إن توقد شمعة خير من ان تلعن الظلام .. وبالصبر وقوة الارادة استطاعت دار ششر لتاهيل الاطفال المعاقين على مدى سنوات تحويل الطريقة التي ينظر من خلالها المواطن الى الاطفال المعاقين، ولم يكن ذلك ممكنا لولا المانحين والمتبرعين بيد اننا اليوم نشهد في ظل ظروف متغيرة اقتصاديا واجتماعيا تحولا من الاهتمام العام الى الفردية ، مع الناس ذهبت الى ( الدار) بحثا عن الاعاقة في ضوء النهار والمسير في ظلمة الليل ..! في البدء التقينا مديرة دار ششر منال مصطفى وقالت لنا الممول الرئيس للدار منظمة كرستوفر بلاين مشن الالمانية (CBM) بالإضافة الى منظمة شيشر العالمية و لكن هذه تقدم تمويلاً لبعض المشروعات المحددة و تقلص التمويل بنسبة تفوق 40% مع الزيادة المستمرة في عدد الاطفال المستفيدين من جميع ولايات السودان وهناك بعض الانشطة التمويلية توقفت بسبب تقلص الدعم مثل نشاط التمارين المائية و هي مهمة جدا ولقد قدمت الدار خدماتها لاكثر من 18000 طفل معوق و لكن نشكو من قلة الدعم الداخلي خصوصا من الشركات و المؤسسات رغم وجود برامج المسؤولية الاجتماعية في الدار ، وتواصل منال حديثها نعاني من الزيادة المضطردة فى عدد الأطفال يوما بعد يوم و النقص الحاد فى اختصاصى العلاج الطبيعى فى السودان ومشيرة الى التفاعل من وزيرة الرعاية الاجتماعية ولاية الخرطوم عفاف احمد عبدالرحمن والتي تساهم في دفع كهرباء الدار ولها مبادرات لفتح الابواب مع الجهات الاخرى ، وتؤكد منال ان ثلث العاملين بالدار هم من المعاقين ومرتباتهم ضعيفة جدا ولم تزد منذ سنوات . وفي وحدة العيادة قالت لنا زليخة محمد فضل المولى ( سستر) نستقبل الاطفال من عمر يوم الى 17 عاماً ونصنف نوع الاعاقة ولدينا استشاريان في العظام واختصاصي اطفال ، واكثر التشهوهات الخلقية في المواليد الجديدة هي الرجل الملتوية ( فلات فوت) ونستقبل حوالي 160 حالة جديدة في الشهر بينما حالات شلل الدماغ حوالي 200 طفل على الاقل في الاسبوع ، وتواصل زليخة لا توجد حالات شلل اطفال الا نادرا ولدينا غرفة عمليات لمعالجة كل الحالات . وفي وحدة العلاج الطبيعي قابلنا رئيسة القسم سيسليا ماريو وقالت لنا تتعدد انواع اعاقة الاطفال ويتغير معها طريقة العلاج ، والطفل المريض بشلل الدماغ لا يستطيع الحركة ونحاول تعليمه الحركة والجلوس في الكرسي ومحاولة المشي ، بينما المريض المصاب في ركبته نعمل له جبيرة في ورشتنا وتواصل سيسليا حديثها قائلة مريض استسقاء الرأس يحتاج الى اهتمام شديد وتمارين كيف يجلس ونعمل له تمارين الرقبة ، وتستكمل سيسليا حديثها معنا قائلة تحتاج الحالات الى متابعة كل 3 شهور وتقيم بعد ذلك بينما الحالات الكبيرة تحتاج سنة او سنتين . وفي قسم العلاج الطبيعي التقينا ام احد الاطفال المرضى وقالت لنا ايمان احمد عند حضورنا للمرة الاولى وجدنا الاهتمام وظهرت ملامح التحسن لطفلتي منذ الشهر الاول فقد كان لا يقعد ولا يتحرك ولا يتقلب في سريره والآن أصبح ينزل من سريره ويمسك به وحده ن وتؤكد ايمان ان طفلها بدأ الآن اولى خطوات المشي بعد 7 اشهر من العلاج . بينما تقول اخلاص اسماعيل بدأت علاج ابني في ششر منذ عام 2007 ونحن مواصلين في العلاج منذ ذلك الوقت ونقوم بمراجعة الدار كل 2 شهر والعلاج يحتاج لجهود مشتركة من الدار ومن اهل المريض في البيت . وتوجهنا الى وحدة الورش التي تصنع احذية الاطفال ، وهناك وجدناها جالسة على كرسي متحرك فقد كانت هي ايضا من ذوي الاحتياجات الخاصة وقالت لنا هبة عثمان ( فني احذية )مهمتنا صنع الاحذية الطبية للاطفال حسب الحالة الطبية للطفل ونوع العلاج خصوصا الفلات فوت ولين الارجل وقصرها ، والآن نصنع الاحذية يدويا .. وقبل ان تواصل قاطعتها قائلا هل كل هذه الماكينات معطلة ؟ اجابت وانفاسها تخرج دفعات متقطعة من جسدها الضعيف الذي تحمله عجلات كرسيها المتحرك وقالت لنا هبة كلها تعطلت لان عمرها الافتراضي انتهى وفشلت كل محاولات احيائها كما هناك تغييرات تكنولوجية جديدة تستوجب التعاطي معها ونضطر لصنع الحذاء يدويا وبالتالي تطول فترة انتظار الطفل للحصول على الحذاء ، وتلفت هبة الى ان هناك تحديات كثيرة يواجهونها مثل صعوبة الحصول على المواد الخام والحاجة للتدريب تركناها خلفنا وكلماتها تمس شغاف قلوبنا المتحجرة وتوجهنا الى قسم الجباير والتقينا حواء عيسى ( فنية جباير ) مهمتنا عمل جبائر بالجبس وصب مادة بوريلين فيها لعمل الطرف الصناعي ، ونستهلك كميات من الجبص تكلفنا الكثير لكن نحصل على مادة البوريلين من هيئة الاطراف الصناعية . وفي قسم ورشة الكراسي المتحركة وغيرها كان العمل متوقفا يوم زيارتنا لنقص مواسير الحديد . والتقينا نهاد موسى تاور ( اخصائي اجتماعي) وقالت لنا مهمتنا مقابلة الطفل وأسرته بعد فتح ملف ونتاكد من الوضع الاجتماعي للاسرة ودرجة التكيف مع العلاج للمرضى القدامى. بينما رشيدة سيد احمد ( موظفة احصاء ) قالت لنا منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر مايو الماضي استقبلنا اكثر من 3000 حالة منها حوالي 862 حالة جديدة. وفي حوض السباحة كانت التمارين الرياضية متوقفة بتعطل موتور الحوض ! وبينما نخطو آخر خطواتنا خارج الدار كانت هناك موسيقى تصدح تصدر من فرقة دار ششر مكونة من اطفال ذوي حاجات خاصة وهم ينشدون ويغنون.. ظلموني الحبايب وقالوا لي انسى .. قالوا انسى وما عرفوا العلي ..