ما من كلمة توصف الحياة غير كلمة التغيير، وليس من شك في ان تحولا هائلا في طريقه للانبثاق، واليوم هناك تحول بدأت ملامحه في الظهور، ففي دراسة اجرتها مجموعة «دال» للمواد الغذائية على الصم والبكم، أثبتت أنهم يمتلكون إمكانيات تفوق نظراءهم من العاملين، خصوصا في مجال العمل اليدوي، كونهم لا يضيعون وقتا في الحديث، عطفا على مقدرتهم على الصبر لانجاز المهام. وتذكرت كتيبا اصدره اسامة داؤود بعنوان «استراتجيتنا» وذلك في عام 2003م، يقول فيه «قد اتى الوعي بالحاجة الى التغيير والتحول والتجديد المتواصل في مجال عملنا، استجابةً لبيئة عمل متشعبة التركيب تتميز بتغيير متسارع الوتيرة.. ونلتزم بالمساهمة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وان نمارس مسؤولياتنا تجاه المجتمع المحلي وذوي الحاجات الخاصة». فتوجهنا الى مصنع الكوكاكولا التابع لمجموعة «دال» لنرصد مخرجات الدراسة وتطبيقها عمليا، وهناك التقينا بمدير التصنيع عوض الامين ابو بكر، الذي قال: لنا تم توجيه من رئيس مجلس ادارة مجموعة «دال» السيد اسامة داؤود بضرورة ان يكون لكل ادارة في الشركة مسؤولية اجتماعية تجاه المواطنين، واكد عوض انهم في «دال» «كوكا كولا» اهتموا بهذا التوجيه عبر ثلاثة محاور هي: توظيف وتعيين ذوي الحاجات الخاصة الصم والاعاقة الحركية، وتنشيط عمليات اعادة التدوير لمخلفات البلاستيك بتوظيف بعض القطاعات الصغيرة، وتوزيع منتجات الشركة بهامش ربح معقول عبر الشرائح الضعيفة مثل الارامل والفقراء في مناطق سكنهم. ويواصل عوض حديثه قائلا: تعيين ذوي الحاجات الخاصة بدأ منذ البدايات الاولى لعمل الشركة، وتم حتى الآن تعيين 55 شخصا، وهم يعملون في خطوط الانتاج، وخصوصا في عمليات فحص الزجاج، واثبتوا جدارتهم، مما قادنا الي تشجيع تعيين المزيد منهم، واشار عوض الى انهم احتاجوا في العام الاول الى معلمي اشارات الصم للتفاهم معهم، لكن الآن كل العاملين تعلموا لغة الاشارة بالممارسة ويؤكد المهندس عادل عبد القادر أن التعامل مع ذوي الحاجات الخاصة يتم على اساس انهم اشخاص عاملون مثلهم مثل الآخرين، وتطبق عليهم كل لوائح العمل من مكآفات او جزاءات، مما ساعد في ادماجهم في العمل، وانتاجية عمال ذوي الاحتياجات الخاصة فاقت كل التوقعات، وابدوا صبرا وقوة عزيمة لم نألفها من قبل. وفي داخل المصنع وجدناها امام خط الانتاج، وقالت لنا آمال عباس «صماء» إنها تعمل كشافة زجاج، ومهمتها تقتضي مراقبة الزجاج واخراج أية زجاجة غريبة الشكل، او يوجد بها جسم غريب، وتؤكد آمال ان وظيفتها من اهم الوظائف في المصنع لانها تتعلق بجودة المنتج وسلامته. وتواصل آمال حديثها قائلة إنها بدأت العمل منذ عام 2002م، وانها شهدت استقرارا مهنيا بعد ان عملت في عدة مصانع، لكنها وجدت الاستقرار المهني، وتوجت ذلك الاستقرار بالزواج، مشيرة الى ان ظروف العمل رائعة والعائد المادي ممتاز. وقال لنا أشرف محمد إبراهيم «فاحص زجاج» إن عمله يقتضي منه التركيز والاهتمام الشديد لمراجعة الزجاجات اثناء مرورها الى خط التعبئة، وقال إنه عمل في «دال» منذ عام 2005م، مشيرا الى انه حاول كثيرا العمل لكن لم يوفق في ذلك، لأن اصحاب الشركات يرفضون تعيين الصم. «والحمد لله منذ أن عملت في الشركة واحوالي المادية والمعنوية مستقرة، وانا الآن متزوج ولدي طفل واحد، والعمل مريح و«قروشه كثيرة» والاهم من ذلك وجدت الاحترام من باقي العمال، واصبح التفاضل بيننا في العلاوات يعتمد على جودة العمل، وليس كونك صحيحا او معوقاً».