اتفق عدد من المراقبين على ان وثيقة الدوحة شاملة وتخاطب جذور الازمة في المنطقة غير انها لا توقف الحرب الدائرة في دارفور بسبب ان الحركات ذات الثقل العسكري ما زالت تقف حاملة للسلاح ولم تجنح للسلم، واعتبر متحدثون في ندوة نظمها مركز التنوير المعرفي بالخرطوم امس ان تقديرات الحكومة بشأن تراجع الثقل العسكري للحركات بفضل التغييرات التي حدثت في الدول المجاورة لمنطقة دارفور خطأ كبير وذلك لان الحركات المسلحة بحسب قولهم وجدت ارضية صلبة بعد انفصال الجنوب بالاضافة الى الدعم المتوقع من قبل اسرائيل ويوغندا. «لا ارى اي فرص لنجاح وثيقة الدوحة في ظل غياب الحركات الاخرى ذات الثقل العسكري والميداني»، بهذه الكلمات ابتدر الندوة استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين البروفيسر حسن علي الساعوري الذي اوضح ان ازمة دارفور في الاساس هي التمرد المسلح والتوقيع مع حركة لا تملك اي ثقل عسكري ووجود في دارفور لا يمكن ان يؤدي الى حل الازمة مشيرا الى ان الحكومة لدغت من الخطأ نفسه مرتين في اتفاقية اديس ابابا مع مشار واتفاقية ابوجا ولفت الى ان الحكومة عندما وقعت في ابوجا مع فصيل واحد وهو فصيل مناوي انضم جنوده الى الحركات الباقية مشيرا الى ان الفرصة الحقيقية لانجاح وثيقة الدوحة هي التوقيع مع كل الحركات، غير انه رأى ان قضية دارفور انحرفت عن مسارها الحقيقي انحرافا كليا وان القضية اصبحت ليست تنمية او نزوحا أو اعمار القرى فحسب، مشيرا الى ان قضية دارفور اضحت اداة استغلال لاغلب الجهات على رأسها المجتمع الدولي والاحزاب المعارضة والدول الاقليمية لاسقاط الحكومة. وطالب الساعوري بان تترك الحكومة ابناء دارفور من المثقفين ليلعبوا دورا في المرحلة القادمة باعتبار ان كل الحلول السابقة لمشكلة دارفور لم تأت بالسلام الكامل، وقال الساعوري اننا نطالب ابناء دارفور بقيادة حركة جديدة من قبل مثقفي دارفور والجلوس الى الحركات الاخرى في دارفور وحثها على توقيع السلام. وكشف عن ان وثيقة الدوحة في بنودها لم تنص على اسم لاي من الحركات في التوقيع حتى حركة التحرير والعدالة مشيرا الى ان ذلك دليل على انها تسع الجميع، واعتبر الساعوري وثيقة الدوحة شاملة عازيا شمولية الوثيقة الى انها جاءت بعد مفاوضات كبيرة مع قطاعات واسعة من اهل دارفور، غير انه اكد ان فرص نجاح الاتفاقية صفر في حالة عدم التحاق الحركات الاخرى بها. وحذر الساعوري من مغبة استغلال قضية دارفور مشيرا الى انها قامت عبر حركتين فقط والآن اصبح هنالك اكثر من عشرين حركة لافتا الى ان كل حركة لها علاقاتها الاقليمية والدولية والحزبية كلا على طريقتها بالاضافة الى ان كل حركة تدعي انها تمثل اهل دارفور وانها الاحرص على القضية بالاضافة الى وجود حركات اخرى تريد السلطة مشيرا الى ان بعض الحركات لا تدعي انها تريد اسقاط النظام منبها الى ان ذلك يعتبر تغييرا خطيرا في مطالب الحركات لافتا الى ان بعض الحركات اصبحت القيادة عند قواتها وليس عند قيادتها السياسية واكد انه لا يمكن ان يتم معالجة قضية دارفور من دون سلام وان حركة التحرير والعدالة ليست جزءا من المشكلة في دارفور، واستدرك قائلا ان السيسي قد يكون له نفوذ في وقت ما غير انه الآن ليس جزءا من الازمة حتى يتم التوقيع معه. وقال ان القضية الآن في دارفور ليست في الشعبية التي تتمتع بها قيادات الحركات بل في اين تكمن الحركة القوية التي تهدد الامن. وكشف الساعوري انه اطلع على نسخة من الاتفاقية وقال انها مشروع ضخم تعيد اعمار دارفور من جديد غير انه اكد ان اخطر البنود هو البند الذي يتعلق بالمصالحة والعدالة والحواكير موضحا ان العدالة في دارفور تنص على انه ليس هنالك حصانة لاحد مهما كان منصبه في المحاسبة في الجرائم التي حدثت في دارفور بالاضافة الى ان الوثيقة نصت على حل نزاعات الحواكير في اطار الاعراف والتقاليد مع الأخذ في الاعتبار حق السكان المحللين في المنطقة، واشار الى ان الاتفاقية نصت على نسبة 2% من نسبة البترول لاهل دارفور قابلة للتفاوض والزيادة، ولفت الى ان الحركات اصبحت تطمع في السلطة مشيرا الى ان الفترة المقبلة ستكون فيها دارفور اكبر شريك في السلطة، واستبعد الساعوري قيام حركات دارفور بتبني الانفصال، وقال ان الحركات الدارفورية ليس لها تصور معين لحل مشكلة دارفور مستدلا على ذلك بان الحركات التي رفضت التوقيع على وثيقة الدوحة لم تستطع الاعتراض على الاتفاقية وانما فقط ابدت اعتراضها الكبير على الحركة التي وقعت معها الحكومة حركة التحرير والعدالة. واعتبر الساعوري في ورقته التأييد الكبير للوثيقة من قبل المجتمع الدولي والاتحاد الاوربي بالاضافة الى دولة فرنسا والاتحاد الافريقي حسنة في الاتفاقية قبل ان يقول اننا يجب ان لا نعول كثيرا على المجتمع الدولي في قضية دارفور لافتا الى ان دارفور تملك موارد ضخمة ويعرفها الاميركان جيدا، معتبرا تلك العوامل هي تحديات وثيقة الدوحة في ازمة الاقليم. غير ان بعضهم في الندوة اشار الى ان الصعوبة تكمن في تنفيذ الاتفاقية الموقعة بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، ووفقا لمسؤول السلطة الانتقالية الاقليمية محمد احمد فإن تحديات الوثيقة تكمن في صراع ابناء دارفور على المناصب التي نصت عليها الوثيقة، وقال ان هنالك صراعا عنيفا على المناصب مشيرا في هذا الصدد الى ان التحدي الذي واجه اتفاقية ابوجا كان في المناصب وتوظيف ابناء دارفور على اساس انتماءاتهم القبلية وليس على مؤهلاتهم مطالبا بضرورة وضع استراتيجية لادارة السلطة الاقليمية الانتقالية لدارفور. وذهب الباحث محمد ابوزيد الى ان اكبر تحدٍ يواجه وثيقة الدوحة للسلام هو الحركات المسلحة الاخرى التي لم توقع على الاتفاقية مشيرا الى ان الخشية من ان تتوالد حركات اخرى في دارفور وذلك لان الحكومة قدمت تنازلات كبرى في الاتفاقية لرئيس حركة لا يملك القوة ولا العتاد مشيرا الى ان الحكومة ليس لها استراتيجية معينة لانهاء الصراع في دارفور.