إن تاريخ مدينة كادوقلي حتي في عز الحرب في جنوب السودان ظلت مدينة للتآخي والنسيج الاجتماعي المتماسك وظلت المدينة بوتقة لانصهار أعراق السودان المختلفة، ولكن ما حدث في بداية هذا الأسبوع من أحداث مؤسفة راح ضحيتها عدد من مواطني ولاية جنوب كردفان مؤشر خطر لأزمة أن لم تحل بالحكمة والحوار فقد يزداد الفتق علي الراتق وعندها سوف يندم الجميع علي تضييع فرصة ثمينة يمكن أن تعيد الأمن والهدوء لولاية جنوب كردفان، ولو لم يتحرك الجميع بسرعة لأطفاء هذا التوتر فقد يكون مخلب قط لتدخل دولي سيكون كارثة بكل المقاييس للسودان عموماً ولولاية جنوب كردفان خصوصاً . إن الحادث المؤسف الذي حدث في كادوقلي وقبلها في أم دورين والآن في الدلنج وهيبان دليل علي توسع الخطر السرطاني الذي لا أشك مطلقاً أن هنالك مخططا أجنبيا مدروسا لإحداث هذه الأحداث ثم توسيع رقعة المواجهات جغرافياً، وهذه سياسة (تفخيخ الأرض) والأرض المحروقة التي ابتدأتها الحركة الشعبية بعد خسارتها لمنصب الوالي في أنتخابات جنوب كردفان التكميلية، وقد هددت الحركة من قبل بالاجتياح والحرب عندما ردد منسوبوها في مدينة كادوقلي عبارة الحركة الشهيرة التي رددتها في جنوب النيل الأزرق أيام الانتخابات (يا النجمة ويا الهجمة) عبارة تدل علي أفلاس سياسي وقصر نظر وعدم أهتمام بالمواطن ساكن الولاية، لأن الحرب تعني تشريدا وقتلا ودمارا. إن عودة الحرب تعني نهاية الآمال التي نسجها مواطن الولاية عندما أوقفت أتفاقية نيفاشا الحرب وأتت بالسلام وقد لاحظت أثناء وجودي في كادوقلي قبل شهر أن مواطن جنوب كردفان ينعم بالأمن والسلام وعاد كثير من مواطني الولاية من مدن السودان الأخري، عادوا الي ديارهم وقراهم في جنوب كردفان وبدأوا في تعمير قراهم ومزارعهم وعادت الحياة هادئة هانئة وقد تحدثت مع كثير من المواطنين الذين حمدوا الله علي نعمة الأمن والسلام الذي تحقق لهم ،الآن لجهل بعض أبناء ولاية جنوب كردفان ولمصالحهم الخاصة فقط يريدون تدمير سلام الناس الطيبين في القري ويريدون إعادة الحرب الي الولاية وسوف تدمر الحرب ولاية جنوب كردفان وتسرق من الناس البسمة وتغرقهم في الحزن والخوف ،لكل هذه الأسباب المطلوب فوراً من عقلاء ولاية جنوب كردفان التوسط عند أبنائهم حملة السلاح لكي يعيدوا الهدوء ويوقفوا التوتر والحرب فوراً. إن جنوب كردفان يمكن أن تكون مخلب القط الذي يدمر سلام السودانيين جميعا ولن يربح طرف هذه الحرب لأن المنتصر فيها أيضاً خاسر طالما كان الخصم سودانياً . دعوتي أوجهها الي رجال الإدارة الأهلية في جنوب كردفان من عمد وشيوخ ونظار أن تتوسطوا وتكونوا لجنة وساطة لنزع فتيل الأزمة بين أبنائكم ونحن نثق في حكمة رجال الإدارة الأهلية وفي مكانتهم وسط الأهالي. أن تجلسوا مع أولادكم حملة السلاح وتقنعوهم بترك القتال وأحداث الفوضي وزعزعة الأمن لأن المتضرر الأول هو مواطن المنطقة. إن عقلاء جنوب كردفان يجب عليهم الآن فوراً التحرك لإخماد هذه الفتنة التي إن لم تطفأ الآن فسوف تحرق الأخضر واليابس، وسوف يندم أهل جنوب كردفان كثيراً لأن البندقية والحرب لن تجلبا فائدة أبداً، بل ما تفعله الحروب هو تدمير لقيم الإنسان ولهذا نحن ندعو كل دعاة السلام وكل الحادبين علي أمن الوطن أن ينتبهوا الي هذه الأحداث التي يجر اليها السودان جراً وهي هاوية سيسقط فيها المواطن البسيط أولاً . هذه دعوة أوجهها لقادة قطاع الشمال أيضاً إن كنتم فعلاً تهمكم مصلحة أهل جنوب كردفان فعليكم فوراً سحب قوات الجيش الشعبي الي مناطق بعيدة عن المدن وبعيدة عن المواطن البسيط وأيقاف هذه التوترات فوراً . إن الخاسر من توتر الأحداث هو مواطن ولاية جنوب كردفان، وأذا كانت الحركة الشعبية كما تدعي حريصة علي أمن المواطن وحريصة علي مصلحة ولاية جنوب كردفان فكيف تجلب لها الحرب وتقول إنها تريد مصلحة جنوب كردفان ؟ورسالة أخيرة أوجهها الي أولئك الحالمين بعدالة تأتي اليهم من خارج الحدود ويؤملون في تدخل الخارج ، فإن أي شأن وطني دخل فيه أجانب أو وسطاء دوليون فإن الخراب سيحل بالمنطقة وهذا حصل في أماكن كثيرة من العالم ودونكم العراق وليبيا الآن ، ان رغبة البعض في تدويل قضية وطنية أو شأن محلي يمكن للناس أهل المنطقة أن يحلوه ويمكن لأهل البلد أن ينزعوا فتيل التوتر بأنفسهم أرحم مليون مرة من تدخل أجنبي لا يعرف عن طبيعة المنطقة وعادات الناس شيئاً سوي عبر تقارير مخابرات . دعوتي اليكم بني وطني ضعوا السلاح أرضاً وأحتكموا الي صوت العقل .. يجب أستلهام الموروث السوداني في التعايش السلمي والجودية وضل الراكوبة وقيم السماحة والخير المتأصلة في السودانيين في حل هذه القضية ،ورسالة نوجهها الي والي ولاية جنوب كردفان المنتخب مولانا أحمد هارون كن أباً للجميع وحاكماً لكل الناس وأسرع لحل وعلاج هذه الأحداث بالحكمة التي عرفت بها ودشنت بها عهدك مع اهل جنوب كردفان، الآن مطلوب منك أن تكون فوق الغضب وان تعالج هذه الحوادث المتسارعة بكل جدية ونقول لك أصحب أهل الحل وزعماء القبائل ومثقفي المنطقة وأعيان جنوب كردفان، أجعلهم سندك وعضدك في أطفاء هذه الفتنة والله سيكون عونك ويسدد خطاك، ونسأل الله أن يجنب أهل السودان وأهل جنوب كردفان الفتن، وأن يعم السلام كل ربوع الوطن ... وأبدا ماهنت يا سوداننا يوماً علينا. .