تم في يوم السبت الماضي اللقاء الذي كان مرتقباً بين مولانا السيد محمد عثمان الميرغني مرشد الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل والسيد الرئيس المشير عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية، وقد اعجبني جداً ان تم افتتاح اللقاء بالحديث عن الامور العامة التي تشغل بلادنا الآن وما جاء في حديث السيد محمد عثمان الميرغني عن كيفية التعامل مع الاخوة الجنوبيين بعد اول يوليو ويتم الانفصال والمح مولانا باعطاء الجنوبيين الذين يرغبون في البقاء في الشمال ما يشعرهم بمتانة الاواصر بيننا وبينهم رغم الانفصال ولكنني كنت اتمنى ان يخاطب مولانا الطرفين في الشمال والجنوب بتهدئة الخواطر وعدم الميل الى الاستفزاز او اختلاق ما يعمق الخلاف بين البلدين كنت اتمنى ذلك لان لمولانا مساحة كبيرة من الثقة عند اخواننا الجنوبيين ونحن وقطاع كبير من اهالي السودان يحرصون على صون العلاقات بين الدولة القادمة والدولة الام وهذا رأي اغلبية السودانيين الذين يحتفظون في دواخلهم بكثير من الود والاخاء لاخوانهم في الجنوب رغم بعد الشقة ولكن يلاحظ ان القيادات العسكرية في الجيش الشعبي لا تواكب هذا المفهوم المتطور الذي يجب ان يكون ديدناً وشعاراً لاهل الشمال والجنوب على السواء. ونلاحظ ان الذي دار في ابيي ويدور الآن في جنوب كردفان امران يجب ان يعالجا بسرعة وهذه المعالجة تتطلب من الاخوة في الجنوب ان يعملوا على صون العلاقات وتمكينها وتمتينها لاننا اذا نظرنا الى المشكلتين بعين مجردة نجد ان الاخوة في الجيش الشعبي في ابيي قد اعتدوا على موكب كان يضم القوات المسلحة وقوات الاممالمتحدة الامر الذي نجم عنه استشهاد بعض افراد القوات المسلحة وتمت ادانة شبه عالمية لهذا الاعتداء كان على رأسها الادانة القوية التي صدرت عن الامين العام للامم المتحدة يشجب فيها هذا الاعتداء الآثم ويدينه وحتى اميركا وان لم تصدر عنها ادانة دامغة اكتفت بمطالبة الجميع بضبط النفس وعدم اللجوء الى مثل هذه الاعتداءات على الرغم من انها وبعد يومين او ثلاثة عادت لتقف ضد حكومة شمال السودان لاسباب يعلمها الرئيس حسين اوباما كما يحلو للبعض ان يسميه تجاوزاً ويعلمها قبل غيره لانها طبخة تطبخ داخل بيته الابيض وليس بالضرورة معرفة طريقة طهيها كما هو الحال مع معظم الرؤساء الاميركيين. كما انني استشهد بموقف آخر وهو ان الانتخابات التي جرت في جنوب كردفان صاحبتها كثير من الشكوك حتى اخذ البعض على لجنة الانتخابات تهاونها مع المتشككين في نتائج هذه الانتخابات حتى افقدتها هذه الشكوك طعمها ولونها ما زاد الطين بلة تلك الحرب الضروس التي قام بها الجيش الشعبي في ولاية كردفان وما زالت لها بواق مستعرة. ونحن الذين نؤمن بضرورة قيام علاقات حميمية وودية وتعاونية بين دولة الشمال والجنوب نرجو ان نخاطب الاخوة الذين اثاروا هذه المشكلات وما زالوا يثيرون ارجو ان نخاطبهم بان طموحات الشعبين ليس في اجندتها ما يعكر صفو الامن بل على النقيض فان من اوجب وادق طموحاتها ان ترى العلاقة السائدة بين الشمال والجنوب علاقة متينة وقوية كي ما نستطيع تحت الواقع الجديد ان نحقق ما نصبو اليه من واقع نرجوه ونتمناه. اما الشق الآخر في حديث مولانا الميرغني فيما يختص بالمشاركة في الحكم بما ينفع الناس واعتقد ان مولانا كعادته كان دقيقا وحكيما حينما قال ان المشاركة مرهونة بما ينفع الناس وواجب علينا مناقشة ابعاد هذه المشاركة وبلادنا تمر بظروف اقتصادية صعبة ستزداد حدة وصعوبة بعد اول يوليو وعلى الرئيس البشير وكل المسؤولين في حكومته باديء ذي بدء ان يبدأ بوقف هذا الترهل الضار بالجهاز الحكومي وتقليص كل الوظائف في الجهاز المركزي والجهاز الولائي وقصرها على اقل عدد من شاغلي المناصب الدستورية لان ذلك من شأنه ان يزيل كثيراً من الاعباء المالية التي تعاني منها الحكومة الآن والتي ستفشل بالالتزام بادائها بعد اول يوليو وعليه فسيكون الالتزام واضحا بتحديد عدد معين من الوظائف الدستورية في الحكومتين الولائية والمركزية والتدقيق في امر شاغليها الحاليين واستبعاد الذين ارتكبوا مخالفات اضرت بمسيرة الحكم او الحكومة هذا يتطلب ايضاً التدقيق نفسه في العدد المحدد الذي ندخره للمشاركة في الحكم لاسباب قومية ويبقي عامل الكفاءة والخبرة هما العاملان الاساسيان للاحزاب السياسية في اختيار ممثليها واذا ما التزمنا وآمنا بهذه المبادئ فسيكون عامل المشاركة فيه ما ينفع الناس وهناك شرط آخر اساسي. أنا متأكد كل التأكد بان هذا لم يغب عن بال مولانا الميرغني وهو ضرورة توسيع هذه المشاركة حتى تشمل كل الاحزاب الراغبة في التوافق الوطني واعتقد بان مولانا مؤهل كل التأهيل للقيام بدور وطني مهم في هذا الصدد علما بان مشاركتنا نحن كاتحاديين لن تحل الموقف والذي يدعم هذا الموقف هو ان مولانا قد خاطب الامة السودانية حين عاد الى ارض الوطن بمبادرته الشهيرة الداعية الى الوحدة الوطنية والوفاق القومي وعلى الرغم من ان هذه المبادرة لم تنفذ في وقتها الا انني ارى ان هذا هو الوقت المناسب الذي يقوم فيه مولانا بدور ايجابي واضح يتولى فيه اخراج السودان من عنق الزجاجة ويعيد العلاقات بيننا وبين الاخوة في الجنوب بمناصحتهم ومواجهتهم بكل الاخطاء التي تحدث من الطرفين، كما انني ارجو ان اخاطب الاخ عمر البشير بان مشكلات السودان لن تحل بتوزيع مناصب وزارية هو غير قادر على تحمل نفقاتها في ظل الظروف القادمة. وأنا ارجو ان اتقدم باقتراح يمكن ان يساعد في حل قضية المشاركة ويكون اكثر فعالية واقل نفقة فالرئيس البشير يمكنه زيادة مقاعد البرلمان الى عدد مناسب يستوعب ممثلين للاحزاب السياسية الراغبة في المشاركة وهذا الموضوع سيسهل عليه امر اجراء اي تعديلات دستورية يتفق عليها الجميع وان الدستور القائم في ظل النظام الحالي يجب ان تعدل بعض بنوده لتواكب تطلعات الوطنيين الرامية الى حل مشكلات البلاد والعباد وهي مشاركة اقل كُلفة من المشاركة الحكومية على مستوى المركز والولاية كما انها ستؤدي الى اصلاحات جوهرية في مخيلة مختلف الاحزاب السياسية. ارجو من كل الاخوة في الاحزاب السياسية بالاضافة الى القيادة السياسية الحاكمة الآن دراسة هذا الاقتراح دراسة متأنية ويمكن اضافة الكثير اليه ما سيساعد على خدمة الاغراض القومية. النظام الاقتصادي الحر... هل هو تزاوج بين السلطة ورأس المال؟ منذ اعلان حكومة الانقاذ وفي اول ايامها الى تطبيق النظام الاقتصادي الحر شهد السودان كثيراً من التطورات في نظامه الاقتصادي ادت الى كثير من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية وتأثرت قطاعات كبيرة من المجتمع بنتائجه وعقابيله حتى اصبح بعض الناس في حيرة من امره واخذوا يتساءلون هل النظام الاقتصادي الذي طبق هو تزاوج بين السلطة ورأس المال وذهبوا الى ابعد من ذلك هل هو تزاوج عرفي ام تزاوج شرعي.. ولكن الحقيقة اتضحت الآن بانه تزاوج عرفي لانه ان كان زواجا شرعياً لاتضحت آثاره منذ بداية تطبيقه ولكن مخططيه ومنفذيه قصدوا ان يكون زواجاً عرفياً لتتضح آثاره بعد حين وها نحن الآن نعيش ولا نتعايش مع مجتمع رأسمالي حد من قدراتنا على تنسم الرفاء او الرفاهية الاقتصادية واصبح الاقتصاد السوداني في يد حفنة من الناس تعاهدت وتعاقدت على مص دماء المواطنين بدلاً عن اغراق السوق بسلع مختلفة يتنافس عليها الجميع فتؤدي الى الوفرة والاستقرار، وتشهد بلادنا اليوم نفرة جشعة من الرأسماليين تتمثل في احتكارهم السلع الضرورية مثل السكر وغيره وحجبها عن المواطنين واخراجها على دفعات صغيرة تمكنهم من بيعها باغلى الاسعار، والغريب في الامر انه كلما زادت الرقابة الحكومية او النفرة لايقافهم عند حدهم زادوا كفراً وبهتاناً. ونحن في ظل النظام القديم كنا اسعد حالاً بكثير مما نحن عليه الآن. من المؤلم حقاً ان يمتد هذا السلوك الى المؤسسات والمرافق العامة لتعمل في زيادة اسعار منتجاتها او خدماتها لتعود في شكل مرتبات ضخمة وحوافز وما ادراك ما الحوافز حتى اضحت هذه المؤسسات جزءاً من الترهل الرأسمالي. ان من اخطر النتائج التي حدثت هي حدوث تمييز طبقي وسط الموظفين فالخير كل الخير والرفاء كل الرفاء للذين يعملون في مؤسسة ذات عقلية رأسمالية احتكارية او يعملون في وظائف حكومية سياسية والويل والثبور ل 08% من افراد هذا الشعب الذين لا ينتمون لاية جهة من الجهات وينتظرون فضل الله عليهم ورحمته. وحتى وفرة السلع المزعومة فانها تتعرض الى ضرائب ورسوم متعددة ومختلف الوانها كل هذا يحدث وتتوفر السلع ولكنها ترهق المستهلك باثقالها الجسام فتزيدهم معاناة على معاناتهم. ارجو ان نتمكن جميعاً من اختيار النظام والطريقة الاقتصادية التي تمكن شعبنا من العيش في ظروف اقل شقاء ومعاناة. كلمة لا بد منها الى الرئيس البشير: ارجو ان اخاطبكم سيادة الرئيس في موضوع مهم فقدت البلاد فيه قرابة 002 مليار جنيه عبارة عن الخراب والدمار الذي ألمّ بمشروع الجزيرة نتيجة لاهمال واضح أفقد البلاد كثيراً من البنيات الاساسية التي سيحتاجها في المستقبل القريب وضاعت هدراً ولم يكلف احد نفسه بالتحقيق فيها وهل تصدقون بان واحداً من المنازل الذي كان يسمى سرايا ازيح من خريطة الارض بالكامل؟! ان اخواننا في مشروع الجزيرة تشغلهم قضية اساسية هي قضية تعويضات الملاك التي حيد بها كثيراً عن قرارات صدرت منكم لتحديد قيمة التعويض للفدان. الموضوع برمته يحتاج الى تحقيق يشمل كل التخصصات حتى يخرج مكتملاً.. ان المفقود في ممتلكات الجزيرة امر لا يصدقه العقل ولا يمكن ان تعرف ابعاده الا اذا تم حصره والتحقيق الفوري فيه. والله الموفق