الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    المريخ فِي نَواكْشوط (يَبْقَى لحِينَ السَّدَاد)    اردول: افتتاح مكتب ولاية الخرطوم بضاحية شرق النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    المريخ يكرم القائم بالأعمال و شخصيات ومؤسسات موريتانية تقديرًا لحسن الضيافة    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    برمجة دوري ربك بعد الفصل في الشكاوي    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    مجلس إدارة جديد لنادي الرابطة كوستي    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تخطف الأضواء بإطلالة مميزة مع والدتها    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تخطف الأضواء بإطلالة مميزة مع والدتها    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    وصول 335 من المبعدين لدنقلا جراء أحداث منطقة المثلث الحدودية    ترامب يبلغ نتنياهو باحتمال انضمام أمريكا إلى العملية العسكرية ضد إيران    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    كيف أدخلت إسرائيل المسيرات إلى قلب إيران؟    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    تنفيذ حكم إعدام في السعودية يثير جدلاً واسعًا    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتخابات أبريل في إستراتيجية أوباما
نشر في الأهرام اليوم يوم 24 - 02 - 2010


ابتهاج الإنقاذيين (ببعض) إستراتيجية أوباما:
عندما أعلن الرئيس الأمريكي أوباما، عن إستراتيجيته تجاه السودان .. مخصوماً منها تهديداته إبان حملته الانتخابية بفرض حظر جوي في دارفور شعر الإنقاذيون (بالبهجة و ببعض ارتياح) وعبروا عن شعورهم في تصريحاتهم وأحاديثهم .. ولكن هل كان تهديد أوباما بالحظر الجوي هو موقفه الحقيقي .. ما قبل وصوله للبيت الأبيض؟.
فهم إستراتيجية أوباما تجاه السودان لا يتكشف إلا عبر ما تناولناه بالتحليل عن إستراتيجية أسلافه من رؤساء أمريكا الأقرب عهداً.. بوش (الأب) .. كلنتون .. ثم بوش (الابن) .. إذ جاءت إستراتيجية أوباما للسياسة الخارجية الأمريكية - بصفة عامة - و إستراتيجيته تجاه السودان كمظهر من مظاهر إستراتيجيته العامة - جاءتا كخلاصة لدراسته لاستراتيجيات الرؤساء الأسلاف - الثلاثة -كذلك فإن فهم إستراتيجية أوباما تجاه السودان يتطلب فحص أقواله السابقة لوصوله للبيت الأبيض بإدخالها في (مفرزة) لمعرفة الحقيقي فيها والكاذب، وذلك بمضاهاتها بسلوكه بعد الوصول ومن ثم الإمساك بموقف أوباما (الأصلي) تجاه السودان.
فيما سبق من حديث .. استعرضنا التحولات التي مرت بها إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، منذ بدايات الحرب الباردة، إلى إدارة بوش الأول، ثم كلنتون، ثم إدارة بوش الثاني، كما وردت في كتاب (وهم التحكم) للمفكر الاستراتيجي، أمريكي الجنسية سيوم براون. وتناولنا أيضاً انعكاسات هذه التحولات في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، على الأمن القومي السوداني، وعلى وجه التحديد التحول الأخير والذي بلغ مداه أثناء إدارة كلنتون وبوش الثاني .. ونعني به التدخل العسكري الأمريكي الواسع لحماية الأمن القومي الأمريكي والمصالح الأمريكية.
التحولات في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي عند سيوم براون، انتهى بها إلى إدارة بوش الثاني (إذ صدر كتاب براون في العام 2003م).
نحاول هنا تحليل إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي عند الرئيس الحالي باراك أوباما، وسنستبين على ضوئها إستراتيجيته الخاصة بالسودان، والتي كشف عنها النقاب، مؤخراً.
كما أن استعراضنا السابق لتحولات إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي - على وجه التحديد في أثناء إدارة بوش الأول - سيفيدنا في تحليل إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، عند أوباما - بصفة عامة - وإستراتيجيته في التعامل مع السودان، بصفة خاصة. ذلك أن أوباما قد تأثر في سياسته الخارجية بمبدأ الرئيس بوش الأول، والقائل بضرورة تحقيق إجماع دولي كغطاء للتحرك الأمريكي، والذي طبقه بوش في حرب الخليج الثانية، وهو أيضاً ذات توجه كولن باول الذي اعترف أوباما بتأثره به، هو الآخر، وأيضاً تأثره بمبدأ باول، القائل باستخدام القوة كملاذ أخير ، بعد فشل الوسائل الدبلوماسية وسلاح العقوبات.
هذه الخلفية لأوباما (ضرورة تحقيق إجماع دولي للتحرك الأمريكي .. إعطاء الأولوية للوسائل الدبلوماسية وفرض العقوبات .. ثم اللجوء للقوة كملاذ أخير) .. خلفية أوباما هذه ستفيدنا في فهم تراجعه عن إعلانه إبان حملته الانتخابية بتوجيه ضربات عسكرية وفرض حظر جوي في دارفور، في حال وصوله للبيت الأبيض.
إمتناع أوباما عن الحظر الجوي .. تراجع أم سياسة مسبقة؟:
نوضح هنا مبدأ باراك أوباما، القائل بضرورة تحقيق إجماع دولي، أو درجة من درجات الإجماع الدولي، كشرط له الأولوية يحكم تحركات أمريكا في قيادتها للعالم، بالعودة به إلى أصوله عند بوش الأول، وأيضاً نوضح هنا مبدأه القائل بإعطاء الأولوية للوسائل الدبلوماسية وفرض العقوبات، مع العودة به إلى أصوله عند كولن باول، إذ تأثر أوباما بكل من الرئيس الأمريكي بوش الأول، و(كولن باول) رئيس هيئات الأركان المشتركة في إدارة بوش الأول، ورد ذلك في حوار أجراه معه الصحفي الأمريكي، فريد زكريا، قبل وصوله للبيت الأبيض، مع ملاحظة أن السؤال الذي وجهه زكريا لأوباما بخصوص الإجماع الدولي كان عن حالة دارفور، قال أوباما (أحد الأمور التي أريد القيام بها، فيما إذا تشرفت بأن أصبح رئيساً، هي محاولة استرجاع ذلك النوع من السياسة الخارجية التي ميزت فترة إدارة الرئيس بوش الأول .. مع أشخاص مثل كولن باول، الذي اعتقد أنه كان يتمتع برؤية واضحة عن كيف يعمل العالم وقد أدركنا أنه من صالحنا أن نرتبط ونشيد التحالفات وأن نتفهم ماهية مصالحنا وأن نكون قاسين في حماية مصالحنا، ولكن علينا التأكد من أننا نفهم بأن الأمر صعب علينا مهما كنا أقوياء، على أن نتعامل مع كل هذه القضايا بأنفسنا. نحن في حاجة لأن نُظهر القيادة من خلال الإجماع ومن خلال تجميع الأشخاص مع بعض، حيثما أمكننا ذلك).
على ذات الإيقاع، وكتطبيق لسياسته التي شرحها هنا لفريد زكريا، والتي أخذها عن بوش الأول وكولن باول، بالتوصيف السابق، جاءت إستراتيجية أوباما الخاصة بالسودان، والمعلنة مؤخراً. فعن القيادة الأمريكية والإجماع الدولي نصت هذه الإستراتيجية على (إن قيادة الولايات المتحدة الأمريكية هي أمر مهم من أجل تقارب دولي ناجح).
وجاء فيها أيضاً عن الضغط على حكومة السودان وحركات التمرد في دارفور ،بإجماع دولي:(إن أي خلل من أي طرف من الأطراف سوف يقابل بضغوط قوية فعالة، بواسطة واشنطن والمجتمع الدولي). وذهبت إستراتيجية أوباما الخاصة بالسودان، في ذات الشأن، أي القيادة الأمريكية، بمشاركة دولية، ذهبت إلى أن (الولايات المتحدة الأمريكية تعمل من أجل إشراك وتوسعة وتقوية المجتمع الدولي الذي ساعد في التوقيع على اتفاقية السلام الشامل، والذي سيعمل على نقل بالغ القلق حول الأوضاع بدارفور، وأن تكون هناك التزامات دولية متعددة).
وعن اللاعبين الدوليين المختلفين مع أمريكا في سياستها الخاصة بالسودان، أي روسيا والصين، جاء عنهما في إستراتيجية أوباما )إن دبلوماسية أمريكا لابد من أن تكون قوية وواسعة، تحمل اللاعبين الدوليين، محلياً ودولياً).
هذه إذن هي الأسباب وراء تراجع أوباما عن سياسته الخاصة بالسودان، والتي أعلن عنها إبان حملته الانتخابية والقاضية بتوجيه ضربات عسكرية وفرض حظر جوي بدارفور، ونعني بهذه الأسباب اعتقاده في ضرورة تحقيق الإجماع الدولي أو درجة من درجات الإجماع الدولي.
الإنقاذ ودروس أمريكا في العراق:
ورؤية أوباما هذه عن ضرورة تحقيق الإجماع الدولي كأولوية في سياسته الخارجية قد خرجت من دراسته لاستراتيجيات أسلافه سالفة الذكر، إذ استفاد أوباما من سلبيات التدخل العسكري الأمريكي في العراق في إدارة بوش الثاني، فبعد احتلال أمريكا للعراق واجهتها صعوبات إعادة الاستقرار إليه بما يتوافق مع أجندتها مما أضطرها إلى طلب العون من دول الاتحاد الأوربي.
دراسة أوباما لسلبيات التدخل العسكري الأمريكي المنفرد في العراق دفعت به إلى تبني سياسة كولن باول. إذ كان باول يفضل اعتماد العقوبات في التضييق على صدام حسين ونظامه بمشاركة الحلفاء الأوروبيين عوضاً عن التدخل العسكري. أخذ أوباما بسياسة باول هذه واستخدمها في مواجهة حكومة الإنقاذ، أي اعتماد سلاح العقوبات والضغط بمشاركة الحلفاء الأوروبيين وقد وضح ذلك الابتزاز المتواتر بتحريك إجراءات المحكمة الجنائية الدولية من قبل فرنسا وبريطانيا بمؤازرة أمريكية غير منكورة من البيت الأبيض رغم موقف أمريكا المعادي للجنائية.
وكما جاء في حديثه سالف الذكر، إذ اعترف أوباما لزكريا، بتأثره ب (كولن باول)، وكان باول قد شارك في صياغة عقيدة كاسبار واينبرغر، وزير الدفاع في إدارة ريغان، التي اشرنا إليها من قبل، والتي ظهرت إلى الوجود بعد التجربة الأمريكية في فيتنام، وتقضي هذه العقيدة باللجوء للقوة كخيار أخير بعد استنفاد الوسائل الدبلوماسية وسلاح العقوبات، إذ ورد عن كولن باول في كتاب (كوبرا 2) عن موقفه من العراق وصدام حسين أنه: (قاد الجهود الهادفة إلى تضييق وتشديد العقوبات الاقتصادية وأن اهتمامه انصب على كبح صدام من خلال الجهود الدبلوماسية مع الحلفاء، واللجوء للقوة كحل أخير).
وفي المقابل، جاء على لسان باراك أوباما، تقريباً بنفس الكلمات التي وصفت توجه باول في (كوبرا 2)، جاء على لسان أوباما، في خطابه الذي ألقاه في القاهرة في 4/6/2009م، عن الغزو الأمريكي للعراق (رغم اعتقادي بأن الشعب العراقي في نهاية المطاف هو الطرف الكاسب في التخلص من صدام حسين، إلا أنني اعتقد أيضاً أن أحداث العراق قد ذكرت أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسية وبناء الإجماع الدولي، لتسوية مشاكلنا، كل ما أمكن ذلك).
مضاهاة هذه الكلمات لباراك أوباما عن التجربة الأمريكية في العراق، بحديثه لفريد زكريا عن دارفور وأيضاً مضاهاتها بتوجه المصدر الذي أخذ عنه، أي كولن باول، تعزز تحليلنا للفقرات التي اقتبسناها من استراتيجية أوباما الخاصة بالسودان، والقائلة باستخدام الوسائل الدبلوماسية وفرض العقوبات على السودان بإجماع دولي، كتوجه له الأولوية على اللجوء للقوة، ويعزز تحليلنا لحقيقة نواياه المتشددة السابقة، المبيتة للسودان .. إذ لم تكن هي سياسته الحقيقية.
انتخابات أبريل في إستراتيجية أوباما:
أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلنتون عن )شمول وجدة(إستراتيجية أوباما تجاه السودان بعكس استراتيجيات أسلافه الثلاثة السابقين، وهذه (كذبة وضحك على الذقون). جاء في نص إستراتيجيته بأن) تكون الإستراتيجية مرتبطة مع بعضها البعض وأن تكون شاملة وتحمل كل عناصر النفوذ من أجل تنفيذ أهدافنا الإستراتيجية) .. وشمول الإستراتيجية المقصود به تنفيذ اتفاقية نيفاشا بما يضمن مكاسب الجنوب، مع توسيع آلية الحكم بمشاركة حركات دارفور في السلطة.
فمنذ مفاوضات نيفاشا وضعت أمريكا إستراتيجية للسودان تتصف بالشمول، فقط كان على أوباما مواصلة المشوار وانجاز المهمة .. وبما استشهدنا به من إقرار اندروناتسيوس، مبعوث الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن للسودان، فإن جون قرنق عمل في العام 2003 على تحريض الحركات في دارفور وكذلك هبط كولن باول دارفور مؤججاً لنيرانها (رأسه ورأس قرنق) .. واتفاقية نيفاشا بالإضافة للحراك السياسي لأمريكا وقرنق في دارفور يشكلان (تركيبة) شمول السياسة الأمريكية تجاه السودان) القائم أصلاً ولم يبتكره أوباما) أي سياسة أفرقة السودان بالكلية بقيادة الحركة الشعبية وهي كما فصلنا في المقالين (8 - 9) سياسة مخادعة تضع الجميع بما فيهم أهل دارفور تحت رحمة الحركة الشعبية وجيشها .. وفقط كان على إدارة أوباما إكمال المهمة التي ابتدرها بوش (الابن) .. وحتى ما جاء في إستراتيجية أوباما عن الإجماع الدولي (قصداً إجماع حلفاء أمريكا الأوروبيين) واستخدام سلاح العقوبات وتحقيق سياسة أفرقة السودان بالكلية تحت قيادة الحركة الشعبية بوسيلة الانتخابات .. فهذا هو ذات توجه إدارة بوش (الابن) ففي نهايات أيامه في البيت الأبيض بدأ بمد جسور التواصل مع الحلفاء الأوروبيين (فرنسا وألمانيا، أما بريطانيا فهي التابع دائماً لأمريكا .. رديف الموتر .. النكتة التي يطلقها الأوروبيون على بريطانيا).
انعكس موقف بوش الابن (التواصلي) مع الحلفاء الأوروبيين على الموقف من السودان بتحريك ملف المحكمة الجنائية الدولية من قبل فرنسا وبريطانيا في وجود إدارة بوش. وجاء أوباما ليواصل على ذات مساره وأيضاً لينهج ذات مساره في استغلال الانتخابات كوسيلة لأفرقة السودان بالكلية تحت قيادة الحركة الشعبية بما جاء في أقوال ناتسيوس عن حشد الحركة الشعبية لحركات دارفور لتتحالف معها في الانتخابات.
ياسر عرمان (كرت أمريكا الأخير):
حاصل جمع سلوك قرنق وكولن باول في دارفور ومحاولات الإدارة الأمريكية السابقة في توحيد الحركة الشعبية وحركات دارفور ومساعي اسكوت غرايشن .. مبعوث أوباما للسودان .. للتوصل لحل لمشكلة دارفور ينسق بين الحركة الشعبية وحركات دارفور الهدف وراء مساعي غرايشن هذه هو تحقيق فوز مرشح الحركة الشعبية في انتخابات رئاسة الجمهورية ولاكتمال المخطط دفعت أمريكا والحركة الشعبية بوجه شمالي هو ياسر عرمان (كرت أخير) لإنجاز مشروع السودان الجديد.
ولا شك في أن حصول إقليم دارفور على نصيبه من السلطة والثروة هو حق يجب أن يتسع ليشمل كل أقاليم السودان، ليس وفق الأجندة الأمريكية، ولكن بالتراضي الوطني الحقيقي وتقديم التنازلات من جانب حكومة الإنقاذ، أما عن الجنوب فقد نال حصته وأكثر، فهو المخصوص باهتمام إستراتيجية أوباما، في حالة وحدته أو انفصاله، جاء في نص الإستراتيجية (تُنفذ اتفاقية السلام الشامل، ويُنفذ حق تقرير المصير في العام 2011م بأن يكون السودان دولة واحدة أو أن يصير دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام).
وخيار الوحدة هو الخيار المفضل عند أمريكا، بمؤشر انحياز اتفاقية نيفاشا له، ولكنها وحده مشروطة بمخطط أمريكا الهادف لأفرقة السودان، بالكلية (أنظر تحليلنا لاتفاقية نيفاشا وأقوال قرنق، وتحليلنا لمقال اندرو ناتسيوس، مبعوث الرئيس الأمريكي السابق بوش، للسودان).. فهذا المخطط الأمريكي يشكل تهديداً لكل السودان الشمالي، إذ تمت صياغته وفق الأجندة والمصالح الأمريكية، ونستعيد هنا ما جاء في إستراتيجية أوباما بأنها (تحمل كل عناصر النفوذ من أجل تنفيذ أهداف أمريكا الإستراتيجية).
ليس فقط إنجاز المصالح الأمريكية، ولكن أيضاً تنفيذ مخطط إسرائيل، المعلن والهادف إلى تفتيت السودان، جاء في نص إستراتيجية أوباما )إن الأصوات القوية التي صدرت من المجموعات النشطة حول السودان وأعضاء الكونجرس، كانت تنادي بجعل السودان أولوية في أجندة أمريكا السياسية، إن المبعوث الأمريكي للسودان سيقوم بعقد لقاءات مع هذه المجموعات بطريقة دورية وستكون له خطوط مفتوحة مع الكونجرس، من أجل التأكيد على أن هذه المشاورات هي جزء من عملية تنفيذ السياسة الأمريكية تجاه السودان) .. هذه الفقرة من إستراتيجية أوباما تشير إلى أن جماعات الضغط الأمريكية المهتمة بالشأن السوداني والكونجرس .. الاثنين في حالة تواصل مع مبعوث أوباما للسودان، ونشير إلى أن الاثنين واقعان تحت تأثير اللوبي اليهودي في أمريكا، مما يهدد بتمدد التدخل الإسرائيلي في الشأن السوداني.
التنازلات المطلوبة من الإنقاذ:
نخلص من كل ذلك بأن المخاطر المحيطة بالسودان تقتضي تراضيا وطنيا حقيقيا وإجراء انتخابات حقيقة، وليس انتخابات تفصل لتكريس سلطة الإنقاذ، فالجميع مهددون فوسائل أمريكا لتنفيذ سياستها تجاه السودان، أحاطتها بالسرية، ولكن يكشف عن بعضها ما جاء في إستراتيجية أوباما من بنود نستقرئ منها استغلال المحكمة الجنائية الدولية وذلك بتحريك أمريكا لشركائها الأوروبيين، من وراء ستار. جاء في نص إستراتيجية أوباما (في وقت قريب قامت المحكمة الجنائية الدولية بإصدار توقيف بحق الرئيس عمر البشير لاتهامه بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، بالرغم من هذه التطورات المثيرة، فإن إرسال رسالة سياسية قوية للسودان هي إحدى التحديات التي يفتقر إليها المجتمع الدولي. إن قيادة الولايات المتحدة هي أمر مهم من أجل تقارب دولي ناجح).
الأربعاء القادم
من هو الدكتور جون قرنق؟ .. وكيف هو السودان الجديد؟
الوحدة الجاذبة .. (درة) حديث القوم و (حسناء) المجالس
انفصال الجنوب (واقع قائم) .. ولنعالج جراح بعضنا في الشمال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.