عام يفصل بين آخر زيارة لرئيس الجمهورية المشير عمر البشير لولاية البحرالاحمر وزيارته المرتقبة منتصف يونيو الجارى، و قد شهد (عام) غياب الرئيس حضور أزمات وكوارث متعددة ومتنوعة عاشتها الولاية منها غضبة الطبيعة حينما غمرت السيول والفيضانات مدينة بورتسودان و لم تجد طريقها للبحر فأغرقت البيوت واصابت الدمار ، وتلتها الاختراقات الامنية التى أعادت السودان لدائرة الأضواء العالمية حينما تصدرت الأخبار فى الفضائيات والصحف العالمية الهجوم الاسرائيلى على العربة السوناتا ب(هوشيرى) 15 ك جنوببورتسودان و ما تبعها من ظلال ، اما سياسياً فقد واجه حزب البشير ثالث إنشقاق داخل صفوفه بعد أن خرجت منه جماعة ما يسمى بالاصلاح والتقويم وقد سبقهم إنشقاق (التواصل) بقيادة حامد محمد على و إنشقاق ناظرالأمرأر بقواعده . ومن جانب آخر تعبر قيادات الوطنى عن فخرها ببرامج التنمية غير المسبوقة كما يطلقون عليها وقد انتظمت انحاء الولاية ثورة التعمير والبناء ، فبأى حال يزور رئيس الجمهورية البحرالاحمر بما مضى أم بأمر فيه تجديد .. برنامج الزيارة الذى كُونت له لجنة عليا بالولاية يرأسها الوالى وعضوية بعض مسؤولى الحكومة وناشطون بالحزب الحاكم ورجال أعمال مقربين من الحكومة، رسم ملامح زيارة الرئيس المرتكزه على سبع محليات من جملة عشر محليات يبدأها ببورتسودان ليفتتح طريقاً داخلياً وورشاً للحرفيين وتسليم الدفعة الثانية من قوارب الصيد ثم يتجه شمالاً الى محلية جبيت المعادن لإفتتاح منشآت ثم الى أقصى شمال الولاية محلية حلايب لإفتتاح الطريق القارى الذى يربط السودان بمصر و إفتتاح مستشفى اقيم حديثاً هناك بمدينة اوسيف ولا تشمل الزيارة المثلث المحتل من قبل المصريين كما أوضحت الخارجية فى بيانها الاخير، ومنها يتجه الموكب الرئاسى غرباً فيحل أولاً على سنكات وجبيت (مسقط رأس الوالى) ليتم افتتاح عدد من المنشآت الخدمية و الثقافية وبعدها يتجه المسير الى محلية هيا لإفتتاح مبانى المحلية ومستشفى ثم يأتى دور محلية دورديب ختاماً لمحليات غرب الولاية و أيضاً يفتتح الرئيس عدداً من المبانى والمشاريع ثم العودة الى محلية سواكن لذات المناشط والعودة الى بورتسودان . من ناحيته فقد قطع والى ولاية البحرالاحمر بتحديد زيارة الرئيس لسبع محليات دون توضيح أسباب استثناء الثلاث محليات الاخرى وكشف ايلا فى تصريحاته عن جملة مشاريع يفتتحها الرئيس منها تمليك (180) قارب صيد تم تمويلها عبر المصارف وديوان الزكاة وتسليم (400) من الحرفيين مواقعَ انتاجيه بجانب جمله من المشروعات التنموية والخدمية من صحة وتعليم ومواقع إنتاج . من جانب آخر أضحت زيارة الرئيس مادة أجرت مداد أقلام كتاب الرأى والمحللين ويقول الكاتب والمحلل السياسى الأستاذ أحمد جبران : إن الزياره ذات أبعاد سياسية أكثر من كونها تصب فى ماعون التنمية والمؤشرات التى تدلل على ذلك الظن أن عدداً من المشروعات سبق للرئيس أن قص شريط إفتتاحها كالقوارب والحرفيين وبعض الطرق التى أعيد رصفها وحتى المستشفيات بالمحليات فقد تكررت زيارتها واستهلكت إعلامياً حتى أنها لم تعد شيئاً جديداً ، لكن من الجانب السياسى تعد الزيارة نصراً ل(جناح) ايلا وهى بمثابة (قارب النجاة) له وهى تأكيد نصرة المركز لسياساته خاصة وان التكهنات تشير لعدم رضى المركز عنه وذهب آخرون لترتيبات ما بعد (ايلا) لتأتى الزيارة نفياً لكل ما سبق و أن المركز و (ايلا) سمن على عسل ، خاصة وانها تأتى بالطريقة (الايلاوية) فى التحدى لخصومه بتجاوز الزياره للمحليات التى عرفت بمعارضتها وانتقادات قياداتها لما يوصف بتهميش تلك المحليات تنموياً ، وهى رساله مفادها أن هذه سياستنا مدعومهة من قمة الدولة و ال(ماعاجبو) يقع البحر . لكن البحر الاحمر نفسه ربما لايشفى (غضب) الواقعين فيه من خصوم ايلا فأولى المحليات التى تجاوزتها الزيارة محلية (القنب والاوليب) وهى المحلية المجاورة لبورتسودان وتمتد من مشارف المدينة وحتى حدود نهر النيل ويشقها الطريق القومى (عطبرهبورتسودان) وتحوى مساحتها مناطقَ غنية بالمعادن وانشطة التعدين مثل (ارياب) أو التعدين الاهلى ، لكن مايجعل المحلية تطفو على الاسطح الاعلامية كونها أهم محليات قبائل الامرأر وبها مقر ناظر الامرأر الشيخ على محمود وهو أشهر المعارضين لما يوصف بسياسة التهميش لدرجة خروج (الناظر) مغاضباً و محتجاً لدى المركز برفع مذكرة مطلبية يصل أعلى اسقفها قيام ولاية ساحلية يتم من خلالها فصل شمال ووسط و جنوب الولاية عن غربها ، وفى تصريحات للصحافة يقول الناشط السياسى والاجتماعى بمحلية القنب والاوليب الاستاذ احمد كرار ان إستبعاد المحلية لم يكن الاول فقد سبق وان استبعدت عن زيارات الرئيس كثيراً برغم اعتماد الولاية على موارد المحليه من مياه ومنتجات زراعيه فى (أربعات و سلوم) وغيرها لكن تأتى فى ذيل اهتمامات حكومة الولاية التنموية ويضيف كرار: أن المحلية يتجسد فيها كل الاهمال والتهميش وانعدام الخدمات الصحية والتعليمية ويختتم كرار حديثه بمناشدة الرئيس والقيادة المركزيه لزيارة المحلية لإنقاذها من الاهمال الواقع عليها بفعل فاعل . جنوب الولاية والذى يحتضن محليتى (طوكر وعقيق) لن يقع تحت مظلة الزياره الرئاسية بحسب البرنامج المعلن عبر الاعلام المحلى ولايجد مواطنو المحليتين أنفسهم أكثر حظاً من أخوانهم بالقنب والاوليب و يقول للصحيفة الناشط بالحركات الشبابية المنادية بتنمية جنوب الولاية الاستاذ جعفر عبد القادر : إن البرنامج وضعته حكومة الولاية واستبعدت المحليتين لجهة عدم قيام أى مشاريع هناك وحتى والى الولاية فلم يكرر زيارته اليتيمة للمحليتين التى قام بها قبيل الانتخابات فلم يكن متوقعاً إدراج المحليتين ضمن البرنامج ، لكن توقع الاستاذ جعفر أن يكسر الرئيس البرنامج بقوله : لا نتوقع تجاوز السيد الرئيس عمر البشير الذى انتخبه كل مواطنى المحليتين تجاوزه للمنطقتين و أن تمر زيارته دون الوقوف على حال المنطقه ومآل المواطن ويضيف جعفر : المنطقة أصبحت أقرب للمقبرة الجماعية ولا توجد بها مشاريع تنموية تذكر أو ذات عائد على المواطن واضاف : إن تجاوزها الرئيس ولم يقف على الحال بأم عينه فسيصلى عليها لاحقاً صلاة الغائب . اذن بولاية البحرالاحمرهذه الايام محليات تتزين لتستقبل الرئيس و أخرى تلطم خدود الندم لوقوعها ضمن دائرة المغضوب عليها من قبل الوالي ، هي مفارقات يصفها الكثيرون بالغريبة ويعتبرونها تصعيدا من الوالي الغاضب على مواطني المحليات الثلاث الذين لم يخفوا معارضتهم لسياسته ،ولمعرفة اسباب عدم إدراج المحليات الثلاث ضمن جدول زيارة الرئيس حاولنا استنطاق عدد من قيادات الحزب الحاكم بالولاية فتمترسوا جميعا خلف حاجز الصمت وحتي الذي تحدث أشار الينا مداعبا :هل تريدون الحاق الضرر بي ام ماذا ؟ وفهمنا فحوى رسالته كما استوعب مواطنو المحليات الثلاث رسالة الوالي ،بيد ان هناك احساس قوي يتملك الكثيرين أن رئيس الجمهورية وكما تعود منه اهل الشرق المفاجآت السارة سيقوم بزيارة المحليات التي لم يتم إدراجها في جولة زيارته ،والايام وحدها هي التي ستكشف عما هو قادم .