التغير المناخي هو اختلال في الظروف المناخية المعتادة كالحرارة وأنماط الرياح والمتساقطات التي تميز كل منطقة على الأرض، وللعامة يمكن القول إن التغير المناخي يعني احتمال تغير خارطة هطول الأمطار، وما يستتبع ذلك من تغير في درجات الحرارة.. وكان الكثيرون يعتقدون أن التغيرات المناخية الشاملة ستكون على المدى الطويل، وستؤدي وقتها الى تأثيرات هائلة على الأنظمة الحيوية الطبيعية، مما يجعل التغير المناخي مشكلة حقيقية تحدث الآن وتتفاقم باضطراد. غير ان ذهاب عِينة الضراع بلا امطار قد اثار المخاوف من أن تكون حالة الجفاف التي ضربت القرن الافريقي ووصلت حتى البلاد، هي المدخل للتحولات المرتقبة، فقد أدى التوجه نحو تطوير الصناعة في المئة والخمسين عاما الماضية، إلى استخراج وحرق مليارات الأطنان من الوقود الاحفوري الذي يشمل النفط والغاز والفحم لتوليد الطاقة. وهذه الأنواع من الموارد الاحفورية أطلقت غازات تحبس الحرارة، مثل ثاني أكسيد الكربون، وهي من أهم أسباب تغير المناخ. وتمكنت كميات هذه الغازات من رفع حرارة الكوكب إلى 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وتتمثل عواقب التغير المناخي في تفاقم عدد البشر المهددين، وترتفع نسبة الأنواع المعرضة للانقراض من 20% إلى الثلث، بينما من المتوقع أن تؤدي العواقب المالية للتغير المناخي إلى تجاوز إجمالي الناتج المحلي في العالم اجمع مع حلول عام2080م، ومن أبرز مخاطر التغير المناخي انه يودي بحياة 150 ألف شخص سنويا، انقراض 20% من الأنواع الحية البرية بحلول عام 2050م. وتكبيد الصناعة الزراعية العالمية خسارات بمليارات الدولارات، إضافة إلى اكلاف التنظيفات جراء ظروف مناخية قصوى. مفعول الدفيئة: مفعول الدفيئة هو ظاهرة يحبس فيها الغلاف الجوي بعضا من طاقة الشمس لتدفئة الكرة الأرضية والحفاظ على اعتدال مناخنا. ويشكل ثاني أكسيد الكربون احد أهم الغازات التي تساهم في مضاعفة هذه الظاهرة لإنتاجه أثناء حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي في مصانع الطاقة والسيارات والمصانع وغيرها، إضافة إلى إزالة الغابات بشكل واسع. وغاز الدفيئة المؤثر الآخر هو الميثان المنبعث من مزارع الأرز وتربية البقر ومطامر النفايات وأشغال المناجم وأنابيب الغاز. أما ال Chlorofluorocarbons (CFCs) المسؤولة عن تآكل طبقة الأوزون والأكسيد النيتري «من الأسمدة وغيرها من الكيميائيات» فهي تساهم أيضا في هذه المشكلة بسبب احتباسها للحرارة. أسباب التغير المناخي: التغير المناخي يحصل بسبب رفع النشاط البشري لنسب غازات الدفيئة في الغلاف الجوي الذي بات يحبس المزيد من الحرارة. فكلما اتبعت المجتمعات البشرية أنماط حياة أكثر تعقيدا واعتمادا على الآلات، احتاجت إلى مزيد من الطاقة. وارتفاع الطلب على الطاقة يعني حرق المزيد من الوقود الاحفوري «النفط، الغاز والفحم»، وبالتالي رفع نسب الغازات الحابسة للحرارة في الغلاف الجوي. وبذلك ساهم البشر في تضخيم قدرة مفعول الدفيئة الطبيعي على حبس الحرارة. ومفعول الدفيئة المضخم هذا هو ما يدعو إلى القلق، فهو كفيل بأن يرفع حرارة الكوكب بسرعة لا سابقة لها في تاريخ البشرية. عواقب التغير المناخي: تغير المناخ ليس فارقا طفيفا في الأنماط المناخية، فدرجات الحرارة المتفاقمة ستؤدي إلى تغير في أنواع الطقس كأنماط الرياح وكمية المتساقطات وأنواعها، إضافة إلى أنواع وتواتر عدة أحداث مناخية قصوى محتملة. إن تغير المناخ بهذه الطريقة يمكن أن يؤدي إلى عواقب بيئية واجتماعية واقتصادية واسعة التأثير ولا يمكن التنبؤ بها. ومن عواقب التغير المناخي خسارة مخزون مياه الشرب. وفي غضون 50 عاماً سيرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص في مياه الشرب من 5 مليارات إلى 8 مليارات شخص، وسيكون هناك تراجع المحصول الزراعي، إذ من البديهي أن يؤدي أي تغير في المناخ الشامل إلى تأثر الزراعات المحلية، وبالتالي تقلص المخزون الغذائي، اضافة الى تراجع خصوبة التربة وتفاقم التعرية، لأن تغير مواطن النباتات وازدياد الجفاف وتغير أنماط المتساقطات سيؤدي إلى تفاقم التصحر، ليزداد بشكل غير مباشر استخدام الأسمدة الكيميائية، وبالتالي تفاقم التلوث السام، كما يشكل ارتفاع درجات الحرارة ظروفاً مواتية لانتشار الآفات والحشرات الناقلة للأمراض كالبعوض الناقل للملاريا. ومن آثار التغير المناخي ارتفاع حرارة العالم الذي يؤدي إلى تمدد كتلة مياه المحيطات، إضافة إلى ذوبان الكتل الجليدية الضخمة ككتلة غرينلاند، كما يتوقع أن يرتفع مستوى البحر من 0.1 إلى 0.5 متر مع حلول منتصف القرن. وهذا الارتفاع المحتمل سيشكل تهديداً للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها، إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل، ووجود بعض الجزر التي ستغمرها المياه. كما أن ارتفاع تواتر موجات الجفاف والفيضانات والعواصف وغيرها يؤذي المجتمعات واقتصاداتها. ولم تواجه البشرية سابقا أزمة بيئية هائلة كهذه. ومن السخرية أن الدول النامية التي تقع عليها مسؤولية أقل عن تغير المناخ، هي التي ستعاني من أسوأ عواقبه. وكلنا مسؤولون عن السعي إلى وقف هذه المشكلة على الفور. أما إذا تقاعسنا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة الآن لوقف ارتفاع الحرارة الشامل، قد نعاني من عواقب كثيرة. السودان وأفريقيا: السودان ليس بمنأى عن التحولات والتغيرات العالمية، ففي تقرير اصدرته مجموعة من منظمات الإغاثة والجماعات البيئية في بريطانيا وبثته هيئة الاذاعة البريطانية، حذر من ان التغير المناخي قد يطيح بجهود محاربة الفقر في إفريقيا، ما لم يتم اتخاذ خطوات عاجلة بهذا الشأن. ويضيف التقرير أن حالات الجفاف تزداد سوءاً، وأن التغير المناخي إجمالا يشكل «تهديدا غير مسبوق» للأمن الغذائي لسكان إفريقيا.