لحظتها كانت المشاعر متباينة الا ان اغلب الوجوه غلب عليها طابع الحزن فى قاعة الصداقة بالخرطوم وهى تطالع خريطة «سودان مابعد التاسع من يوليو» والتى اعلنت عنها الحكومة رسمياً فى مؤتمر صحفى تدافعت اليه وسائل الإعلام المختلفة والمهتمين، وما اكد ذلك حديث مقدم المؤتمر صاحب برنامج مؤتمر اذاعى الزبير عثمان والذى حاول إضفاء جو مرح على القاعة التى خيم عليها السكوت بعد ان قال «الا توافقونى بأن شكل الخريطة اصبح جميلاً» فكان رد الجميع بصوت واحد «لا»، خريطة بلا جنوب، دحرجت السودان الى المركز الثانى افريقيا بعد ان كان يحتل الأول بجدارة من حيث المساحة ليحل بعد الجزائر، وترتب على ذلك ايضاً تغيرات امتدت لتأكل من خطوط الطول والعرض والتنوع البيئي والمناخى والسكان. بيانات واحداثيات وملامح جديدة لتاريخ السودان لرواية عنوانها «نهاية وبداية»، نهاية لسودان عرف ب «ارض المليون ميل مربع» وبداية لتاريخ جديد تعادل مساحته (1.882.000) كلم2، حيث اعلنت الحكومة ظهر امس الخريطة والبيانات الرسمية لملامح السودان بعد انفصال الجنوب مبينة التغيرات التى طالت الموقع والمساحة والحدود والموارد الطبيعية وعدد السكان ومستويات الحكم. وكشف مدير الهيئة العامة للمساحة عبدالله الصادق ان مساحة السودان الحالية تبلغ (1.882.000) كلم2 تقع بين خطى طول (38.24 - 21.4) دقيقة، وخطى عرض (8.45 - 23.8) محتلاً المركز (16) عالمياً متراجعاً الى المركز الثانى افريقيا بعد الجزائر والثالث عربياً. وقال الصادق فى المؤتمر الصحفى لإعلان خارطة السودان الجديدة عقب الإنفصال بقاعة الصداقة ان عدد دول الجوار تقلصت بعد دخول حدود دولة الجنوب الوليدة فترتب على ذلك ذهاب الكنقو ويوغندا وكينيا، واوضح الصادق ان مساحة البر اصبحت (1.752.187) الصالح منها للزراعة (200) مليون فدان لافتاً الى ان الأراضى المستغلة (40) مليون فدان بنسبة 20%، واجمالى طول الحدود الأرضية (6.780) كلم، وعدد السكان (33.419.625) مليون نسمة، محتلاً المركز (35) عالمياً و(3) عربياً (9) افريقياً. وابان الصادق ان اجمالى طول الحدود الأرضية يساوى (6.780) كلم، وان اطول خط للحدود يقع بين الشمال والجنوب بمساحة تساوى (2000) كيلو متر، فى الوقت الذى تبلغ فيه الحدود مع مصر (1.273) كلم، واريتريا (636) كلم، اثيوبيا (727) . افريقيا الوسطى (448) كلم، تشاد (1.340)، وليبيا (383)، بالإضافة الى الحدود الساحلية فى البحر الأحمر والتى تبلغ (750)، وامتددت يد التغيرات ايضا لتلحق بالتقسيمات المناخية ليصبح المناخ صحراوياً وشبه صحراوي جاف في أقصى الشمال «الولاية الشمالية وشمال كردفان وشمال دارفور» و شبه صحراوي إلى ماطر في الأواسط والجنوب الجديد «جنوب مدينة كوستى» بالإضافة الى مناخ البحر الأبيض المتوسط في المناطق الشرقية، ليذهب المناخ شبه الإستوائى والإستوائى خارج خارطة البلاد الجديدة والتى اصبحت فى غالبها سهولاً منبسطة مع وجود مرتفعات تتمثل في سلسلة جبال البحر الأحمر وسلسلة جبل مرة ليصبح جبل مره اعلى نقطة فى السودان الشمالى بإرتفاع (3.024) متر. وتحدث وزير الإعلام كمال عبيد عن ملامح سودان مابعد التاسع من يوليو بعد ان اكد مشاركتهم فى احتفالات دولة الجنوب وقال «تقام الدول والأوطان على أساس التراضى» وتعهد بتقديم الدعم والمساندة للجنوب وقال « سنقدم يد العون لاستقرار الدولة الوليدة لان استقرارها يعنى استقرار الشمال» ونوه الى ان اسس الحكم بعد الانفصال مرجعها القرآن الكريم والسنة النبوية فى وطن يسع الجميع تسوده المساواة والعدالة واحترام القانون، وقال ان جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة ، وهي دولة ديمقراطية لا مركزية تلتزم باحترام وترقية الكرامة الانسانية وتؤسس على العدالة والمساواة، لافتاً الى المبادئ الاساسية للدستور التى تحكم تكوين وأداء المؤسسات وتبين الواجبات المكفولة للمواطن والحقوق والحريات، وان نص الدستور يؤكد على وثيقة الحقوق باعتبارها عهداً بين كافة أهل السودان وحكومته، وهى تعنى بالالتزام باحترام حقوق الانسان المُضمنة في الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية المصادق عليها من قِبل حكومة السودان باعتبارها جزء لا يتجزأ من وثيقة الدستور، وتابع عبيد الدستور يؤمن على أن الشريعة الاسلامية والإجماع مصدر للتشريعات، وفي مجال الحقوق الدينية نص الدستور على حرية العبادة للسودانيين كافة و على اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد ، كما نص على أن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات وكفل الحريات الشخصية والمساواة أمام القانون وتحريم التعذيب وحق كل شخص في المحاكمة العادلة وحرية التعبير في الاعلام والتنظيم والتنقل والاقامة ، كما نص على حماية الدولة للأمومة والطفولة ووقاية المرأة من الظلم وكفالة المساواة بين الجنسين وتأكيد دور المرأة السودانية في الاسرة والحياة العامة. وفى الجانب الإقتصادى اوضح عبيد ان السودان غنى بموارده ولن يتأثر بالإنفصال لافتاً الى ان اجمالى الناتج المحلى بعد الإنفصال يساوى مليارات الجنيهات (154.494) جنيه بما يعادل (66.6) مليار دولار ، ثمثل نسبة الزراعة منه (31.6%) والصناعات غير البترولية (26%) والخدمات (42.1%)، لافتاً الى ان انتاج النفط يبلغ (118.000) برميل فى اليوم، والإستهلاك (115.000) برميل فى اليوم، والطاقة التكريرية (115.000) برميل فى اليوم، وعدد المصافى (2) و(3) موانى للتصدير، واشار الى أن الصادرات تساوى (17%) من جملة الدخل القومى مقارنة بالواردات والتى تستقطع (14%) من دخل البلاد، مؤكداً ارتفاع معدل النمو فى العام 2011 وقال «صنف البنك الدولى الاقتصاد السودانى بأنه ثالث اسرع الإقتصاديات تعافياً من الأزمة المالية فى منطقة الشرق الأوسط وافريقيا بعد دولة قطر والمملكة العربية السعودية، واوضح عبيد ان نصيب الفرد من اجمالى الناتج القومى يساوى (2380) دولار، فى الوقت الذى تصل فيه البطاله نسبة (11%) من اجمالى السكان والفقر المدقع (8%)، وكشف عبيد عن تعداد الجيش والقوات المسلحة بفروعها المختلفة تبلغ (188.000) من ضباط وجنود لافتاً الى ان الجيش يحتل المركز الثالث افريقياً حسب ترتيب الإتحاد الافريقى بعد الجيشين المصرى والجزائرى، ويحتل المركز (44) فى التصنيف العالمى. وبلهجة غلب عليها طابع الحزن قالت وزيرة الدولة بالإعلام سناء حمد «اننا نقف على نهاية حزينة بإنفصال الجنوب وبداية جديدة لمستقبل السودان» وتابعت «لقد عملنا فى الدولة الأم حكومة وشعباً من اجل الوحدة ولكن الجنوب اختار الإنفصال « واكدت سناء ان الصلات العميقة بين شعبي البلدين اقوى من ان تقطعها الحدود الجغرافية، واشارت الى انه سيتم تغير ملامح السودان وصوره المتعدده التى تضم الجنوب فى الوسائط الإعلامية والشوارع عقب اعلان التاسع من يوليو مباشرة، ماترك تساؤلات عديدة فى القاعة التى اكتظت بوسائل الاعلام رسمت ملامح جديدة فى مخيلة الحضور لسودان مابعد التاسع من يوليو بإتجهات مختلفة بعد ان اختفى (الأبنوس) بمناخه الإستوائى من الخريطة الجديدة للسودان.