ارسل حزب مؤتمر البجا رسائل تهديد مبطنة للحكومة علي خلفية الترتيبات التي يجريها الحزب الحاكم بعد اعلانه عن الجمهورية الثانية لتشكيل الحكومة القادمة وتحديد مواقع الاحزاب والمكونات السياسية المختلفة في اجهزة الدولة، وترك مؤتمر البجا الباب مواربا امام أي خيارات اخري لانفاذ اتفاق سلام شرق السودان الموقع في العام 2006 بين الحكومة وجبهة الشرق بسبب ما وصفه بالتهميش الذي يعاني منه الشرق، وهدد خلال مؤتمره العام بالبحر الأحمر بالبحث عن مسارات جديدة لم يفصح عنها لاستراد حقوق اهل الشرق بعد ان فشلت كافة الوسائل في استرداد تلك الحقوق،مشيرا الي ان سكوتهم لايعتبر خوفا ولاجبنا ولا استكانة، لافتا الي ان اتفاقية الشرق لم تحدث أي تغيير ملموس في اوضاع اهل المنطقة ، وحسب المراقبون فان مؤتمر البجا بدأ في تصعيد لهجته الاحتجاجية تجاه الحكومة بعد سنوات من المهادنة والحوار الهادئ داخل اروقة القصر الجمهوري، اذ يشغل رئيسه موسى محمد أحمد منصب مساعد رئيس الجمهورية . ووفقا لاراء محللين فان هذا التهديد لم يكن الاول من نوعه فقد سبقه مؤتمر البجا - الاصلاح والتنمية، الذي هدد بتصعيد الخيار المسلح في شرق السودان، والعودة الى مربع الحرب لما وصفه بالأوضاع المأساوية والتهميش الذي يعاني منه شرق السودان، وارجع المؤتمر ذلك لعدم استجابة حكومة المركز للمطالب الا بتصعيد القضايا عبر فوهة البندقية، مؤكدا انهم لن يتفاوضوا مع الحكومة بصورة ثنائية الا بضمانات المجتمع الدولي. ورأى مؤتمر البجا الاصلاح والتنمية ان انفصال الجنوب سيفتح الطريق امام تقرير مصير شرق السودان ،كما وجه حزب الشرق الديمقراطى انتقادات لتنفيذ اتفاقية سلام شرق السودان . و قال ان ما نفذ لم يتعد 20 % فى جوانب الاتفاق التي تشمل المشاركة فى السلطة وتسريح المقاتلين وبناء مشاريع تنموية. وبحسب المراقبين فانه وبرغم مرور خمسة اعوام علي اتفاق الشرق الا ان قطار التنفيذ لم يبارح مكانه فهاهو صندوق إعادة بناء وتنمية شرق السودان ومنذ تكوينه قبل أكثر من عامين لم يحقق أية تنمية أو إعمار فى أية جهة من الشرق ومن واقع ما يدلى به المراقبون يتبين مدى الغموض وعدم الشفافية وضعف الإعلام فى عمل هذا الصندوق بالرغم أن اتفاق الشرق قد اشترط أن يدار العمل فى هذا الصندوق بمهنية وبمنهج محاسبة دقيق وشفافية تامة، فإن الحقائق تكاد لا تستبين حسب ماذهب اليه محللون ، وكان اتفاق سلام الشرق قد نص على أن تخصص حكومة السودان لهذا الصندوق مبلغ 600 مليون دولار أمريكى على فترة تمتد لخمس سنوات ، تبدأ أولا بمبلغ 100 مليون دولار أمريكى كمبلغ ابتدائى للعام 2007م ، ثم مبلغ لا يقل عن 125 مليون دولار لكل عام من الأعوام 2008م و2009 و2010م و 2011م . و أن تكون هذه المبالغ خلاف المبالغ التى تخصصها حكومة السودان كنصيب لولايات شرق السودان الثلاث من مفوضية تخصيص ومراقبة الإيرادات المالية ، كما لا تشمل مبالغ برامج مشاريع التنمية القومية التى تشرف عليها الحكومة القومية فى شرق السودان، ليس هذا فقط بل يتم الترويج لاستقطاب الدعم وحشد موارد أخرى للصندوق . الامين السياسي لحزب مؤتمر البجا عبد الله موسى يعتقد ان اكبر الاسباب التي قادت لعدم تنفيذ اتفاقية الشرق هي اصرار المؤتمر الوطني والوسيط الاريتري على عدم اتاحة الفرصة للمجتمع الدولي ليكون شاهداً وضامناً للاتفاقية ،ويتابع بان اصرار الطرفين يعود الى رغبتهما في ان تكون الاتفاقية سودانية خالصة، الا انه يري ان الهدف الاساسي كان اضعاف الاتفاقية التي طالبوا قبل توقيعها بحضور المجتمع الدولي،« لأن حكومة السودان تخشى الخواجات أكثر من شعبها»، مردفا بان مطالبتهم لم تجد استجابة من الوسيط الاريتري. واعتبر موسى خلال حوار مع الصحافة بان محصلة تنفيذ الاتفاقية صفر كبير، فالمسرحون معظمهم بدون عمل او تعويض، ليس هذا فحسب بل آل أمر صندوق إعمار الشرق للمؤتمر الوطني وسيطر على كل مناصبه، مما يعني عدم الإيفاء بتعهدات الاتفاقية المالية. وحمل موسى، الحكومة مسؤولية عدم الالتزام بالمبلغ الحقيقي على قلته في وقته، عطفاً على تجاهل ولايات الشرق في تنفيذ برامج التنمية تماماً، ووضع مسؤوليتها على عاتق صندوق إعمار الشرق. وفي تطور مفاجئ ، بدأ مؤتمر البجا في تصعيد لهجته الاحتجاجية تجاه الحكومة حيث حذر ناطقه الرسمي صلاح باركوين من ثورة للجياع تنطلق من شرق السودان وتعم كافة ولايات البلاد، لافتا الي نفاد صبر اهل الشرق بعد فشل كافة وسائل استرداد الحقوق، مؤكدا بان الثورة في الشرق بدأت علنية وستظل كذلك. واعتبر باركوين ان حمل السلاح لم ينفع لحل قضية الشرق وكذا توقيع الاتفاقات قبل ان يكشف عن رغبة عارمة لاهل الشرق للانتفاض علي السلطات في الخرطوم، ورهن مشاركة البجا في الحكومة القادمة بشكل الحكم الذي يقره النظام الحاكم ،ورفض باركوين المشاركة في حكومة ديكورية متهما المؤتمر الوطني بالتخاذل عن قضايا الشرق لاسيما قضايا السيادة علي الاراضي السودانية المحتلة في اشارة الي حلايب والفشقة ومقتل ابناء بورتسودان في يناير 2005م والتي راح ضحيتها 23 من ابناء البجا ، وطالب باركوين بضرورة احداث تحول ديمقراطي حقيقي بالشرق ، واضاف بان الدستور القادم لابد ان يعبر عن تطلعات اهل السودان والا سيظل مرفوضا، محذرا من مغبة تجاوز القضايا المصيرية لشرق السودان في المرحلة القادمة ، مؤكدا ان الشرق سيبحث عن مسارات جديدة لاسترداد حقوقه. حديث الناطق الرسمي يدعونا للتساؤل عن السبب وراء تصعيد لهجة مؤتمر البجا الاحتجاجية وماهي المسارات التي يمكن ان يتخذها الحزب في المرحلة القادمة لاسترداد حقوق اهل الشرق، وهل من المتوقع ان تنهار اتفاقية الشرق وتلحق اتفاق ابوجا المنهار. بعض المحللين يري بان تصعيد اللهجة يعود بسبب تماطل الحكومة في انفاذ الاتفاقية ورفض تضمينها في الدستور بالاضافة الي عدم استفادة مناطق الشرق منها،وحملوا الحكومة مسؤولية اضعاف جبهة الشرق ومؤتمر البجا، وهو ماكان له اثر علي تنفيذ بنود الاتفاقية. واكد نائب رئيس جبهة الشرق عبد الله كنه بان مواطن شرق السودان لم يستفد من الاتفاقية فمايزال يرزح تحت خط الفقر ولم توفق اوضاع المسرحين المقدر عددهم ب3 آلاف، واعرب كنه خلال حديثه «للصحافة» عن امله في تطوير الاتفاقية وتوسيع دائرة مشاركة الشرق خلال الفترة القادمة، مشيرا الي ان الاخير التزم بالاتفاقية ووقف الكفاح المسلح ضد النظام . واكد استاذ العلوم السياسية دكتور صلاح الدومة ، ان اتفاق الشرق لحق باتفاق ابوجا الذي دفن وقبر حسب وصفه، واشار الدومة الي ان كل الاتفاقات الثنائية اضرت بالوطن، مشددا علي ضرورة معالجة قضايا السودان جملة واحدة بدون تجزئة، ورهن الدومة ايجاد حلول لقضايا المهمشين بزوال نظام الانقاذ، لافتا الي فشل كافة الاتفاقات التي وقعها نظام الانقاذ ابتداء من جيبوتي والقاهرة وابوجا واسمرا وجيبوتي ونيفاشا باستثناء نيفاشا التي نفذت بعد لي وجهد و«خراج روح » حسب قوله عبر ضغط مباشر من اكبر قوة في العالم. وعن المسارات الجديدة التي سيتخذها الشرق، قال الدومة ان هذه المسارات ليست حصرية عليهم اذ تشترك معهم ولايات جنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور ، وهي تتحدث عن الانتفاض علي المركز واستخدام العنف ونقل معارك الهامش الي الخرطوم. ورأى الدومة ان الحل الوحيد لمعضلات سودان مابعد التاسع من يوليو صياغة دستور جديد وظهور قوى جديدة علي المشهد السياسي عبر انتخابات حرة ونزيهة. واتفق الخبير العسكري واستاذ العلوم الاستراتيجية بجامعة الزعيم الازهري اللواء الامين العباس مع دكتور الدومة في ضرورة معالجة قضايا السودان جملة واحدة، مشيرا الي ان اتفاقات سلام الاقاليم الموقعة من اجل تقسيم الموارد والسلطة بصورة عادلة ليست عصا سحرية ستحل المشكلات الشائكة في يوم وليلة، موضحا ان الاتفاقات تحتاج لزمن لتحقيق اهدافها، واستبعد العباس انهيار اتفاقية اسمرا حال توفير مقومات التنمية والاعمار في شرق السودان .