* نثر السيد الرئيس كنانته وتخيَّر من أسهمها ما يناسب المرحلة وخاطب الأمة السودانية من داخل البرلمان بغرفتيه المجلس الوطني ومجلس الولايات وهما يكونان معاً الهيئة التشريعية القومية وأعلن سعادته ملامح الجمهورية الثانية بكل ثقة وثبات.. «وختَّ نقطة - سطر جديد» حتى ينزع نفوسنا من الدوران في فلك الأحزان على ذهاب جنوب السودان والتلاوم على ما فات.. قال البشير جزاه الله خيراً.. إنتهى عهد الحروب.. وجاءت سيادة حكم القانون.. وإقامة العدل.. ومراعاة حقوق الإنسان.. والنزاهة في صرف المال العام.. واعتماد مبدأ الكفاءة في العمل.. وصياغة دستور جديد.. ووضع سياسة اقتصادية تقشفية في الانفاق العام.. وعدم إحداث زيادة في الضرائب.. واصدار عملة جديدة.. وتوقيع وثيقة سلام دارفور.. واحترام العهود والمواثيق.. ومراعاة المصالح المشتركة.. والحفاظ على الروابط الانسانية.. ومعالجة القضايا العالقة.. تعديل قانون المشورة الشعبية لإنفاذها.. وتنفيذ البرامج التنموية.. وترشيد الصرف.. وتنويع الانتاج.. وتشجيع الاستثمار.. وزيادة الصادرات.. ومضاعفة الايرادات.. واقامة علاقات اقتصادية مع الصين وماليزيا والبرازيل وغيرها من دول العالم.. وكلها بتوضيحاتها وان كانت البرلمانات قد درجت على اعتماد «خطاب الرئيس» كوثيقة فان خطاب البشير يعد من أهم الوثائق في تاريخ الجمهورية الثانية.. وقد قصدت أن لا أعدد إطلاق الحوار بين فصائل المجتمع السوداني كافة.. لأن الحوار سيكون محور الارتكاز لإنفاذ كل هذه الملامح العامة لجمهوريتنا الثانية التي قطع البشير بأنها ستكون أكثر قدرة على تقديم الخدمات للمواطن والدفاع عن الوطن وهذه حقيقة لا تقبل الجدل.. وقد أعلن البشير عن تشكيل لجنة قومية من فقهاء دستوريين وقانونيين واقتصاديين بصياغة دستور جديد يطرح على المجلس الوطني ومن ثم يعرض للاستفتاء الشعبي العام يتزامن مع بدء حوار وطني لا يستثنى أحداً من أجل التوصل لاتفاق حول آلية الحكم وشكل الدولة القادم. وما ان فرغ الرئيس من إلقاء خطابه المهم المليء بالبشريات والتحديات المستشرف لآفاق المستقبل القريب والبعيد.. حتى انبرى المعارضون قدحاً في مكونات الخطاب الذي ما ترك شاردة ولا واردة إلا ولمسها وأشار اليها إشارات واضحة الدلالة والمضمون وقال بعض «القادة» انهم لن يشاركوا في أي حكومة عريضة أو نحيلة!! وان هدفهم هو إسقاط النظام!! ولكن الله يهدي من يشاء.. وفي تراثنا الشعبي يقول الشاعر القروي النبيل:- أنا ما بابا الصديق لي فقرو وما سمسار قواله.. ولا رفيقي بعقرو بدخل خشة الوعر البحلق صقرو قلبي مكجن الناس السوا وبتنقرو ويقول المثل الشعبي كذلك «بيت الجدري ولا بيت النَّقَري» فالمناقرة والمناكفة لا تورث إلا الفقر.. يا اخوانا الخلافات دي بتجيب ويلاتنا بِتْعَطّل مشاريعنا وتزيد علاَّتنا حاكم أو معارض كلكم جنياتنا لا تخلّوا الدخيل يجي ينحشر بيناتنا * نحن أهل الأصول كل الخلوق عارفانا في لم الشَّمِل ما خبنا في مسعانا أرحام عصبة في ناساً أُصال جامعانا والخاين العهود ما عندو فَرَقَه معانا يا اخوانا ملامح الجمهورية الثانية كما جاءت على لسان السيد الرئيس ليست محل خلاف من حيث الجوهر أما التفاصيل فقد فتح السيد الرئيس باب الحوار حولها على مصراعيه لكل ألوان الطيف السياسي في بلادنا كافة.. ففيم الاستعجال وإصدار الأحكام المسبقة وكأن الرئيس قد قرَّر في تفاصيل كل شيء حتى نتصدى لها بالرفض.. وكانت البشريات تترى وكان لاطلاق سراح المعتقلين وقعٌ طيبٌ في نفوس ذويهم وتجاوزتهم الفرحة لكل حادب على السلام والأمن والحرية.. لكن ماذا نفعل إزاء الما بيعجبهم العجب ولا الصيام في رجب»!! خطاب السيد الرئيس لم يكن سجعاً ولا دغدغة للمشاعر لكنه كان خطة عمل ورؤى مستقبل ورؤوس مواضيع يصلح كل سطر فيه لأن يكون كتاباً وهو بالضرورة مسؤولية لمن قاله ولمن وُجِّه له ولمن يعمل على إنفاذ ما جاء فيه.. وفيه أيضاً فرصة ولسعة للمعارضة لتعمل مشارطها في جسمه بحثاً وتشريحاً.. وهو كذلك يحمل معايير المحاسبة والمتابعة عند التقييم.. والرائد لا يكذب أهله. إن معظم قياداتنا الحزبية في عقدهم الثامن وقضوا أكثر من نصف أعمارهم في كراسي رئاسة أحزابهم بلا تغيير.. وهذه فرصتهم الأخيرة بلا ريب للاسهام في صياغة مستقبل الأجيال القادمة فلا تضيِّعوها «بالنقار» مافي وقت.. ذهب رجلٌ ليعود مريضاً «محتضراً» ويعافيه الله والرسول وكانت بينهما نزاعات ومحاكم.. فما أن رفع المحتضر عينيه ورأى زائره الذي بادره بالقول «يا فلان العفو لله والرسول» فقال المحتضر «والله يا فلان الموت ده حاااار واحد أضينة زيك ما بيستحملو» وأغمض عينيه ومات.. أوعكم من الحالة دي.. وهذا هو المفروض.