٭ بعد أكثر من مائتين وستة وثلاثين عاما اغلقت صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» البريطانية المملوكة لامبراطور الاعلام اليهودي روبرت ميردوخ ابوابها بعد ان عصفت بها فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية لمسؤولين ومواطنين بريطانيين.. وعصفت الفضيحة بآمال ميردوخ في الاستحواذ على اسهم شبكة «بي اسكاي بي» بعدما استدعاه وابنه البرلمان.. ودفعت الفضيحة رئيس شرطة اسكوتلانديارد الى الاستقالة ولحق به نائبه .. ثم نيوز اوف ذي وورلد.. ولم يُدافع عن «الفضيحة» هذه الا الملياردير السعودي الوليد بن طلال والذي يسهم في امبراطورية ميردوخ وابنه بما نسبته 6% وقال ان امبراطورية ميردوخ لن تنهار !! وهذا ما يؤكد استغلال اعداء العروبة والاسلام لاموال ا لعرب المسلمين في هدم ثوابتنا والمساس بعقيدتنا ووصمنا بالارهاب.. ونحن في غفلة ساهون، كمثل الحمار يحمل اسفارا.. ساء مثلا.. ٭ وانا اتابع مع غيري مسار الفضيحة التي وصفتها الغارديان اللندنية بأنها «مستنقع آسن» يخطر في بالي «مرة مرة»... او في كل مرة حال الاعلام في بلادنا العربية والاسلامية وخصوصا في بلادنا السودان.. صحيح بأننا دولة بلا اسرار.. وان «امورنا في السهلة».. قال احد المتهمين بالتجسس «مصري الجنسية» يقيم في السودان «منذ ايام مايو».. اثناء استجوابه مطلع التسعينيات .. قال:- «في السودان لا تحتاج للسطو على المستندات او تصوير المواقع لأن المعلومات يمكن ان تجمعها بسهولة عن بيوت المآتم او الافراح.. ويكفي ان تستفز اي مسئول بمعلومات مغلوطة فيقوم على تصحيحك..!! بالمعلومات الصحيحة.. بكل براءة..!!» لكن ومع ذلك فان كثيرا من المعلومات والوثائق التي تنشرها بعض الصحف قد تحصل عليها بطرق غير مشروعة..!! فالنيوز مثلا حصلت على معلومات صحيحة لكن بالتنصت.. وهذه طريقة غير مشروعة وفيها انتهاك للخصوصية.. يجرِّم فاعله وقد رأينا حجم الاموال الذي يقارب ثلاثة مليارات ونصف وقد سحبه ميردوخ ثمنا للفضيحة وضاعت منه صفقة العمر.. واعتذر للبريطانيين عامة ولم يقبلوا معذرته.. ونحن اولى باحترام الخصوصية.. منهم وكتاب الله العزيز يقول لنا: «ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا».. ومع وَلَعَنا بالحريات في الغرب وتغنينا بها إلا اننا لا نخضع انفسنا لمقتضياتها.. حقوقها وواجباتها .. لا حرية مطلقة.. وحتى الجنس مثلا ليس مباحا على اطلاقه.. وإلا لما قضت سكرتيرة كيندي الاصغر غرقا.. ولا عرفنا مونيكا المتدربة في البيت الابيض .. ولا عشيقة برلسكوني «مغربية الاصل».. ولا راح مدير البنك الدولي «شمار في مرقة حارة».. بسبب عاملة نظافة في فندق!! وبسبب عدم «شرعية الاساليب» اهتزت امبراطورية ميردوخ.. «شريعتهم هم» وليس شرع الله الذي نهتف له ولا نزال بأن لا بديل عنه !! وقد عقدنا البيعة على الطاعة في المنشط والمكره على ان يُقام فينا الدين كله.. والدين كلٌ لا يتبعض.. أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض.. جال في خاطري كل هذا وأنا اتذكر ما جاء في بعض صحفنا وعلى ايام متتاليات « فضيحة فتاتين ومسؤول رفيع»!! اذ انه في الواقع موظف بسيط... لعدم كفاية الادلة.. ولا ادري ماذا ستكتب الصحيفة؟! ومسئول رفيع «رفيع بالجد هذه المرة وليس على طريقة الصحيفة».. يُسارع بإدانة الموظف المذكور قبل ان تقول العدالة كلمتها ويقول «لن نسمح لهذا الموظف بدخول الولاية!!» وهذا التصريح غير المسئول يصدر عن مسئول !! فهل نلوم الصحيفة ام المسئول؟! وهل يجوز «للضحايا» ان يقاضوا الصحيفة والمسئول؟! وهل يمكن ان يطالبوا بحدِّهم «حد القذف» فالذين يرمون المحصنات الغافلات يرتكبون احدى السبع الموبقات..! وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.. قالوا وما هنّ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق،وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزّحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات».. متفق عليه - الموبقات اي المهلكات .. وكم تردِّينا ونتردى كل يوم في بعض هذه المهالك.. ونحسبه هيّنا وهو عند الله عظيم... ٭ انا مع حرية الصحافة لكن الحرية المسئولة.. فاذا رفعت الدولة الرقابة القبلية عن الصحف فإن الرقابة علينا دائمة ابدا «وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد.. او «إن احدكم ليقول الكلمة لا يلقى لها بالا وهي تهوي به في نار جهنم سبعين خريفا» او كما قال صلى الله عليه وسلم. وبعيدا عن لغة الوعظ والارشاد ادعو لإعمال سلطة القانون اذا ما تجاوزت الصحافة دورها «كسلطة رابعة» وهي المفردة التي اطلقها ميردوخ في الاصل.. وحاولت ان تنصّب نفسها .. قاضيا وجلادا.. خصما وحكما.. تحت ستار حرية الصحافة.. وإلا فمصير «نيوز اوف ذي وورلد».. يمكن تطبيقه في بلادنا بقوة القانون لا بقانون القوة.. والبيوقد النار يتدفا بها هو... وهذا هو المفروض..