لماذا لم يسمع العالم العربي والإسلامي باندلاع ثورة شعبية في أيٍ من دول الخليج العربي؟ الجواب ببساطة لأن دول التعاون الخليجي خصوصاً دولة الإمارات العربية المتحدة لم تدع شيئاً من أسباب الرفاهية لشعوبها إلا ووفرته، وهم يعيشون منذ عقود في بحبوحة العيش الكريم، ولذلك لا حاجة لهم بالمظاهرات والثورات، كما يحدث الآن في ليبيا وسوريا واليمن والأردن وبقية الدول المتوقع اندلاع الثورات فيها عاجلاً أم آجلاً، لقد أتاحت لي الزيارة المقتضبة للشارقة ودبي وعجمان وأبو ظبي مشاهدة الكثير المدهش الذي ينم عن عزيمة حكمية صادقة من حكام الإمارات لإسعاد المواطنين وضمان تمتعهم بالحياة الكريمة، ورأيت كيف نهضت تلك البقاع من اللاشيء لتصل إلى القمة، الأمر الذي حير الغربيين أنفسهم وهم يتجولون ما بين أبراج خليفة ومترو دبي ومولات التسوق التي تضاهي أفضل الأسواق الامريكية والأوربية، نعم ما فعلته حكومة دبي من تنمية عمرانية وخدمية يرشحها لتكون من أفضل حكومات العالم من حيث الإخلاص والأمانة في تقديم الخدمات في زمن تكثر فيه الثورات والمظاهرات ومظاهر الخراب المستشري في كل مكان. إن الفرق واضح بين الإصلاح والإفساد، وحينما تقفز دول الخليج من فوق أكوام التاريخ الفقير حيث كانت الى وقت قريب موطناً لرعاة الابل والمعيز الى قمة النهضة العمرانية والانتعاش الاقتصادي والمالي بسبب النفط، علينا ان نتساءل لماذا توقف الزمن في بلد كالسودان ظلت موارده النفطية والمعدنية والزراعية تستخرج طيلة عشرين عاماً دون أن يبدو على وجه البلد مظهر النماء والتقدم؟ لماذا تخلفنا في وقت يتقدم فيه الجميع نحو عالم المال والأعمال وناطحات السحاب؟ لماذا يوظف الناس مواردهم في إصلاح بلدانهم، فيما يتعين علينا التأمل في سلوكيات لصوص المال العام؟ لقد سررت بزيارة الامارات، بيد أني وللحقيقة حزنت ايما حزن للحال الذي كتب على بلادنا أن تعانيه في ظل الحكام الخونة والعملاء سارقي ثروات الشعوب. نعم علينا أن ننظر في تجارب الغير لندرك كم خسرنا من سنوات وموارد لا تعوض كان يمكن ان تكون ذخراً لاجيالنا القادمة، لقد سمعت أن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد طلب من الشركات الأجنبية المنفذة لمترو دبي المدهش، أن يصمموا المترو بمواصفات تواكب ما يطرأ من طفرات في عالم المترو لمدى ثلاثين عاماً قادمة.. بمعنى أنه ينظر لمصلحة الاجيال القادمة من على مسافة ثلاثة عقود، فهل ثمة أمانة مماثلة؟ إن الله يبارك في الحاكم العادل ويلعن الحاكم الجائر، ومن المهم أن تراجع الامة السودانية مسارها الأخلاقي والتقني والتقاني قبل أن تعود الى الوراء مائة عام اخرى، بسبب العزلة غير المجيدة وأرتال وأنماط الفساد والمفسدين، نعم علينا أن نصحو قبل قيام الساعة، فقد حانت أشراطها ومازال السودان يرفل في أغلال التخلف ويوضع اسمه ليس ضمن قائمة الدول الراعية والداعمة للإرهاب كلا، وإنما ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً والله لا يحب الفساد. دعونا نتساءل عن حجم الأموال التي خرجت من الخزانة العامة طيلة العشر سنوات الأخيرة تحت ستار التنمية.. كم بلغت؟ هذا السؤال مطروح على وزير المالية ووكيلها... لماذا لم تنعكس تلك الأموال على ضخامتها تنميةً وتطوراً وأمناً واستقراراً؟ لماذا تعيش معظم قطاعات الشعب السوداني تحت خط الفقر؟ أين ذهبت أموالنا ؟ إنها أسئلة حائرة، ثم نعمل جميعاً على إيقاف آلة الفساد المخربة للحرث والنسل، ثم نحاكم السارقين على «دائر المليم»، نعم يجب علينا ألا نستجيب للفقر، ونبحث عن حقوقنا المنهوبة والمسلوبة، فالله لا يغير بما بقوم إن لم يبدوا هم رغبة أكيدة في التغيير نحو الأفضل.