حالة من الحزن تلمسناها عندما قمنا باستطلاع بعض القوى السياسية عن هذا اليوم لجهة انه عندما يستيقظ السودانيون اليوم الموافق التاسع من يوليو فانهم لايستيقظون على صباح يوم عادي، فصباح هذا اليوم يتوقف التاريخ عنده ليضم مايحصل فيه الى صفحاته السوداء لحدث لطالما أثار الشعب السوداني سياسيا واجتماعيا ،فصباح هذا تذهب جميع القوى السياسية الى عاصمة الجنوب وعروستها في هذا لتلقي نظرة الوداع والتسليم بانشطار وطن قاتل ابناؤه القدامى الاستعمار اكثر من قرن لضمان وحدته، غير انه بحسب القوة السياسية والذين قمنا باستطلاعهم هو امر قد حدث فعلا والمطلوب الآن هو تفادي الاخطاء التي ادت الى ذلك حتى لانشهد مثل هذا اليوم مرة اخرى. وأول من التقيناه كان القيادي بحزب الامة القومي عبدالرسول النور والذي قال سريعا انه اكثر السودانيين حزنا في هذا اليوم على انفصال الجنوب واضاف انه لم يتوقع ان يأتي مثل هذا اليوم في تاريخ السودان ،مشيرا ان الوطن الكبير والذي وحدته ارادة اهل السودان في زحف شعبي مسلح عام1882 ورفعوا علم الاستقلال في زحف شعبي آخر في 1956من من كردفان الى الخرطوم ، وكان ذلك الزحف الشعبي الضخم للتأكيد على وحدة السودان والقبول في عيش واحد في ظل التعدد الديني، واضاف عبدالرسول في حديثه ل(الصحافة)انه لم يكن يتمنى ان يعيش ليرى مثل هذا اليوم مشير الى ان هذا اليوم ينذر بخطر كبير ، ويهدد بانفكاك الدولة السودانية غير انه اكد الانفصال خير من الحرب ولكنه تساءل هل هذا الانفصال الحالي كفانا شر القتال سواء في الجنوب او الشمال. واضاف اننا دفعنا ثمن السلام ولكنه الى الآن لم يتوقف التقاتل بين ابناء الوطن الواحد ولم نجنِ غير الحرب مرة اخرى، واكد عبدالرسول ان التاريخ يسجل اننا جميعا اخفقنا في الحفاظ على ماتركه اجدادنا الاوفياء والمخلصون والذين قاتلوا الانجليز بشراسة صفق لها جميع العالم مشيرا ان اجدادا قاتلوا اكبر امبراطورية استعمارية من اجل ان يظل السودان موحدا إلا اننا كلنا فشلنا ولاينبغي ان نحمل المسؤولية لاحد من دون الآخر. .بينما قال الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر انه اكثر الناس حزنا لجهة انه ارتبط بعلاقات ازلية واسرية وعرقية منذ ان كان طفلا يبلغ العامين واضاف كمال في حديثه للصحافة انه الوحيد الذي يدرك طيبة الجنوبيين وقال انه عاش منذ صباه 17 عاما في الجنوب وان التي ارضعته وفطمته هي جنوبية وتدعى نيال دينق وكانت والى الآن بمثابة والدته تماما وتقيم في اعالي النيل ،مشيرا الى انه اجتماعياً يعرف كل ثقافات الدينكا وانه اليوم سيذهب الى جوبا لحضور احتفالات الجنوب مع حسن الترابي ومن بعده سيذهب الى والدته الجنوبية. كشف كمال انه اول من يتقدم لنيل الجنسية الجنوبية مشيرا الى انه شهد مواقف عظيمة من الجنوبيين اكثر من الشماليين واضاف قائلا: يا له من يوم حيث قطع الجنوبيون صلتهم بالسودان وانه يوم لايمكن يعبر عنه الكلمات غير انه اشار انه في مرحلته الاولى الآن يبدو ان انفصال الجنوب مجرد قرار سياسي وان الجنوب اجتماعيا وروحيا سيظل موحدا مع السودان الشمالي ، مشيرا الى ان الجنوبيين تعرضوا لخيانات ونقض عهود من قبل جميع النخب السياسية وزاد الجنوبيون عندما ساهموا في استقلال السودان تنكرت لهم كل النخب السياسية حتى النظم الديمقراطية والنظم العسكرية لافتا الى أن النخب العسكرية من أكثر النخب التي ظلمت الجنوب غير انه اشار ان هذا هو الواقع قد انفصل الجنوب والمطلوب الآن علاقات جيدة بين الدولتين . عبدالقيوم عبدالسيد الامين العام لحركة حزب المؤتمر السوداني بدوره اكد ان انفصال الجنوب هو اكبر حزن يشهده السودان خلال قرن، مشيرا ان الحزن الاول كان الاحتلال العثماني بالاضافة الى الاحتلال المصري والبريطاني وكانت تلك من الاحداث التي ابكت الشعب السوداني كثيراً اكثر من 100 عام والحدث الاخير هو مايحدث اليوم معتبرا ذلك حزن القرن للشعب السوداني وقال انه لايشك مطلقا ان هنالك ظروف تاريخية متراكمة مثل التكوين الجغرافي والثقافي والديني ادت الى الذي يحدث اليوم غير انه اكد ان ما حدث اليوم تتحمله النخب السودانية سواء كانت الجنوبية او الشمالية مشيرا ان التاريخ لا يرحم المؤتمر الوطني بكونه حكم آخر عشرين عاماً في تاريخ السودان الموحد معتبرا عدم قدرته على ابقاء السودان موحدا يكتب له في تاريخ السودان نقطة سوداء في تاريخ النخب الحاكمة .وغير انه اكد ان ما حدث اليوم قد حدث فعلا ومهما بكينا على اللبن المسكوب فهو لايجدي نفعا والمطلوب الآن هو علاقات سلمية والسعي الى تطور البلدين مشيرا الى أن السياسيات التي تنتهجها الانقاذ يجب تغييرها لجهة انها فشلت الآن وغادر جزء من السودان وطالب عبدالقيوم ان نبعد العاطفة عن الامور عند القرارات المفصلية وقال اننا بعد اخفاقنا يجب ان لا نحكم على الامور بالعاطفة لذلك ينبغي ان نعترف باخطائنا ونحاول اصلاحها حتى لايتكرر ماحدث صباح هذا اليوم مرة اخرى ولاسيما بوادره بدأت في الظهور. عبدالله حماد الامين العام لحزب جبهة الشرق ابدى نفس الشعور الذي ابدته القيادات الاخرى، مشيرا الى ان هذا اليوم يشعر الجميع في السودان بتعدد طبقاتهم بالحزن الكبير لفقدان جزء عزيز من هذا الوطن وتابع ان الذي لايشعر اليوم بالحزن مهما كان سببه لايعرف مصلحة السودان مطلقا واضاف انه من جيل الاستقلال حيث ولد في عام الاستقلال وكون ان هذا الجيل لم يستطيع ان يحافظ على الوحدة فهذا امر محزن ،مشيرا الى انه لايستطيع ان يتخيل انشطار السودان في فما بالي وارى ان الامر قد حدث هذا اليوم ،مشيرا الى ان العزاء الوحيد الآن هو ان نعهد انفسنا على محاربة كل الاخطاء التي ادت الى انشطار الوطن الواحد والذي ورثناه من اجدادنا وتساءل ماذا نقول لاحفادنا اذا سألونا عن اسباب انشطار المليون ميل مربع معتبرا هذا اليوم أسوأ يوم في تاريخ السودان.