(كلما بنىَّ على باطل فهو باطل) (1) المفكرون مَنْ هم؟! ٭ من واقع المدخل يمكن تنزيل (مضمون النص) على ارض الواقع واضعين في الاعتبار وجه المقارنة ما بين التجربة السودانية بأوجهها المتعددة في بنائها المؤسسي، الاجتماعي والسياسي، والاقتصادي، ومستصحبين لكل التجارب بأشكالها المتباينة، الموجب منها والسالب، عسى بذلك نصل الى الاجابة.. لماذا؟! (انتهت اتفاقية نيفاشا للسلام لما انتهت إليه)؟!!! ويبقى اللوم على نجاح وفشل فكرة مشروع الترابي الحضاري، ومشروع الراحل قرنق السودان الجديد!!!! (2) هل انتهت الايدولوجيا؟! ٭ يظل هذا السؤال التبريري هو الملاذ الآمن لكل عاجز عن تكييف الواقع وفق المعطيات، المتجددة في البحث عن الاجابة الهلامية لموت ( الفكرة)- وحتماً الفكرة لا تموت، طالما أنه في البدء كانت (الكلمة)، والكلمة هى الأم الرءوم للحوار، والجدل هو وليد الفكرة. ٭ تبقى كل الاجتهادات بشكلها اليقيني (الايماني) واللا ديني (الوجودي) هى مبعث للقناعة وميلاد للفكرة- واسلوب العاجز يتجلى في عدم توصيل الفكرة، فتتولد تلقائياً عبارات التبرير، لتستنهض أسلحة الدفاع الحزبي عن الفكرة، حتى ولو كانت (خطأ) وهنا يبين مبعث الصراع ما بين الافكار فتتلاقح لتوليد رؤية جديدة، وهكذا عرفنا أفكاراً حملت أسماء أصحابها- والحكمة في ذلك توافق طرحها ومعطيات كل زمان وقدر دينميكيتها في المكان ( المهدية- الماركسية..). (3) التجربة السودانية ٭ اذا اخذنا التجربة السودانية من حيث الطرح الفكري، نجد أنه كاذب من يشكك في نموذجها بشكلها الليبرالي الحداثي، والغني بالممارسة الديمقراطية والمعاشة، وفق كل ماهو معطي، خلال نشأة وقيام الدولة السودانية بمفهومها الحديث، ومقومات النجاح في تأسيس البنيات بكل ما تحتاجه من موارد بشرية ومادية، مدعومة بأنظمة حكم ذات نمط عرفي وأهلي اداري يرقى الى اعلى أنماط (الدساتير) والاحكام الشرعية الراقية من التي يمكن لها أن تتحسس سكة الوصول الى مرافيء أرقى الانظمة الحزبية الديمقراطية في عالم اليوم، حيث النظام الليبرالي (التعددي) وتوفير حقوق الانسان في الحرية والاقامة الكاملة، غير المنقوصة- ولا ظلماً في السر ولا حتى في العلن- ولا حرماناً للحقوق المادية ولا المعنوية. بل المساواة في العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان. (4) ما هية المشروع وطموح العراب الحالم ٭ الحديث عما سمى بالمشروع الحضاري، يطرق اول ما يطرق باب السياسة عبر ما سمى بحركة الاخوان المسلمين في السودان، منذ لحظة دخولها كفكرة ذات منشأ (خارجي) انتحت جانب التأثير والتأثر بمشروع حسن البنا العقائدي متماهي وشكل العلاقات للافكار المصدرة من الشقيقة (مصر) بحق الجوار الجغرافي ما بين شعبي وادي النيل- هذا اذا افردنا حق الملكية الفكرية للمرحوم حسن البنا، والتي أجمعنا على تحديد وصفها في بداية المقال، وعليه كان لابد للافكار أن تأخذ حيزها الجغرافي والمطابقة البيئية طالما أن الانسان وليد لبيئته، يبقى اذا نسبنا الفكرة اليوم (للعراب) وتجاهلنا بالانتقاص لحق المواطنة، نكون بذلك قد أدخلنا جانب الانتماء العقدي ضمن بورصة الاحتكار للاقتصاد ذي (المثلث الحمدي) والذي ( بالانقلاب الشمولي) صادر الفكرة دون أن يمنح صاحبها حق (الملكية الفكرية)، ومدى مقدرته على تنزيلها على ارض الواقع المعاش!!! ٭ وهذا ما يدعونا الى ان نفرد بالتميز دور الفكر السوداني الحر بعيداً عن الافكار الاخرى ومداخل الغزو الثقافي- يبقى ملاذنا في (السودان للسودانيين، لا مصر ولا بريطانيين)!! وبنفس المستوى تبقى حركة الاخوان المسلمين المصرية هى صاحبة الحق في المطالبة بالحقوق (الديمقراطية) لجماعة العراب، ليكفروا عما احدثوه من تشويه ( باسم المشروع الحضاري)، طال حتى يشكل النموذج الذي انتهت اليه حركة الشباب المنسوبة الى جماعة (الفيس بوك) وثورة 52 يناير 1102م، وعليه أية دعوة الى الديمقراطية الليبرالية من حركة شباب الأخوان المصرية- هى مطالبة ضمنية لرد الظلم الذي حاق بالشعب السوداني (الصابر على البلاء) من قبل نموذج العراب والقانون (البطال) منذ أيام الامام المبايع جعفر نميري، وصلاً الى مسرحية الانقلاب في (03 يونيو 9891م) والتي أمل (الشيخ) وحوارييه من (الابارهة الاشارم) ألا تكتمل فصولها (ابداً... ابداً) إلا بفناء ثلثي الشعب السوداني- (ليتمكنوا) من حكم (الثلث) بلا (إحم أو دستور). ٭ وهم قد ظلوا يعكفون على إشعال نيران الحرب، تارة بالحرب الدينية المقدسة وزف الشهداء الى (الجنة والزواج من الحور العين) كما كان في ايام ( الجهاد ندانا لجنان رضوانا..) الى ما قبل نيفاشا- تلك الاتفاقية التي نجحوا عبرها في فصل الجنوب عن الشمال وهاهم اليوم يسعون سعياً حثيثاً الى إشعال نار الحرب العرقية في (جنوب كردفان) ما بين (النوبة وغيرهم) كما أشعلوها بين المسيرية والدينكا في (أبيي)، اضافة الى ما انتهت اليه دارفور الكبرى من حروب أهلية، وتفتيت لنسيجها الاجتماعي المعروف بتمسكه بالقرآن. ٭ وآخر الاعيبهم (الشعبية) مع الحركات (الشعبية) ذهاب عرابهم الى مفاوضات (الدوحة) بحجة إكمال (مشروع) سلام دارفور والذي ادعى في السابق في أنه سوف يحل اشكالها في (دقائق)؟!! (كدي.. النشوف)!! ٭ والسؤال الذي يطرح نفسه الآن- هل حقيقة الحل في يد الشيخ العراب كما يدعي، ويمكن التوصل الى الحل في (ثواني)؟!! بالضرورة نستبعد ذلك بل أنه ساعٍ الى خلق المزيد من (البلبلة) والفتن عبر توليد المزيد من الحركات المسلحة أميبياً، عسى ولعل يحق له ان يدعي التأثير وان لا حلول لمشاكلها إلا اذا خرجت من بيته في (المنشية) كما سبق ان قال ان حل (مشكلة أبيي) (مرقت من منزله) لكن (حكومة البشير) خالفته.. نقول (كضباً كاضب) فالجميع يدرك وجهة نظر (سكان أبيي) وخاصة (المسيرية) وكردفان الكبرى في (المشروع الحضاري) للعراب) منذ ايام زيارته الى المجلد في الفترة الانتقالية في 5891 ما بعد الانتفاضة- وكيف قد قوبل (بالصد) والطرد حتى وصفت (صحف الجبهة الوان والراية) يومها بأن لا حرج اذا اؤذىَّ (الشيخ) فقد سبق ان اؤذىَّ النبي صلى الله عليه وسلم من (سفهاء الطائف) وشتان ما بين النبي صلى الله عليه وسلم وشيخ ( الابارهة)، ولا تعليق؟!! ٭ الخلاصة: ٭ إن كل مشروع الشيخ والذي سمى بالحضاري، ومشروع الحركة والذي سمى بالسودان الجديد - ماهو إلا عبارة عن أماني في مخيلة كل عاجز عن تحقيق رغباته الذاتية في الحياة للسلطة والثروة. فلجأ الى (خياله المريض) عسى ان يجد فيه العزاء، ولكن لابد لمن يترك عنان التفكير الخيالي لعقله ان يعي ان السلطة والمال لا يمنحان لمن يطلبهما خوفاً من المفسدة، وقد كان، وخير نموذج يمكن نأخذه اليوم من باب العظة والعبرة ( اتفاقية نيفاشا) . فنيفاشا لم تفشل فقط في تحقيق طموحات المشروع الحضاري للترابي ومشروع السودان الجديد لقرنق بعد رحيله. لكنها فشلت حتى في الحفاظ على (السودان القديم) بحدوده المعروفة في 1/1/6591، والذي اجمع المشروعان (بالشراكة الذكية) على هدمه- لقيام الجديد والنتيجة فقدناهما معاً. ٭ وبذا تكون الحركتان (حركة الاخوان والحركة الشعبية) قد فشلتا في الحفاظ على المركز المنبوذ ولم تنجحا في الفوز بالهامش المنشود. هامش: ٭ نقول للأبارهة الأشارم والشيوخ الحالمة من النسخ الشعبية المكررة (ربنا يخلص الشعب السوداني) من عمائلكم الشمولية والتي لا تنتهي- كمسرح العبث ذي الفصول المفتوحة في (العرض)- ولا لمسرح ( العراب الواحد)!!