منذ حوالي عقدين من الزمن شهد السودان انتشار الاسلحة النارية واستعمالها بطريقة غير مسبوقة في جميع ارجاء الوطن، هذة الظاهرة الخارجة عن المألوف، والتي ابتدعها النظام الحالي تسببت في موت ونزوح الملايين من ابناء الوطن وأدت الي تدخل الدول الكبرى التى ساهمت بدورها في فصل الجنوب . الآن وبعد انفصال الجنوب جاء الدور علي ابيي حيث شكل احتلال ابيي اندلاع الشرارة الاولي ' لبكتيريا الاقتتال' لتنطلق العدوى بسرعة مذهلة إلى جنوب كردفان وجبال النوبة وبقية ارجاء السودان. وسبب ذلك يعود كما قال الاستاذ صديق حماد الانصاري الي مشروع الشيخ والذي سمى بالحضاري، ومشروع الحركة والذي سمى بالسودان الجديد - ماهو إلا عبارة عن أماني في مخيلة كل عاجز عن تحقيق رغباته الذاتية في الحياة للسلطة والثروة. فلجأ الى (خياله المريض) عسى ان يجد فيه العزاء، ولكن لابد لمن يترك عنان التفكير الخيالي لعقله ان يعي ان السلطة والمال لا يمنحان لمن يطلبهما خوفاً من المفسدة، وقد كان، وخير نموذج يمكن نأخذه اليوم من باب العظة والعبرة ( اتفاقية نيفاشا) . فنيفاشا لم تفشل فقط في تحقيق طموحات المشروع الحضاري للترابي ومشروع السودان الجديد لقرنق بعد رحيله. لكنها فشلت حتى في الحفاظ على (السودان القديم) بحدوده المعروفة في 1/1/1956، والذي اجمع المشروعان (بالشراكة الذكية) على هدمه- لقيام الجديد والنتيجة فقدناهما معاً. ٭ وبذا تكون الحركتان (حركة الاخوان والحركة الشعبية) قد فشلتا في الحفاظ على المركز المنبوذ ولم تنجحا في الفوز بالهامش المنشود. واخيراً اقول،المجتمع السوداني اليوم في حاجة أكيدة لحملة واسعة النطاق من أجل ترسيخ منظومة القيم التي لها علاقة بالتسامح، ولا يعود ذلك إلى افتقار هذا المجتمع لتراث كبير في هذا المجال، بل لأن تقاليد التسامح الموروثة أصبحت مهددة بالتفكك والتلاشي، نتيجة تغيرات عديدة شهدها المجتمع السوداني خلال السنوات الماضية، لذلك أصبحت بكتيريا الاقتتال هذة من أعتى انواع الامراض التي لا تداوى الا بالتسامح . هامش: لو عشت في بلاط عصرنا في هذه الايام حيث الأرانب العرجاء تركب الافيال وترتمي العنقاء في قفص وتكتب الاسماك والحيات اجمل الاشعار والقصص لو عشت في بلاط عصرنا لجاء اصلع الجناح، من بطانة الامير، مبارزاً واشهرت في وجهك السلاحف الرماح فالشعر في المخلاة والنجوم في مزاود البقر فما الذي تقول، زهرة البركان للحجر! «معين بسيسو»