(1) لا يترك (نعيم) فرصة لفراشه الوثير حتى يفتقده، وسادته الحُبلى بريش النعام لا تكف عن الالتفاف حول عنقه طول النهار، يزيحها بتكاسل جميل من على وجهه، يتحسس الأزرار، ويمسها مسا طفيفا فتكف آلة التكييف عن بث موجاتها الهوائية الباردة. (2) بضغطة واحدة تفتح ستائر غرفته صدرها للشمس بعدما تسدد ما عليها من رسوم، يلصق وجهه خلف زجاج نافذته، يتمعن في سجادة فنائه التي تفضي به إلى شرفات فرص العمل التي تنتظره وفق مقاسات المعارف، تتعرى المقاعد الوثيرة وهي تستبق للحصول على أولويات الشرف. (3) بجفنه المحمر بسبب غباء البارحة ينهض (تميم) من على فراشه البالي فزعا، يقفز حافيا ومزروعا بأوجاع المفاصل، يجمع القطن ببقايا بذوره ويعيده إلى بطن وسادته المتسخة، يزيح صخرته الصغيرة المتكئة على قاعدة باب غرفته، ويفض غشاء يومه. (4) بعد عناء يصل إلى الماء، يتفتت الصابون في يده ويشرع في الاغتسال، تحتضن بشرته الجافة إفرازات الآخر، يمارس طقوسه الصباحية في استجداء الصبر، فيمنحه الصبر حفنة من الصبر تكفيه للوصول إلى بوابات اللهث والبحث، البحث عماذا ..؟ (5) يختم (نعيم) افطاره بإبريق كامل من القريب فروت، يزج ساقا انهكها الاكتناز بجوار عمه المتورم الأشداق، تنطلق بهما سيارة فارهة تسربت من خلايا الدماغ الغربي لتعتصر الزمن اعتصارا، يغض السائق الطرف عن (تميم) الواقف في طرف الشارع. (6) يركض (تميم) مرعوبا، تركل رجله رجله، تتلقاه الأرض، يدمج التعب بالتعب، ينهض وفي جيبه سهام من الغُبن، بوهج فسفوري حارق يقذف السيارة من الخلف، يرتطم الفسفور بصمام الأمان ويرتد نحوه، يحمل قوائمه ويركض .. يركض .. (7) يتزحلق آخر يعرفه (نعيم) ويستنكره (تميم) من الصفوف الخلفية ليلا، تدحرج متأنقا بين منعطفات ومنعرجات الوجوه المطلية بماء الدراهم، طالت لديه سلسلة مفاتيح الأبواب الخلفية، حيث تستلقي مفاتيح الغد، فازرع في جوفك فراسخ من البطيخ الصيفي. (8) يدخل آخر يعرفه (تميم) ويستنكره (نعيم)، متورما من الدهون ينظر جهة الكوم البشري المتكوم تحته، يحصي رؤوسه البشرية، ثم يرمي عليهم علفا يابسا تتزاحم فوقه المناكب، يرفض الرجل الذي يعرفه (تميم) بقوة ممارسة هواية التكالب والزحف على ثمان أرجل. (9) يخرج (نعيم) تتبعه تلال من الأرقام البنكية، يضل طريقه، يسترخي صدفة في جوف دور النشر، فتتحول الأرقام بقدرة قادر إلى أوراق ملساء مصقولة ومحصورة بين دفتي كتاب تحمل الأولى اسمه، وفي الثانية صورة له مُذهبة الأطراف يتأمل عبرها رونق الفضاء. (10) يرتمي (تميم) بفتور على الرمال، يقبض قبضة رمل مُبتلة بالماء ويقذف بها واقعه المرير، تتكشف له بدايات الجذور، يبتسم ويغرز حوافره الدامية في الرمال بهمة عالية، ويشرع في البحث عن الجذر الأم. توارت الشمس وداهمه الليل ومازال الجذر يسلمه للجذر.