قال ايمانويل كانت، حين تكلم عن السلام الدائم (إنه على الدول أن تعترف ليس فقط بحقوق وواجبات الدول حيال مواطنيها، بل أيضاً بحقوق وواجبات الدول تجاه بعضها البعض، وتجاه مواطني الدول الأخرى). مدخل:- ثاني تقول الرواية الشفاهية (إن المفتش الانجليزي مكمايكل، خرج في رحلة في بادية كردفان الكبرى، برفقة أحد (الحكماء) من العمد، فمروا على أحد البرك - وسمعوا صوت الضفادع - فسأل مكمايكل عن ذاك الصوت؟! فأجابه العمدة بأن الصوت يقول (مكميك... مكميك... مكميك ...الخ) فما كان منه إلا أن تبسم وألقى (بالباكشيش) للضفادع التي استقبلته بنعيقها. (1) الحكمة ما بين الفيلسوف كانت والعمدة السوداني إذا صدقت الرواية - فاننا لا خير أمامنا في (حل) مشكل السودان وبالتحديد (مشكلة أبيي) إلا على (أيادي الحكماء السودانيين). وكم نحن اليوم في أشد الحاجة إلى (رأي) الناظر بابو نمر، وقفشات السلطان دينق مجوك علماً بأننا ليس ببعيدين عنهما، ولكن نوازع الشر والحسد، قد (تمكنت) من الأفئدة كما قد (تمكنت) من الأمكنة، فعميت البصيرة من غشاوة البصر، ومن هنا أتى التخبط، وصار الحل السوداني من سابع المستحيلات، بعد أن ألغيا دوره تماماً في طاولة المفاوضات، فحتى إذا تم الاستعانة به، يتم من باب (دعوة المراكبية) لتكون النتيجة النهائية التجاهل بعدم سماع الرأي، واذا سمع فهو عبارة عن (تمامة جرتق) فحتى اذا كانت الموافقة بالمشاركة من قبل أصحاب (الرأي الآخر) - كما حدث في الدوحة من (الرفيق نقد) و(العراب) - فالمحصلة الأخيرة عبارة عن صورة (تذكارية جماعية) مع مفاوض الحكومة (الجوكر) أمين حسن عمر، والثانية أيضاً تذكارية ما بين (نافع ونقد) - فهذا ما يؤكد انعدام الثقة في كل (المشروع السوداني) وهذه هي أس (البلاوى) طالما أن كل ما كان ما قبل الانقاذ في 30 يونيو 1989م - هو غير مقبول، وقد تم شطبه من ذاكرة (الحلول) في التاريخ - (ودا ما صاح ... ما صاح) و(الماعندو قديم ما عندو جديد)!! و(الشجر الكبار فوقو الصمغ - ما ذي صمغ محترف المستشارية للجنرالات، والساكت اليوم عن كل ما كان مساهماً فيه أو قيماً عليه). (2) أدبيات الإنقاذ وفشلها في الحل بالحساب اليوم - وفي أدبيات (الانقاذ) ومنذ قدومها، لا تذكر لها مساهمة في الحوار مع الآخر - إلا عبر خطاب الاستعداء بل كل المشاريع الوفاقية التي طرحتها لا تخرج عن كيف يمكن لها المقدرة على تصفية أطروحات الآخر وخاصة الحزبي منه باعتبار أن الحياة في السودان، قد طويت صفحتها السابقة وبدأت في عهد الانقاذ. ٭ لذا فكل جميل لابد أن ينسب إليها... ولكن هنا تكمن (البلوة الكبرى)!!! (فأين حكماء الانقاذ) من ما هو (حاصل في سودان) ما بعد نيفاشا.. أو سودان ما بعد التقسيم في 2011/7/9م؟! بعد أن أصابت (البلوة) كبد الحقيقة. وهذا ليس بالجديد ولكن منذ أن رأينا أن هناك مفردة تسمى (اتفاقية) من أجل السلام. ٭ فاتفاقية (أديس أبابا) في العام 1972 - أوقفت حرب الأنيانيا(1) ومهندسها يوميها الدكتور منصور خالد - هو نفسه مستشار الراحل جون قرنق زعيم الحركة الشعبية ومفكرها (الوحيد).. وهو أيضاً مستشار الرئيس عمر البشير ما بعد (اتفاقية نيفاشا).. يبقى طالما أن حلول الانقاذ كلها أجنبية - فهي بالضرورة (لم تجنِ لا عنب الشام ولا بلح اليمن)!! والاستعانة (بالقوات الاثيوبية) في حل مشكل أبيي ذر للمزيد من الرمال على العيون، وإذا كان الحل يكمن في (أديس أبابا) ما كنا في حاجة إلى اعادة الكرة لاتفاقية 1972م، ولما تجددت الحرب في 1983م، علماً بأن نفس الأسباب التي قادت إلى (تولد الحرب) من جديد هو التجاهل المتعمد (للحكمة السودانية) والاستعانة (بالمشورة الاجنبية)، علماً بأن للرافع الدولي (الخواجة) حكمة تقول (لكل انسان ثمن) - ومن هنا يأتي الخوف - من التعويل على الأجنبي سواء كان (مدنيا أو عسكريا) - ومهما كان - في (الايقاد) أو المشتركة (المصرية الليبية) كما كان في أيام التجمع في الخارج. ولنتحدث بأكثر شفافية حول مساهمات دول الجوار في تصعيد (المشكل السوداني) بل العمل على فشل كل الاتفاقيات من واقع المصالح التي تجعل تلك الدول غير حادبة للتوصل إلى حل (للمشكل) إلا من واقع النظر إلى حجم العلاقة ومدى توظيفها لصالح مشروع الدولة المعنية، وهنا لا استثناء لأحد سواء كانت تلك العلاقة (عرقية أو دينية أو حتى حسن جوار)!!! فهي دونما مجاملة تخضع إلى معايير الشد والجذب من واقع الكسب وتمتين العلاقات بين الدول من واقع حجم الفائدة التي يمكن أن تجنيها تلك الدولة، من توفير لاستقرارها حتى ولو كان على حساب الزعزعة لدولة في شكل قارة كدولتنا السودان، جمع ما بينهما حق الجوار الجغرافي. (3) فشل الحوارات الأجنبية كل الذي يدور من حوارات في المحيط الاقليمي والدولي - في الشرق الأوسط أو في دول القارة الافريقية بخصوص السودان ومستقبله - لا يخرج عن الاطماع الاستعمارية الجديدة، والأطماع التوسعية لمشروع (العولمة الامريكي) في الأرض والبحث عن الموارد، ولا يمكن تقييم نيفاشا أو حتى مشاريع دول الايقاد بعيداً عن الأطماع لدول الجوار في (مثلث) ألمي - ولا يمكن أن يتم الحديث عن اتفاق في القاهرة إلا وكانت أجندة التفاوض (مثلث حلايب) قبل الحديث عن (حكومة الوحدة الوطنية)، وكذا الحال في كل الاتفاقيات التي تمت (في أديس أبابا (1) و(2) و(3) ربما (4) ...الخ) فالفشقة هي محور التفاوض حتى ولو لم يتم ذكرها، قبل ايقاف الحرب في أبيي وجنوب كردفان في السودان!! وما تم في أديس أبابا الأول يطول أديس أبابا الثانية بخصوص (أبيي)، يبقى الحديث عن المصالح الخارجية يدعم موقف (الحكمة السودانية) - دونما (دعوة المراكبية) والتي أشرنا إليها في ما حدث في مفاوضات الدوحة الأخيرة ومازلنا نؤكد، أن حل المشكل السوداني في (داخل القطر) وأهل مكة أدرى بشعابها - ومهما طال أمد التفاوض في الموائد الخارجية (لو في لاهاي - أو في برلين) (لو في جنوب افريقيا أو حتى في الصين) فلابد من رجوع (المراح) إلى الديار ولا علاج للعرجا إلا بالرجوع، هكذا يحدثنا المثل السوداني عبر تاريخه الذاخر (بالحِكم) - ويظل الحل معلقا والسودان مهددا - طالما اننا (بالعناد وركاب الرأس الناشف) مازلنا مصرين على التجاهل وعدم السماح لما ظل يطرحه (أمام الحكماء) من نداءات متكررة عبر فتحه لأبواب النصح بالرغم من عدم وجود الاستجابة المرجوة - دونما كلل أو ملل - عسى أن يسمع بذلك حواريو (امام الحوريات) كما سمعنا بعد المفاصلة في (السلطة) الحاكمة. وما يؤكد صحة ما ظل يقوله الامام الصادق الصديق المهدي - نلمسه اليوم من (غيرة) قادت بصاحبها إلى المفاصلة في 1999م، وكيف أن الأنانية وحب الذات قد دفعت به حتى إلى التضحية بالمشروع من أجل تحقيق (رغبة الجلوس) على كرسي رئاسة الجمهورية، والشئ المؤسف أن الذي نراه اليوم - يؤكد أن أصحاب التطلعات الذاتية لا يتورعون حتى لو ضاع (السودان). الوطن القارة، طالما أن غايتهم قد تضاربت والحل الشامل ويبقى حالم كل من يراهن على (العراب) وبأن أمام الحريات قد (تاب) وكفر عن جريمة الاطاحة (بالنظام الديمقراطي) وحقيقة صار اماماً للحريات - فالمثل السوداني يقول (السراق طبيعتو معاه)!!! هكذا تقول سيرته وكيف وهو بارع في التآمر ودونكم ما فعل بالأيدي التي مدت إليه، وكيف كان الرد للجميل بالنكران.. ولا يمكن أن نقرأ موقفه المعارض للانقاذ اليوم بمعزل عن (المصاحف) التي أهداها إلى العديد من شيوخ حركته، وكيف أن بعضهم قد عبر عن استيائه من النرجسية والتصابي والاستخفاف بالمقدرات والخبرات باسم (التجديد).. يبقى فقدان المصداقية هو الديدن لكل (أفكار وألاعيب العراب) وآخر المطاف - حديثه عن فشل أي مشروع للوفاق طرق بابه خصمه اللدود و(صهره الوفي) والذي صار بالنسبة له (عقدة) في تعامله مع مشروعه بعد (المفاصلة) - فأين ما وقف (الامام الصادق) - (فالشيخ الترابي) ضده - فدونكم (اتفاقية كنانة) مع السلطة - ودونكم اليوم الحديث المتجدد عن (التراضي الوطني) ما بين (الأمة والوطني) - فأول ما خرج من السجن، شكك في (الحوار) - فمتى يدرك (العراب) أن تجديداته وفتاويه قد انكشف زيفها، ولو كان أصلاً يؤمن بالديمقراطية لما لجأ إلى الاطاحة بها في ليلة 30 يونيو 1989م - وليعلم أن كل من جعل من المؤسسة العسكرية مطية للوصول للسلطة فدونما شك هو الخاسر بل سوف يظل يدفع فاتورة الأنظمة الشمولية مهما تجمل بعضوية كمال عمر في (التحالف) أو عول على حوارات ابراهيم السنوسي في (التيار) - وعموماً فان الكفران الزائد بما فعلت أياديهم من (جرم) لا يقود إلى كرسي الرئاسة ولكن بالتجارب يقود إلى كرسي الاعدام فدونكم تجربة اليسار في 19 يوليو 1971م وكيف قد صارت (تهمة لا تنكر وشرفا لا يدعى). ونفيد الشيخ أكثر وأكثر، ونقول ان التباكي على الحريات، بواسطة بعض الحواريين الجدد مثل (كمال عمر) فناس (علي وعمر) كانوا أشطر!!! وهنا تأتي المفارقة ويجب الاستفادة مما هو حادث اليوم من (حوار) اذا كان (العراب) حقيقة حادبا إلى المخرج (بحكمة) الشيوخ - من الاشكال - فعليه أن يقود مشروع الحكماء في السودان - دون التعويل على الحل الأجنبي - علماً بأن حتى القرضاوي صار يتحدث عن أسبقية الديمقراطية للشريعة (والغنوشي رأيه شنو)؟! لا ندري (وكفانا لاهاي).. وكفانا أديس أبابا - بل كفانا الدوحةوالقاهرة (ولا لتبديل القبعات طالما أن البديل واحد) وطالما أن الشيخ العراب اليوم هو أكبر المعارضين للنظام سناً ومواقف كما يدعي - فالواجب يلزمه أن يكون القدوة في تطبيق المثل السوداني (أكبر منك بيوم أفهم منك بسنه) ومرحباً بالسلام الحقيقي من (الداخل) ولا للجيوش الاجنبية في أبيي - مهما تغيرت القبعات الأممية - سواء كانت مصرية أو بنغالية أو حتى اثيوبية (فكلوا عند العرب صابون).