لعل برتوكول(مشاكوس) والذي وقِّع قبل اتفاقية نيفاشا هو أهم البروتكولات التي تشكل اتفاقية السلام الشامل والذي أقرَّت فيه الحركة بتحكيم الشريعة الإسلامية في الشمال ومن يختار الشريعة في الجنوب وأوقف العدائيات.. بيد أن (مشاكوس) على عجمته قد صبغ مسيرة التنفيذ بالمشاكسة.. وكان د. غازي صلاح الدين الذي قاد المفاوضات وقتها قد استعان ووفده (بالصبر والصلاة) أي بالصيام والقيام حتى اكتمل الاتفاق على البروتكول وكان توقيعه اختراقاً رئيسياً في مفاوضات السلام والتي اختتمها الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية في نيفاشا وبدأ بنفسه عندما تنازل عن منصبه الرفيع (قرباناً للسلام) وقد تساءل الكثيرون عن مصير هذا المنصب الذي سعى إليه بكل حواسه ودهائه د. حسن عبد الله الترابي عقب استشهاد المشير الزبير عندما رشَّح نفسه وزكَّاها لدى السيد الرئيس ليعيِّنه نائباً أول له ضمن قائمة قصيرة كتبها (بخط يده) وكان اسم الأستاذ علي عثمان آخرها فاختاره السيد الرئيس الذي قال في مقابلة صحفية نشرتها الرأي العام الغراء (بأن أخطر وأهم قرار سياسي اتخذه هو اختيار الاستاذ علي عثمان نائباً اول له) وقد صدق السيد الرئيس.. هل كان الدكتور حسن عبد الله الترابي سيتنازل عن المنصب لصالح جون قرنق طواعية!! أنا شخصياً أشك في ذلك. وحتى الحركة الشعبية التي تتمشدق بالحديث عن استعدادها لحل مشكلة دارفور والدفاع عن (المهمشين!!) عندما وقَّعت الحكومة اتفاقية أبوجا وكانت تتطلب إخلاء أربعة عشر مقعداً في البرلمان لصالح نواب من دارفور، طلب زعيم الكتلة البرلمانية للمؤتمر الوطني.. من زعيم الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية التنازل عن مقعدين فقط فرفض ،واستعان زعيم الكتلة البرلمانية بالسيد الرئيس ليتدخل لدى نائبه الأول وكانت النتيجة الرفض أيضاً. فتنازل المؤتمر الوطني عن الأربعة عشر مقعداً كلها من حصته البرلمانية لصالح النواب الذين جاءت بهم اتفاقية أبوجا!! وها هم يتحدثون عن التهميش والمهمشين ويرمون المؤتمر الوطني بأنه (مكنكش في الكراسي) والاختشوا ماتوا. حكومة الوحدة الوطنية والتي تمثِّل الحركة الشعبية الشريك الثاني فيها تعرضت لمواقف لا تحسد عليها جاءت كلها بسبب الشريك (المكاجر) مرة بتجميد نشاط وزرائها.. ومرة بتجميد نشاط نوابها في البرلمان.. ومرة بتحريض الامريكان بالاستمرار في فرض العقوبات على السودان الشمالي.. ومرة بجر جرتنا إلى محكمة العدل الدولية بلاهاي وغير ذلك كثير. وصدق الشاعر الذي قال: (قلبي مكجن الناس السوا وبتنقروا) وأهلنا البسطاء يقولون (بيت الجدري ولا بيت النقري)، وحمائم المؤتمر وصقوره (هذا إن وجدوا) يبرِّرون كل ذلك بالقول( الجماعة ديل اصبروا عليهم شوية.) نعم الصبر يأتي بالخير.. لكن الصبر وليس التنازلات.. ونحن نسأل وقد جرى التعداد السكاني وفق المعايير الدولية وبكل شفافية وأظهرت نتائجه التعداد الحقيقي لأبناء جنوب السودان و(الحساب ولد) لكن (الجماعة حمبكو) ورفضوا نتائج التعداد والذي أجرته في الجنوب فرق جنوبية خالصة ومع ذلك لم يوافقوا على نتائجه.. ولعل اجتماعات الرئاسة الأخيرة زادت لهم النسبة من 21% الى 25% من تلك الاجتماعات فبأي حق حصلوا على هذه الزيادة حوالي 4% من جملة السكان وبأي معيار؟ أم أنه (الهبتلي) والبيع بالكوم!! وليتهم يرضون!! ولن ترضى عنك.. إن الانتخابات الرئاسية لا علاقة لها بالتعداد السكاني ولا التصويت لأي انتخابات لان ذلك يحكمه السجل الانتخابي لكن الدوائر الجغرافية وتحديدها هو الذي سيتأثر.. ثم أن المؤتمر الوطني ترك الجنوب لُقمة سائغة في يد الحركة الشعبية التي تشارك في حكم الشمال وتسيِّر فيه المسيرات وتعقد فيه الندوات وتفتح فيه الدور التابعة لها.. وتنفرد بحكم الجنوب وتحرّم فيه على أي تنظيم آخر مجرد التعبير ودونكم حزب د. لام اكول أما اعتقال أو إغتيال منسوبي المؤتمر الوطني وحرق دورهم فهذا ما لا نود الخوض فيه.. ويكفي ألماً وحرقةً وشعوراً بالذل والهوان أن تهتف جماهير الحركة (يسقط يسقط البشير).. البشير الذي لم يهتف ضده أحد طوال عقدين من الزمان وأكثر ،ولن يكفي كلام القائد سلفاكير الذي خاطب المسيرة قائلاً(إسلوقن بتاعكم ده.. داون داون بشير.. ما كويس لأنه لو بشير وقع نحنو بنقع معاهو!!). تقول الطرفة السياسية عند تنفيذ عزّة السودان الأولى (بأن الطلبة) في أحد معسكرات التدريب ضاقوا ذرعاً بشدة التدريب فهتفوا (طير طير يا البشير) فعاتب الرئيس المشير الزبير وكان مسؤولاً عن التعليم العالي، وقال له :يا الزبير أنت قاعد والطلبة يهتفوا ضدي (طير طير يا البشير)؟؟ فرد الشهيد الزبير قائلاً (يا سعادتك ديل ما قاصدنك أنت ديل قاصدين بشير حقي ده) يقصد سكرتيره الخاص الاستاذ بشير محمد بشير حياه الله وهذا هو المفروض.