«ذهب الجنوب ولن نذرف عليه الدموع، وحرص النصف الشمالي على الوحدة، بينما حرص النصف الجنوبي على الانفصال»، عبارات واثقة بدأ بها رئيس المجلس الوطني احمد ابراهيم الطاهر حديثه امام نواب البرلمان امس، بشأن الترتيب لما اطلق عليه مصطلح الجمهورية الثانية، التي طالما ترقبها الشعب السوداني، بعد ان خيم عليه الحزن والاسى بانفصال جنوب السودان، الجمهورية الثانية التى وضع ملامحها العامة الرئيس عمر البشير في خطاب قوبل بالانتقاد من بعض نواب المجلس الوطنى، «لاغفاله عن بشريات كان يتوقعها المواطن». واعلن الرئيس عمر البشير، في مستهل خطابه امام نواب البرلمان امس عن اهم ملامح «الجمهورية الثانية»، التي تقوم على انتهاء عهد الحروب، وسيادة حكم القانون وبسط العدل، ومراعاة حقوق الإنسان وضمان حقوق المواطن، والنزاهة في صرف المال العام، والمحاسبة واعتماد معايير الكفاءة، ليكون الانصاف «قائدنا وحادينا» في العمل، بجانب بث الروح الوطنية، واتباع التجرد والشفافية فى اتخاذ القرارات. واعلن البشير، في الوقت نفسه عن تشكيل لجنة قومية من فقهاء وقانونيين واقتصاديين، تبدأ خلال الأيام المقبلة اجتماعات لصياغة دستور جديد للبلاد الى جانب البدء في حوار وطني تشارك فيه جميع القوى من أجل التوصل إلى اتفاق على آلية الحكم، واكد المضي قدما في الحوار الوطني مع جميع مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والاهلية لتحقيق توافق وطني واسع وعريض حول رؤية استراتيجية جامعة، وقال إن الحوار الوطني سيستمر لتشكيل «تفاهمات» تشمل الحكم وآلياته وهياكله. واكد الرئيس ان الحكومة بالروح ذاتها التي مضت فيها لتطبيق بنود اتفاقية السلام الشامل، ستقبل على معالجة المسائل العالقة «رغم حساسيتها» ويستمر التعامل الجاد والصادق مع الآلية رفيعة المستوى المفوضة من قبل الاتحاد الافريقي برئاسة الرئيس ثامبو امبيكي بشأن موضوع منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، واشار الى السعي لاكمال اجراءات المشورة الشعبية وبعث بتطمينات الى مواطني جنوب كردفان والنيل الازرق في حرص الحكومة على توسيع المشاركة السياسية والعادلة لهم. واعتبر الرئيس البشير، ان انفصال الجنوب يعد بداية حقبة جديدة، ومناسبة استثنائية تدخل البلاد للجمهورية الثانية، ورأى ان السودان بحدوده الجديدة سيكون أكثر قدرة على تقديم الخدمات والدفاع عن الوطن، وجدد البشير التأكيد على اقامة علاقات وطيدة مع الدولة الوليدة، تقوم على احترام العهود ومراعاة المصالح المشتركة والحفاظ على الروابط الانسانية، وشدد على ان الانفصال لا يعني الانقطاع «وسنظل ننظر الى العلاقات المشتركة بالروح ذاتها التي نفذنا بها الاتفاقية، لمعالجة القضايا العالقة «، واضاف: «سنكون جادين في التعامل مع اللجنة الافريقية رفيعة المستوى بشأن التعامل مع النيل الازرق وجنوب كردفان.» واعلن البشير عن تعديل قانون المشورة الشعبية لتمديد القيد الزمني لانفاذ العملية، وطمأن ابناء الولايتين «على اننا حريصون على توسيع دائرة المشاركة لانفاذ المشورة الشعبية، والبرامج التنموية حتى نلحقهما ببقية الولايات»، واكد ان المشورة فرصة لادارة حوار مع ابناء الولايتين للوصول الى فهم مشترك لكن ذلك لا يتم الا تحت سقف الولاء للوطن. وكشف البشير عن اصدار عملة جديدة خلال الأيام القادمة لمقابلة ما يترتب على إصدار الجنوب لعملته، وأكد عرض تعديل قانون الموازنة العامة خلال أيام دون أن تتضمن قروضا أو زيادة الرسوم والضرائب. وقال البشير: «سيتم إصدار عملة جديدة في الأيام القادمة لمقابلة ما ترتب على إصدار عملة جنوب السودان». وقال البشير إنه أمر جهاز الأمن والمخابرات بعدم إبقاء أي معتقل وبمراجعة حالات من يجري معه التحقيق لإطلاق سراح من لم يثبت تورطه في نشاط مع أية مجموعة مسلحة أو إرهابية، ودعا المواطنين كافة للمشاركة في الحوار الوطني بروح المسؤولية «ومن منطلق ضمير وفكر لا حجر عليه وعبر منابر تتسع للرأي والرأي الآخر ويؤكد هذا العزم خلو صحائف جهاز الامن والمخابرات من اي حالة اعتقال سياسي بسبب الرأي المعارض او المخالف للحكومة» وتابع «انه لمزيد من تأكيد الرغبة الصادقة في تهيئة مناخ الحوار المعافى فقد اصدرت توجيهات لمراجعة حالات من يجرى معهم التحقيق حاليا لاخلاء سبيل من لم تقم عليه بينة تثبت ارتباطه بحركات تمرد ارهابية او عنف تقضي احالته للنيابة العامة». وأعلن أن توقيع وثيقة اتفاق سلام دارفور النهائي سيتم في العاصمة القطرية الدوحة يوم الخميس. وقال: «إن توقيع وثيقة سلام دارفور ستنقل الإقليم لآفاق جديدة من التنمية والاستقرار»، ولطي ملف ازمة دارفور. وذهب النائب البرلماني، عماد الدين بشرى، في حديث ل«الصحافة» ، الى ان خطاب الرئيس البشير، امام نواب المجلس الوطنى، جاء في شكله العام باعتباره رسالة تطمينية للشعب السوداني، لكسر حاجز القلق والخوف وجاء للتقليل من الاحاديث حول حدوث كوارث اقتصادية، واضاف «لكن الواقع يشير الى عكس ما ذهب اليه البشير في خطابه، خاصة الجوانب الاقتصادية وباعتراف مسؤولي الحكومة انفسهم، تنذر بوقوع كوارث اقتصادية خلال الفترات المقبلة اذا لم تتداركها الحكومة». وحذر البشرى من ان الاوضاع الامنية في البلاد تسير من سيئ الى اسوأ وان مستقبل البلاد امنيا ليس بالصورة التى يتقبلها المواطن، وتوقع ان تلتهب منطقة النيل الازرق، منبها الى وجود تحديات خطيرة خلال الفترة المقبلة بجانب توقع العديد من الكوارث الاقتصادية. ورأى النائب عمر سليمان آدم، ان خطاب الرئيس عمر البشير جاء امتدادا لخطابه الذي تلاه فى مدينة جوبا، وانه تركز حول «6» محاور لكن اذا توفرت الارادة السياسية يمكن ان يجد الخطاب طريقه الى التنفيذ ويكون السودان دولة متقدمة، ونبه الى ان الخطاب اغفل جوانب مهمة تتمثل في كيفية محاربة الفساد ومعالجة ازمة دارفور وتوحيد الجبهة الداخلية.