ثمانية أعوام مضت على اندلاع شرارة الحرب في إقليم دارفور او بلد القرآن كما يطلق عليه، وفي بواكير الأزمة حاولت الحكومة تدارك الموقف ودخلت في مفاوضات لوقف الحرب التي احست بخطورتها بعد ان ادت لنزوح الآلاف الى المعسكرات والدول المجاورة. وفي غضون ذلك جرت مفاوضات مع الحركات المسلحة في ابوجا لإحتواء الأزمة، حيث وقعت الحكومة مع حركة مناوي اكبر الحركات حينها على اتفاقية للسلام والتى بموجبها وضعت اوزار الحرب من قبل فصيل مناوى قبل ان يعود الاخير للحرب مرة اخرى ويخلق تعقيدا ووضعا جديدا للازمة والتي يتهم البعض الاجندة الخارجية بتأجيجها حيث ترى الحكومة ان تعقيدات الازمة واستمرارها الى الآن يعود الى التدخلات الخارجية ، ولاسيما الدور الامريكي والذي وفقا للسيد رئيس الجمهورية عمر حسن البشير كان دورا سلبيا مشيرا الى ان الولاياتالمتحدةالامريكية قامت بتضخيم خلافات تقليدية محدودة في دارفور وقال ان اعداء السودان وجدوا قضية دارفور فرصة سانحة لايذاء السودان، واضاف البشير والذي كان يتحدث الى التلفزيون الصيني (سي سي تي في ) ووكالة الأنباء الصينية الرسمية خلال زيارته الحالية للصين ان قضية دارفور مجرد خلافات تقليدية بسبب الصراع على المرعى وموارد المياه، وكانت هنالك احتكاكات تقليدية في اطار اعراف وتقاليد اهل دارفور واصفا التعاطي الغربي مع الازمة بانه تغطية للفظائع التي ارتكبتها في العراق وافغانستان لذلك قام الغرب بالتركيز على قضية دارفور. وانتقد البشير عدم ضغط المجتمع الدولي على الحركات المسلحة في دارفور لاجبارها على توقيع اتفاقية سلام شامل لازمة الاقليم وقال (عندما وقعنا اتفاق ابوجا للسلام بشهادة كل المجتمع الدولي جرى التأكيد على ان الاتفاقية نهائية وان اي جهة لا توقع على الاتفاقية ستعاقب غير انه وفقا للرئيس البشير بعد الاتفاقية تمت معاقبة الحكومة ) . من جهتها تعترف قيادات بالحركات المسلحة ان القضية تدعمها اجندة خارجية لها مصالحها في المنطقة كما اشار الى ذلك رئيس حركة تحرير السودان القيادة العامة آدم علي شوقار في تصريحات صحفية في مارس الماضي بالخرطوم من ان قضية دارفور هي مطالب محدودة وواضحة تتمثل بعضها في التنمية واعادة اعمار القرى المدمرة والثروة والترتيبات الامنية غير ان هناك ضغوطاً دولية ومرجعيات لبعض الحركات جعلت القضية اكثر تعقيدا بتحريضهم على الانضمام الى مفاوضات الدوحة. ويذهب محللون ومراقبون في ذات المنحى حيث يقول المحلل والخبير في الشؤون الدارفورية احمد قاسم ان الدور الخارجي في تأجيج قضية دارفور واضح ولا يمكن انكاره لافتا الى ان وزير الخارجية الاسرائيلي قال بصريح العبارة :بعد انفصال الجنوب ستصبح دارفور اولى الاجندة للسياسة الاسرائيلية التي تسعى الى لعب دور بارز فيها واشار قاسم والذي كان يتحدث ل(الصحافة) ان الدور الخارجي بدأت انعكساته مبكرا من خلال اتفاقيات السلام والتي وقعتها الحركات في ابوجا 1 وابوجا 2 حيث ان الدول التي طرحت بند العقوبات على من يخل بالاتفاقية او يرفض الانضمام الى المفاوضات يجب ان يعاقب غير ان الحركات تتلكأ في الذهاب الى المفاوضات وفي ذات الوقت لا يمارس المجتمع الدولي اي ضغوط عليها. ويقول في حديثه ان هنالك قضية حقيقية وظلماً وتهميشاً في دارفور ويمكن حلها في اطار وطني خالص غير ان الاجندة الخارجية توسع المشكلة وتجعل السلام شبه مستحيل، مشيرا ان قضية دارفور لولا التدخل الدولي لكانت انتهت والى ان ارادة اهل دارفور من دون اي وصاية دولية يمكن ان تحل المشكلة واستدل على اثر التدخل في اتفاق اهل المصلحة والذي عقد بالدوحة بغياب الاجندة الخارجية وتم التوقيع على هذه الوثيقة والتي وصفها بالمهمة. غير ان الاجندة الخارجية ليست وحدها ما عقدت الامور في قضية دارفور حسب ما يشير الى ذلك رحمة الله عثمان وكيل وزارة الخارجية السودانية الذي قال ( لا يمكن التأمين على ان تأزيم قضية دارفور تتوقف على العوامل الخارجية) وقال رحمة الله الذي كان يتحدث ل (الصحافة) عبر الهاتف ان العناصر الداخلية في قضية دارفور قد يكون لها نفس الدور في تأجيج الصراع بدارفور وان حل ازمة دارفور لايتوقف على عامل بعينه ،مشيرا ان المبدأ الثابت للسودان هو رفض جميع انواع التدخل الدولي التي تقوم على المصلحة في شؤون السودان واكد ان التدخل الامريكي اسهم بصورة سلبية في قضية دارفور الا ان هنالك بعض التدخلات التي يقبل بها السودان مثل الوساطات القائمة على حسن النوايا مشيرا الى ان الجامعة العربية تقوم بدور ايجابي كبير لحل ازمة الاقليم ودفع الحركات المسلحة الى الالتحاق بركب السلام في مفاوضات الدوحة. ويرى بعض المحللين ان موارد الاقليم الهائلة هي المحرك لمطامع بعض الدول في دارفور مما يجعلها تتدخل في الشأن السوداني بشكل سافر، ويشير الى ذلك مجدي علي الباحث في الشئون السياسية بجامعة النيلين ،مبينا ان فصل دارفور والسيطرة على مواردها هو احد الاجندة الرئيسة لبعض الدول التي تسعى الى استمرار الحرب في دارفور، موضحا ان الدعم المعنوي الذي تجده الحركات من امريكا بالتصريحات الداعمة لها تجعلها تتمادى في الحرب في الوقت الذي يمارس فيه المجتمع الدولي والامم المتحدة ضغوطا على حكومة الخرطوم. واشار مجدي في حديثه ل (الصحافة) ان الضغوطات التي يمارسها المجتمع الدولي ليست لوقف الانتهاكات على حد زعمها ولكنها ترمي لاهداف بعيدة في الاقليم. والتدخلات الخارجية في مشكلة دارفور ينظر اليها بأشكال مختلفة فهناك من يراها احد السمات الاساسية في مشروع حل القضية ووقف الحرب في الاقليم وابدال السلاح باللوح والريشة بدلا من الحرب والتي كلفت البلاد الكثير في السنوات الثماني الماضية، بعد ان عجز السودانيون عن الجلوس معاً والوصول الى حل بالتراضي .