آه ثم آه ان حزنا على جمال فلقد استحقت منا ذلك الرحم.. وان صبرنا ففي الله ومنه كل مصيبة خلق.. يا أمه ان صبرتي جرى عليك القدر وانتي مأجورة.. وان جزعتي جرى عليك القدر وانتي مأذورة.. ابنك سرك وهو بلاء وفتنة.. وحزنك وهو ثواب ورمة.. يعظمه في نظرنا صغر الدنيا في عينه.. وكان خارجاً من سلطان بطنه ولا يكثر اذا وجد.. وكان أكثر دهره صامتاً فان قال بد القائلين ونقع غليل السائلين.. وكان لا يلوم أحداً على ما يجد العذر في مثله حتى يسمع اعتذاره.. غسل الكعبة وهي فرصة الملوك والرؤساء وطلعها من الداخل حتى دورها الأعلى وصلى داخلها في كل الاتجاهات.. مضياف العمار والحجاج من الأهل والأصدقاء والمعارف في منزله بمكة ولا ينسى هدياهم وبذل المال لهم.. ثلاثة عشر عاماً في المملكة السعودية واعقبها بثلاثة عشر عجافاً بألمانيا الاتحادية فكان داره يأوى المطرود والجيعان والبردان.. يبذل الرأي لكل مستمع.. وهو حلال المشاكل وأعصاها دونما جهد وتفكير.. صادق وآخى العرب قاطبة وأبه غيرهم من الألمان.. طيب مسكين زاهد في الدنيا.. همومه أضعفت قلبه الذي ما مرض حتى توقف دون شكوى أو أنين. آه ثم آه ثم آه يا جمال غادرت دنيانا الفانية وتركت وردشان وولاء وأبو بكر في صفوف الانتظار وأمل اللقاء.. فالصبر جميل جميل لكنه صعب.. والجزع قبيح إلا عليك.. جاءت الركبان من كل صوب لتعزي فيك ولم تصدق ولكن الموت حق.. ركبان أصابك ورفقاء الطفولة وزملاء الدراسة والرياضة والغربة.. جاءوا من كل حدب وصوب ليبكونك يا شهيد الغربة والفراق.. لحظات الشجار والعتاب لا تغضب أحداً فالكل مأثور بمعرفتك وصداقتك وبذلك للرأي والمشورة في أصعب المعضلات.. شغفك بالاطلاع أدهش جميع من عرفوك.. أما كرمك وبساطتك فكانت تؤثر الأعداء والغرباء قبل المعارف والأصدقاء فأنت جواد لا تتجمل بمعروفك. آه ثم آه يا جمال لقد فارقت دنيانا في عز الشباب وتركت لنا الذكرى.. فالآهات لا تجدى بل الدعوات يا جمال الخلقة والأخلاق.. ناس الشمال والوسط يبكوك.. بل وناس الجنوب والشرق والشرق والغرب فقدوا من يشاركهم الرأى والنصح.. فقدتك جريدة الشرق الأوسط العالمية التي كنت تساهم في طباعتها حتى وأنت في ألمانيا بل فقدتك مكتبة محطة قطار مدينة مانهايم العريقة تلك. والدتك وأسرتك الكبيرة تشكر كل من شاركهم بالحضور أو بالاتصال وكل من رافق الجثمان وكل أحبابك وأصدقائك وأهلك المكلومين بألمانيا والسودان ونشكر كل الجيران والأهل وأصدقاء الأسرة الكبيرة والصغيرة ونسأل الله أن لا يريهم مكروهاً في عزيز لديهم ونسأله أن يجعله آخر الأحزان وأن يجعل الجنة مثواك وبالصبر قلب أمك وابنائك واخوانك وأهلك جميعاً. الله نسأله لك الرحمة والغفران وفي أعلى الجنان في ضيافة الرحمن وفي صحبة خير الخلق وبني الانسان سيدنا محمد ونسأله لك شربة لا تظمأ بعدها أبداً أخينا وحبيبنا وفقيدنا: جمال أبو بكر علي بوب، فإنه نعم المولى ونعم النصير ولا نقول إلا «إنا لله وإنا إليه راجعون» والحمد لله.