الأمن أمان الله، وانه لا يوجد أمن مطلق، انما هو أمن نسبي ثم تأتي التحوطات من باب «أعقلها وتوكل» كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم. جاء بصحيفة «الانتباهة» العدد «3681» بتاريخ 8 يونيو 1102م الخبز الآتي: «طالب مدير جهاز الأمن الاسبق صلاح قوش وزارة العدل بوضع قوانين رادعة ومشددة تحد من تحركات البعثات الدبلوماسية والمنظمات الاجنبية كما تشاء بالبلاد، منعاً لاختراق الامن القومي، ثم زاد ان البلاد معرضة للاختراق من مخابرات ومنظمات أجنبية غير حكومية» انتهى. وتعجبت أيما عجب أيصدر هذا الحديث من صلاح قوش؟! وهل هذا الوجود الاجنبي جديد؟ ام كان موجوداً في عهد سطوته؟! هل الوجود الدبلوماسي والمنظمات الأجنبية جاءت بعد خروجه من الجهاز؟! ام انها كانت موجودة في عهده! ثم انه ماذا فعل في عهده لمكافحة الاختراق والتجسس؟! هل وضع برنامجاً لذلك؟ ثم هل المسؤول عن المكافحة وزارة العدل؟ وهل وزارة العدل تمت للعمل الاستخباراتي بصلة؟! وحتى القوانين الرادعة والمشددة المقترحة من السيد مدير الجهاز الاسبق تحتاج الى تفصيل وتقدم في شكل مشروع او مشاريع قوانين خاصة بمكافحة التجسس. إن وزارة العدل ليست إدارة تابعة لجهاز المخابرات! أين شعب الأمن المتخصصة في مكافحة التجسس والتجسس المضاد، والامن الخارجي والداخلي؟ الم يكن هذا من صميم عمل الجهاز، بل ان الشعب السوداني يدفع من حر ماله وعلى حساب الصحة والتعليم والتنمية ليوفر لجهاز الأمن المال دون محاسبة. إن الوجود الدبلوماسي وجود قانوني تحكمه أعراف وقوانين دولية كما تعلمون، وأن الوجود الأجنبي عبر المنظمات أيضاً له قوانين تحكمه وبروتوكولات، وكذلك المنظمات التجارية الاجنبية، وحتى خدم المنازل الاجانب هم جزء من عمل المخابرات في البلاد. وأقول ذلك للأخ صلاح إنكم وفي عهدكم أفرطتم في العمل الداخلي وكثفتم المضايقات والاعتقالات العشوائية وفي منتصف الليالي، دون مراعاة لحرمة الناس ولا حرمة المنازل، غير مراعين للابناء الصغار وهم يرون آباءهم يساقون بطريقة مهينة، بل أمام الزوجات والامهات والابناء والجيران، وهو ارهاب ما بعده ارهاب، ولفرد واحد من ابناء الوطن تأتي خمس سيارات محملة بافراد في زي ملكي يحملون الرشاشات، ثم لا يسمح بالزيارة في الايام الاولى، ولا يسمح بدخول الكتب اليه، ويكون معزولاً عن العالم لا يعرف صرفا ولا عدلا. وهذا الجهاز الذي يدفع له المواطن من حر ماله يفعل به هكذا، فبالله عليكم أيهما اولى الوجود الاجنبي والتجسس الذي تحدثت عنه، ام اختطاف بعض السودانيين والسجن لآجال بعيدة دون مساءلة ودون محاكمة، تاركين الهم والغم للأسر. وبعدها يطلق سراح المعتقل دون ان توجه له تهمة، فأي قانون هذا؟ واي بلد هذا؟ واي نظام هذا؟ ثم ألم تكن المسؤول الأول بجهاز الأمن والمخابرات وكل شيء بيدك، التعيين، الترقية، الاحالة للمعاش، الاعتقال والافراج؟ الم تكن مسؤولاًَ عن كل ذلك؟ هل وضعت نظاماً محكماً لمكافحة التجسس قبل المطالبة بالقانون؟ واذا كان ذلك كذلك فإننا نطالب المدير الحالي بأن يعمل بذات النظام وان يطوره حتى يحصي أنفاس الاجانب. وانا متأكد إن كان الاخ صلاح قوش على رأس الجهاز فإنه لا يمكن ان يطالب وزارة العدل بهذا الطلب! ان الاختراق قد تم في عهد نميري من اميركا واسرائيل فكانت المخابرات الاسرائيلية داخل القصر الجمهوري وهي تدير شأن الفلاشا!! عملية موسى!! ولأن البلد ايضاً مخترق ايضاً كما قلت فإن ذلك تم في عهدكم. إن مكافحة الإرهاب جعلتنا شرطة لاميركا التي لم ترفع اسم السودان حتى الآن عن قائمة الدول الراعية للارهاب، مع اننا أسدينا لها معروفا، حتى انها دعتك الى زيارة خاصة بطائرة خاصة ضيفاً على CIA المخابرات المركزية الاميركية، وان كل مصائب الامة الاسلامية من هذه المخابرات سيئة السمعة ذائعة الصيت. بالله عليكم ماذا استفاد السودان من تعاونه وتفانيه لاميركا ومخابراتها؟ اميركا التي لم توقع على ميثاق المحكمة الجنائية تطالب الحكومة السودانية بأن تتعامل مع الجنائية، بل كادت توقع عقوبات على دولة زارها رئيس جمهورية السودان! إن أهم واجبات الجهاز المحافظة على كيان الأمة، وتوفير الأمن، وحماية الاعراض، وتأمين البلد من كل خطر داخلي وخارجي.. هذا دوره، وعلى الامة ممثلة في الحكومة توفير المال اللازم لذلك حتى ينهض ويقوم بدوره، وقد فعلت الامة، بل قيل ان 07% من ميزانية الدولة تذهب الى الأمن والدفاع، وانتم من الامن والدفاع؟! فأين حمايتنا من العدو الخارجي؟ اما في ما يخص الاختراق في عهدكم، فأسوق هذا الحديث لرجل معروف بحبه للبلد والاسلام، هو زعيم الاخوان المسلمين الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد المرشد العام بصحيفة «الانتباهة» بتاريخ 02 أبريل 1102م العدد «4481» جاء فيه: السودان مستباح لدرجة أن يحتقر الشخص نفسه، فكيف تقتحم طائرة وتقتل ولا تجد من يقف أمامها ويتصدى لها؟ اين الحكومة؟ إن الماسونية والصهيونية قد دخلت السودان وتوغلت داخل القصر الجمهوري الحاكم، وانا اقولها بكل وضوح وبلدنا قد بيع، وهذه الجهات عن طريق المال تستطيع ان تشتري كل شيء. وادعو الى نشر الوعي بالمخططات الصهيونية. ونحن لا نبرئ أنفسنا، واعترف بأن همتنا قد اصابها الضعف، وقد تم اقصاؤنا عن طريق البطانة التي لا تريد للاخوان المسلمين أن يسهموا في عجلة السياسة. إن ثورة الاتصالات التي انتظمت العالم قد غيرت مفاهيم العمل الاستخباراتي، إذ لم تعد عبارة سري للغاية ذات جدوى. إن الذي ضرب مصنع الشفاء صاروخ موجه GPS وهي احداثيات فيها عمل مخابرات ممتاز تم عبر «قوقل»، تعرف اين مكان الدبابات والطائرات، بل حتى مخازن الاسلحة، ناهيك عن التحرك الجماعي للقوات، فكله معروف ومكشوف عبر هذه الاقمار الاصطناعية التي تلبس منظار جاليلو، بل النظر الى اعلى صار النظر الى اسفل، وبدقة تصور النمل وهو يتحرك.. انه العلم. وأختم مقالي بمقال للسيد نيكولاس كاي سفير بريطانيا بالسودان، الذي له اهتمامات غير دبلوماسية، فهو يتعامل بالمكشوف، ويكتب مقالات راتبة بصحيفة «الصحافة» الغراء يوم الاربعاء من كل اسبوع، ويكتب أحياناً ب «أجراس الحرية» ويكتب في الشأن السوداني بصراحة وجرأة وشجاعة، فهو سفير بريطانيا الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، هكذا كان يطلق عليها. كتب ب «أجراس الحرية» العدد «7501» بتاريخ 31/6/1102م مقالاً بعنوان «اوقفوا الحرب»، فالرجل مواكب لاحداث أبيي وكذلك الاحداث الاخيرة بجنوب كردفان. اذكر ما قاله دون تعليق واترك ذلك لاهل النظر والتحليل من القراء الاعزاء وغيرهم.. قال الرجل: «بينما كنت أشاهد طائرات الانتنوف يجري تحميلها بالقنابل وطائرات الميج عائدة من مهمة في ولاية جنوب كردفان يوم الجمعة انتاب الحزن قلبي، فالتوترات السياسية والاثنية غير المحسوبة اندلعت في شكل مواجهات مسلحة واعمال قتل في انحاء الولاية، ولايزال القتال مستمرا، وهناك تقارير متزايدة عن تعرض مدنيين للقتل من جانب واحد، وآخر على اساس انتمائهم مما تثيره هذه الافعال، واذا ثبتت صحة هذه التقارير ستكون هناك حاجة لتقديم المسؤولين عنها للمساءلة، وسوف يكون للعدالة يومها»، وانهى سيادة السفير محمد احمد أقصد نيكولاس كاي سفير صاحبة الجلالة بالسودان!! ونبارك تصريح الرئيس بشأن الخروج من أبيي، حتى نتفادى مواجهة المجتمع الدولي كما حدث بدارفور.