاح إلى نجاح حتى تكللت هذه الإنجازات بإنشائها للمركز السودانى لتطوير سيدات الأعمال فى عام 2009م الذى يهدف لتمكين المرأة اقتصاديا، وصناعة امرأة قيادية صاحبة قرار، تخلق وتبتكر الفرص، وكان من أبرز إنجازات المركز السودانى أن أقام أول معرض للثوب السودانى، تلاه بإقامة أول مهرجان للعطور السودانية أقيم فى فندق كورال بالخرطوم فى مارس من هذا العام.
تقول سامية شبو فى حوار أجريته معها، إنها تضع المرأة السودانية نصب عينيها، وتوجه كل طاقاتها لرفعتها وتمكينها، وتؤكد سامية إنحيازها وحبها للمرأة السودانية، وثقتها فى قدراتها ومواهبها.
المهندسة وداد يعقوب:
صاحبة الأعمال جهيرة السيرة، والمهندسة وداد يعقوب لها دور كبير وإسهام واضح فى عملية التنمية بالبلاد، ولا يعتبر ولوجها لمجال البناء والإنشاءات والخدمات البترولية، وإنشاء بنك الأسرة إلا صفحات من سفر كبير عنوانه الإنجاز والعطاء لامرأة قدمت ولازالت تساهم فى رفع مستوى الإنتاج والتنمية بالسودان.
الميلاد والنشأة.
ولدت المهندسة وداد يعقوب في مزرعة دواجن صغيرة في حلفاية الملوك ببحري.
والدها يعقوب إبراهيم كان معلما تدرج في المناصب الادارية واصبح لاحقا في عام 1978 مديرا للبنك الزراعي.
والدتها الحاجة رضية حسين الصايغ كانت مزارعة مجتهدة تم منحها جائزة الفاو بواسطة الأمم المتحدة عام 1964م تقديراً لجهودها في تطوير وتهجين الدواجن في السودان. وكان للحاجة رضية أكبر التأثير على وداد، فنشأتها في بيئة نشيطة أدى إلى رفع قيمة العمل والاجتهاد في حياتها.
وكثيراً ما تحدثت وداد عن مزرعة والدتها التي كانت بها بقالة صغيرة لبيع البيض والدجاج والعسل والسمن ومنتجات محلية أخرى، وكانت هي وإخوانها يعملون في البيع في الإجازات الصيفية والعطل المدرسية. وتقول المهندسة وداد إن عملها في البقالة كان هو السبب في تعلمها المبكر للحساب وجداول الضرب.
التعليم:
أحرزت المهندسة وداد المرتبة العاشرة على مستوى السودان في امتحانات الشهادة السودانية. والتحقت بكلية الهندسة المدنية جامعة الخرطوم. ورغم أنه لم يكن شائعاً في ذلك الوقت دراسة الهندسة للبنات «وكان عدد البنات فى ذلك الوقت 7 طالبات»، إلا أن والديها شجعاها ووقفا إلى جانبها في اتخاذ هذا القرار.
في عام 1983 تخرجت في جامعة الخرطوم بكالريوس الهندسة المدنية. و
في عام 1984سافرت المهندسة وداد إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع زوجها الدكتور جمال الذي ابتعث إلى هنالك لإكمال الدكتوراة بولاية كولومبيا ميسوري، وهنالك درست إدارة المنشآت.. وتذكر المهندسة وداد أن الفترة التي قضتها في أمريكا أضافت إليها الكثير من الخبرات والمعارف، ففي أثناء دراستها ذكرت أنها كانت تعمل بوظيفة مربية في مدرسة للأطفال المعوقين من أجل زيادة دخل الأسرة، وهذه الوظيفة المتواضعة تعلمت منها الكثير من الصبر وقوة الاحتمال.
في عام 1986 عادت المهندسة وداد إلى السودان، وقامت بتسجيل شركة النحلة للتنمية والإسكان، وقد بدأت عملها مقاولة صغيرة في مهنة لم تكن للسيدات، وتذكر كيف كان يستغرب المقاولون والعمال من هذه الشابة في هذا المجال الصعب.
في نفس العام قامت بأخذ أول تمويل من البنك لشراء خلاطة يدوية للخرصانة، ثم بدأت بعمل المنشآت الصغيرة والمنازل.. بعد ذلك قررت الدخول في مجال بناء الشقق للتمليك وبيعها بالتقسيط، وكانت أول شركة في السودان في هذا المجال.
في عام 1993م قامت المهندسة وداد مع زوجها الدكتور جمال الدين بإنشاء شركة النحلة للبترول كأول شركة سودانية وطنية لخدمات البترول، بالرغم من التحذيرات من دخول مجال البترول الذي كان حكراً على الشركات الأجنبية في ذلك الوقت. وقامت بافتتاح أول محطة خدمية في الخرطوم بالمنطقة الصناعية بحري. وبعدها قامت بافتتاح أول مستودع للمواد البترولية بالخرطوم بالشجرة، وأصبح لدى الشركة حاليا «43» محطة خدمة و «12» مستودعا للمواد البترولية بولايات السودان المختلفة. وبعد ذلك قررت الدخول في مجال بناء الشقق للتمليك وبيعها بالتقسيط، وكانت أول شركة في السودان في هذا المجال.
في عام 1996 فكرت المهندسة وداد والدكتور جمال الدين في أنه يجب على السودان التفكير بالمستقبل واستباق الأزمة البيئية التي حلت في الكثير من الدول النامية والمتقدمة بسبب أول وثاني أكسيد الكربون المنبعث من عوادم السيارات.. وبعد الكثير من الدراسة توصلا إلى أن غاز السيارات هو وقود المستقبل، فقاما في عام 1996م بتسجيل شركة النحلة لغاز السيارات، وقاما باستيراد الأجهزة والتكنولوجيا من إيطاليا وبدء العمل في المحطات والترويج الإعلامي لاستعمال غاز السيارات الوقود النظيف والرخيص، وبحلول عام 2005م كانت هنالك أكثر من15000 سيارة معظمها من سيارات الأجرة تعمل بغاز السيارات.
في عام 2002م تم اختيار المهندسة وداد رئيساً لأمانة صاحبات الأعمال، وكانت رؤيتها في دمج صاحبات الأعمال في الغرف التجارية والصناعية المختلفة في الاتحاد.
في عام 2004م ولأول مرة في تاريخ السودان تم اختيار أول سيدة سودانية في مجلس رجال الأعمال الذي تغير اسمه لاحقاً بفضل جهودها لاتحاد أصحاب العمل السوداني، واليوم هنالك الكثير من سيدات الأعمال الفاعلات في الغرف التجارية والصناعية المختلفة بالاتحاد.
المهندسة وداد ترى أن أهم إنجاز قامت به حتى الآن بتوفيق من الله تعالى، هو بنك الأسرة، وبنك الأسرة هو أول بنك متخصص للتمويل الأصغر بالسودان، وبدأ البنك برأس مال «20» مليون دولار، وفي عامه الأول قام البنك بتمويل «14» ألف، وتم افتتاح «24» فرعاً في ولايات السودان المختلفة بنسبة سداد فاقت التوقعات بلغت 99%، وتمت زيادة رأس المال ل «100» مليون دولار. وبعد النجاح الباهر لتجربة البنك تم افتتاح العديد من البنوك المشابهة في دول عربية وإفريقية.
العمل التطوعي:
أنشأت المهندسة وداد منظمة سلام العزة التي عملت باعتبارها منظمة تطوعية غير حكومية في المناطق المتأثرة بالحروب والنزاعات، وبدأ عمل المنظمة بوصفه عملاً إغاثياً بتقديم الطعام والكساء وبناء المراكز الصحية والمدارس، والهدف الأساسي هو تعزيز وبناء ثقافة السلام، وامتدت رقعة نشاطها لتشمل دارفور وشرق السودان إضافة للجنوب.
نتيجة للحروب والنزاعات تفشت ظاهرة الأطفال المتشردين في السودان، فجاءت فكرة إنشاء منظمة تعنى بهذه الفئة، فقامت المهندسة بإنشاء منظمة تنمية الأطفال اليافعين التي تعنى بالتعليم الحرفي للأطفال فوق سن «15» الذين فقدوا فرص الدخول في المدارس النظامية، فقامت المنظمة بتنفيذ العديد من المشاريع الناجحة في هذا المجال.
تقول المهندسة وداد إنها بعد نظرة فاحصة وخبرة طويلة في العمل التطوعي، توصلت إلى أن التعليم هو المفتاح لحل جميع المشكلات التي تواجه المجتمع، فالتعليم هو الحل لمشكلات الفقر، المرض، الحروب والتشرد، مع التركيز على تعليم البنات. ودفعتها هذه القناعة في عام 2003م إبان أزمة دارفور لإنشاء منظمة «معاً للتعليم»، وتعنى هذه المنظمة بالتعليم في المناطق المتأثرة بالحروب والنزاعات والفقر الشديد إيماناً بأن التعليم خدمة طارئة. وخلال عمر المنظمة القصير قامت بافتتاح «7» مدارس للأساس، منها «2» للبنات، وتعمل جميع المدارس بدوامين وفصول لتعليم النساء بعد الظهر، وتبنى المدارس بتكلفة قليلة من المواد المحلية، وكان الإقبال عليها كبيراً من الطلاب والأهالي، ويقدر عدد الطلاب ب «10000» طالب وطالبة تقريباً في ولايات دارفور الثلاث وقرى العودة الطوعية ومعسكرات النازحين. والمهندسة فخورة جداً بتجربة «معاً للتعليم»، وقد قامت هى وحدها بتمويل إنشاء خمس مدارس منها.
في عام 2007م منحها رئيس الجمهورية وسام الامتياز تقديراً لجهودها في المجال الطوعي في دارفور.
تم اختيار المهندسة وداد في عام 2008م لرئاسة مجلس إدارة مستشفى الولادة بأم درمان، وبعد جهود إدارية قامت بها فى التخطيط والتمويل استطاعت المستشفى تقليل نسبة الوفيات في الأمهات بمعدل 87%، مما جعلها تحصل على جائزة المستشفى الإفريقي المميز في هذا المجال.
والمهندسة وداد عضو مجلس استشاري في العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية والمحلية.
عضو مجلس إدارة اتحاد صاحبات الأعمال العربيات باعتبارها أول سيدة سودانية. وعضو منتدى سيدات الأعمال العرب ببريطانيا.
وحصلت المهندسة وداد على جائزة التميز من الولايات المتحدة الأميركية فى العام الماضى 2010م.
* صحفية وكاتبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.