أغداً ؟ أغداً المشارط والمباضع وقطن الاطباء أبيض مستعد؟، والأنفس حمراء تقطر هماً وقانياً اشفاقاً، وأبي كل أولاده حضروا لمشهد يوم(العملية الكبيرة) ولتلقي دعوات الناس ومواساتهم، اللهم سلم سلم، كل الصدور تكتم خنينها المحتبس احتراماً لجلالك وخوفا من نظراتك الرادعة: كفي جزعاً يا أولاد، ما على هذا ربيتكم ، وما هكذا يفعل الاحرار يوم كريهة ، وانها لحيظات ستمرّ كما مرت أخريات من قبل كانت أشد وطءاً ، وستؤول الى ذكريات وقصص تروى، فشدوا حيلكم ولا تبتئسوا أبداً.. ايه ، هكذا أنت يا أبتي دائماً، منذ ان تفتحت بأعيننا ازاهير الحياة وفصول العمر، لم تكف عن نكهة ذاتك ووقارك،و لم تكن قسوتك يوماً الا حناناً قوياً قوة الالماس، ولم تكن نظراتك الا نجيمات هدى ومصابيح عطاء ثر لا يستثني أحداً من الحاضرين . أغداً يا أبي؟ غداً يبتر طرفك التحتي لشدة ما احتشد فيك طعم السكر، ولكثرة ما امتهنك نحل الدنيا يرفرف عليك شرهاً وأنت المزدهر بالخريف والأريحية منذ أنت! . وأنا وأخوتي يذهب بنا السهوم بعيداً نحو غد وبعد غد وبعده ، نصطحب صورتك مجتثاً وأنت المعروف ديمة بكمال الشموخ باذخاً بين الرجال ، يسمونك العاتي فتهابك الاعين وتحسب لك الابواب العادية ألف حساب ، نذهب بعيدا بصورتك وبأمل ان تتعافى قريباً جداً ، لابد ان يصح موضع جرحك وينبت لك من بستان أنفسنا التي فلحتها عمراً كاملاً حتى اخضرت بين يديك الطيبتين ، أنفسنا الخلاقة ستهديك ألف ساق طبيعية نامية ومترعة بالشباب، ولسوف تقف بها من جديد ، بين من يشبهونك ويعزونك ويحبونك ، أبي سنأخذك ، أنا ومن صلح من بنيك غير مفتونين بسلطان او مال، نأخذك لتمارين ساقين جديدتين كما اخذتنا اول مرة : تاتيه يا تاتيه ! ، هكذا حال الدنيا . لن نكون عاقين يوماً قط ، ولن نراك صغيرا (نتاتيه) تحتنا، لأنك الكبير في الواقع وباعيننا وقلوبنا وقناعتنا دائما ، لا تواضعاً منا ولكنه الحق، لذا فسوف نتعلم معك المشي الذي تمشيه بساقيك الجديدتين حتى تقويا وتشيلاك فتشيلنا عليهما كما كنت تفعل دائماً. لن تصغر ولن تنكمش ابدا ولن تتقاصر يوما مهما فعلت الفؤوس وايدي الحطابين ، فالوحش يقطع ارجلاً والارض تنبت ألف ساق ، يا كبرياء الجرح لو تمزق ارباً للملمته من شدة برّها جوانحنا والسرائر. ولكنه حشد السكر في دمه الطاهر جلب النحل عليه من كل حدب وصوب، فمن هم اولئك الحكماء ذوو الفؤوس والمشارط؟ ليسوا سوى بنيك، وقد اختلفوا على حبك، واختلفوا على قسمة الميراث ولما تزل حياً بينهم، مابرت تنفحهم وتنفعهم ، لم تقابل تعاركهم الا بدفء الاحضان ومزيد من الصبروالسكر في نصحك ووصاياك، ولكن الاخوة ما فتئوا سادرين في غيهم وفي طلب التركة وقسمتها حتى تورمت قدماك وابيضت عيناك من الحزن كظيما. ولسان حالك ذات بين وفرقة بين بنيك وقد اضاعوا بوصلة رحمهم ورحابة بيتهم الكبير تقول ما قاله يعقوب ذات فتنة اصابت بنيه ايضاً :«قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ *وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُواْ تَاللَّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ* قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ» هيه أبتاه حزنك على بنيك وماجنته ايديهم في يوم أحق ان يحزنوا عليك فيه وانت تفقد بعضاً من جسمك عسى أن يرضيهم مصابك هذا فيكف ايديهم عن انفسهم أو يلهيهم عن نيل دمهم بالشعث والشتات الذي طالما حلموا به أو رأوه رأي السراب بقيعة حتى اذا ما وردوه لم يجدوه شيئاً، يفعلون ذلك وكأنك لم تربهم يوماً على التبصر ولا على خلقك الجامع لأطراف الخير طرّا. أغداً أبتاه؟ دعني استأذن الهادي آدم لأقرأ ما قال في حلو غده بلغة ما هاب مر غدك: أغدًا أبتاه ؟ يا خوف فؤادي من غدِ يالحزنى واحتراقي في انتظار الموعد آه كم أخشى غداً هذا وارجوه اغترابا كنت استقصيه لكن هبته لما أهابا هكذا احتمل العمر نعيما وعذابا مهجة حرى وقلبا مسه البين فذابا أنت يا قبلة روحي وحنيني وشجوني أغدا تغرب أضواؤك في نور عيوني آه من أنة اضلاعي ومن خوف ظنوني أغداً أيها السودان أبي؟ أغداً؟