بحضور رئاسي مكثف تم توقيع اتفاق قطر للسلام، وحضر الاجتماع الرئيس عمر حسن البشير، كما شرف الاجتماع صاحب السمو أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني. وكانت مناسبة قومية كبيرة أن يجتمع الرئيسان في عمل خير كالذي تم، ونحن من جانبنا نرى أن دولة قطر قامت بما لم يقم به الأوائل، على الرغم من الصعاب والمشكلات التي قابلتها الحكومة القطرية في تسيير هذه المحادثات، وبالصبر والصبر وحده استطاع القطريون أن يصلوا بهذه النتيجة الى ما وصلت اليه، على الرغم من الصعاب التي واجهتهم، وكل ما نرجوه أن يستجيب بقية الإخوة في دارفور لهذه الجهود القطرية الخيرة، وتتصل منظومة السلام في كل الإقليم، ولا أقل من أن نستجيب لنداء السلام القطري، على الرغم من علمنا وقناعتنا بأن ما قامت به قطر جدير بأن يلقى كل الترحيب منا. وأنا شخصياً لم اسمع طوال حياتي السياسية بمثل هذا الاصرار القطري لحل مشكلة دارفور، واعتقد أن جميع الحلول المطروحة من ناحية دولة قطر تتجه في المقام الاول الى التحوط لما سيحدث بعد السلام، وهذا أمر أكدته دولة قطر بإعلانها المبدئي لتبرعات سخية لإقليم دارفور واستعمال نفوذها لجمع مزيد من التبرعات، اي ان الدولة المعطاءة الخيرة لا تريد شكلا ظاهرياً للسلام، وانما تسعى ايضاً لمعالجة آثار الدمار والحرب، وهو لعمري أمر يتعلق بأخلاقيات هذه الدولة الكبيرة. وأنا أكتب هذا ومازالت بعض الفصائل السياسية تهدد بتصعيد هذه الحرب، ومن هذا المنبر أخاطب الأخ الدكتور خليل وهو العليم ببواطن الأمور، أن يسعى سعياً حثيثاً مع دولة قطر لتحقيق مقتضيات السلام التي نحن في أمس الحاجة اليها، كما أرجوه أن يستمع إلى ذلك الصوت الغائر الذي يأتي من الأعماق: لا بد من تحقيق السلام. حكومة المؤتمر الوطني الإسلامية تنسى القيام بأولى واجباتها يمر اليوم الأسبوع الثالث من شهر يوليو، وجميعنا في غفلة عن هذا التاريخ ونتائجه وعواقبه، إن الذين يهتمون بأمر بلادهم يعلمون تمام العلم أن منتصف شهر يوليو 11 أو 51 مفروض أن يكون بداية هطول الأمطار، ونحن حتى هذه اللحظة لم نسمع بامطار هطلت بأية جهة من جهات السودان، وهذا امر كبير وخطير، لأن فترة الجفاف هذه إن استمرت فإن شراً مستطيراً ينتظر هذه الأمة، وبدأنا نتحسر على الأيام الخوالي، وكيف أن الشعب السوداني الكريم بجميع طبقاته كان في مثل هذه الحالة يتوجه الى الله العلي القدير بالصلوات المخصصة لمثل هذه المناسبات، وكنا نحن صغاراً قبل خمسة وستين عاماً من الآن، كنا نتوجه إلى الحق عزَّ وجلَّ ونحن نرتدي الملابس البالية ونطلب الفرج من الله، وكان هذا جميعه يتم بتدبير من علماء المسلمين، وأذكر أننا في تلك الأيام سرعان ما نلجأ الى الشيخ عوض عمر الذي يدعو الى صلاة الاستسقاء في الموقع الذي يقع فيه نادي الهلال الآن، وكان الجميع يهللون ويكبرون إلى أن يأتي مولانا الشيخ عوض عمر الذي يؤم المصلين، وليست مصادفة أن تهطل الأمطار فور الانتهاء من هذه الصلاة، وكان يتم هذا من جمهرة السودانيين في أيام الحكم الثنائي، وكان أهالي ام درمان يسعدون ويهللون ويكبرون ببركات الشيخ عوض عمر التي كانت تظهر كما أسلفت في بعض الأحيان قبل أن نغادر الموقع، ولست أدري إن كان قادة هذه الحكومة يتبينون خطورة تأخر موسم الخريف، وما هي آثاره على الاقتصاد السوداني وعلى معيشة المواطنين. وأرجو أن أنبه إلى أن السودان الآن يمر بكارثة اقتصادية طبيعية حقيقية، وأنا أسأل عن العلماء واهل الخير في بلادنا، هل نسوا ام تناسوا مثل هذه الاجراءات التي يتجه فيها الجميع الى الله طالبين منه ان ينزل الغيث رأفةً وشفقةً باهل السودان، لأن هطول الأمطار يعني الكثير بالنسبة للزرع والضرع، ولا يمكن الاستعاضة عنها بمياه الآبار والأنهار إن وجدت، لأن توقف هطول الامطار يعني جفافاً عاماً لا تحمد عواقبه، وان استمر الحال على هذا فإني اتنبأ للسودان بموسم صعب. ومناشدتي للقادة المحليين مخاطبة الجماهير للخروج في صلاة الاستسقاء الذي ستفيض من خلاله الانهار والبرك والترع. وصدقوني أن هذا الموقف الرباني الذي اعتبره هو الأهم في هطول الامطار يجب أن يتم على مستوى كل السودان، والا سنندم ولات ساعة مندم، ولا أود ان اصف المسؤولين الحاليين بأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم. باراك حسين أوباما لم يحظ رئيس أميركي باهتمام الناس ومتابعتهم له بقدر ما حظي الرئيس الاميركي اوباما، لظروف كثيرة ربما يكون أبرزها انحداره من أصول زنجية، كما أن بداية عهده انطلقت بتصريحات هادفة لم نسمعها من رئيس اميركي قبله، وربما كان متأثراً بالبرامج المتقدمة التي فاز بموجبها في الانتخابات الأميركية الأخيرة بعد أن قضى على حكم جمهوري احدث كثيراً من ردود الأفعال، وخرج رئيسه بوش الابن على كل المألوف وأدخل الولاياتالمتحدة الاميركية في كثير من المواقف المريعة والحروب غير المبررة والاعتداء على حقوق الإنسان.. فقد جاء اوباما واميركا ترزح تحت أخطاء بوش، وكان الجميع لا يظنون كثيراً باي نوع من التغيرات يمكن أن يحدثها أوباما. وقع أوباما تحت كل هذا بالاضافة الى حركة جمهورية قوية في الكونجرس لم تمكنه من اتخاذ القرارات الحزبية التي أعلنها، وأخذ يتحسب كثيراً للجمهوريين ومؤامراتهم، الأمر الذي لم يمكن من حرية الانطلاق كما كان يرى ويشتهي، حتى أنه في بعض الاحيان اخذ يدلي بتوازنات ساذجة يحاول بها بقدر الامكان إرضاء الديمقراطيين الذين لا يهتمون بالأديان كثيراً، فسأله أحد عن ديانة والده، فذكر له بأن والده كان مسلماً، ثم عاد واستدرك قائلاً: إلا إنني أرى انه وفي آخر أيامه مات ملحداً. فهو أمر كان يمكن ان يحسن الإجابة عليه لولا انه يضع في اعتباراته آراء وميول الديمقراطيين. على اية حال فإن باراك اوباما لم يحافظ على الصورة التي بدأ بها، وهذا يعني أنه مواجه بتيارات سياسية متعددة لا يرغب في مواجهتها. أما سياسة أوباما التي تترسم خطى سياسات بوش، فإنه حتى هذه اللحظة لم يفِ بما وعد به في حل المشكلة الافغانية، ومازالت أميركا تتأرجح داخل افغانستان دون هدف او استراتيجيات واضحة يستطيع من خلالها أن يخرج الولاياتالمتحدة من عنق الزجاجة التي هي فيها. ويمكننا أن نقيِّم سياسة الولاياتالمتحدة الاميركية تجاه السودان، لأن التأرجح الموجود في داخل مجلس الأمن والتأرجح في السياسات الاميركية نحو السودان، هي أمور خطيرة تفقد الولاياتالمتحدة الكثير من عدم الثقة، ومازال الكيل بمكيالين طريقة جورج بوش مازال موجوداً. إن على الرئيس الاميركي أن يعمل ما وسع لتحرير السياسات الاميركية في مجلس الأمن، وعدم اعطاء الشعور بأن القرارات التي تتخذ هي من اجتهاد المندوبين الاميركيين في المواقع المختلفة، لأننا في كثير من المواقف نشعر بأن المندوب المعني في مجلس الامن يتخذ قرارات من عنده، الأمر الذي لا يفوت على الكثيرين من دول العالم الثالث، وهم قد لا يعلمون أن كمية الوعي السياسي في دول العالم الثالث قد بلغت درجة كبيرة، ولن تفوت عليه مثل هذه الاساليب. كلمة لا بد منها الذين يتحدثون عن إقالة باقان أموم من أهل الشمال، عليهم أن يتحفظوا كثيراً، لأننا نحن هنا في الشمال لسنا في موقع نستطيع أن نحكم فيه على مثل هذه المغادرة، وعلينا جميعاً ألا نزج بأنوفنا في أمور ليست من اختصاصنا. والله الموفق.