اليوم تأخذ قضية دارفور منحنى آخر وتقفز خطوة في طريق حل للنزاع الذي دام في الاقليم لما يناهز الثماني سنوات وذلك بتوقيع اتفاقية بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة، وسيكون الرئيس عمر البشير وسمو الامير القطري حمد بن خليفة ، بالاضافة الي الرئيس الارتري اسياسي افورقي، والرئيس التشادي ادريس دبي، حضورا وشهودا على الاتفاق. وبحسب افادات الجانبين، الحكومي والحركة، لوسائل الاعلام فان الاتفاقية شاملة واخذت بكل التوصيات الصادرة من اهل دارفور سواء كان ذلك عبر اللقاءات التي عقدت بكنانة أو عبر توصيات لقاءات المجتمع الدارفوري الاولى والثانية ومؤتمر أهل المصلحة الذي عقد الشهر الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة. ورغم ان البعض يعتبر ان الاتفاقية لا تمثل اهل دارفور وذلك باعتبار ان حركة التحرير والعدالة ليست ذات قاعدة شعبية بدارفور بل ان بعض الحركات تشكك في قدرتها العسكرية ووجودها في الميدان ، وتشير الي ان الاتفاق معها من قبل الحكومة لا يساهم في استقرار دارفور بقدر التوقيع مع حركات دارفور الاخري المؤثرة في مجريات الأحداث على الأرض، الا ان رئيس حركة التحرير والعدالة التجاني سيسي يري ان الاتفاقية هي افضل من جميع الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة مع حركات دارفور لجهة ان الوثيقة ركزت علي قضايا جوهرية وعلى جذور المشكلة في دارفور، ويشير السيسي في تصريحات صحفية نشرت قبل يومين الي ان الاتفاقيات السابقة بشأن دارفور ولاسيما اتفاقية ابوجا الموقعة بين حركة تحرير السودان جناح مناوي والحكومة السودانية لم تشتمل علي قضايا جوهرية تمس هموم اهل دارفور مثل ما تفعل هذه الاتفاقية. واشار التجاني سيسي في حديثه لصحيفة قطرية ،ان اتفاقية ابوجا لم تشتمل علي بند واحد من الملفات ذات الاهمية والمتعلقة بانسان دارفور مثل العدالة والمصالحات والتعويضات، موضحا ان الاتفاقية الحالية والتي توقع بين حركة التحرير والعدالة والحكومة اليوم تحدثت عن التعويضات والنازحين وعودة اللاجئين بدعم مبدئي يبلغ 300 مليون دولار، بالاضافة الي انشاء صندوق يلتزم بالتعويضات والذي تمتد فترته الي عشر سنوات. وكشف التجاني سيسي في حديثه عن بعض بنود الاتفاقية، وقال ان الاتفاقية حوت الالتزام باستراتيجية للعودة الطوعية وتتبني تأمين مناطق العودة وحماية النازحين واللاجئين في ذات الوقت. واكد التجاني ان الاتفاقية تحوي نصا يقول بان يكون نائب رئيس الجمهورية من دارفور وكذلك تم الاتفاق علي اقامة محاكم خاصة بمشاركة مراقبين دوليين، مشيرا الي ان هنالك آلية اقليمية ودولية لمراقبة تنفيذ الاتفاقية تشارك في عضويتها دولة قطر اضافة الي ان الاتفاقية تحوي بندا يتيح للحركات الدارفورية الالتحاق بالاتفاقية في فترة زمنية مدتها ثلاثة اشهر من تاريخ التوقيع عليها. الاتفاقية التي اكتملت علي اساس وثيقة الدوحة للسلام واقرها المؤتمر الموسع لاصحاب المصلحة بدارفور والتي حظيت بترحيب دولي واقليمي يراها البعض خطوة من الحكومة لنقل حل مشكلة دارفور الي الداخل باعتبار ان 90% من اهل دارفور هم بالداخل وذلك بحسب مايشير الي ذلك المحلل السياسي والقيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور ربيع عبدالعاطي، الذي قال في حديثه ل «الصحافة » عبر الهاتف امس ان التفاوض بالخارج لن يسهم في حل قضية دارفور، ونبه الي ان السياسية الجديدة للمؤتمر الوطني هي التفاوض حول كل مشاكل الاقليم مع الاطراف داخل السودان ، مشيرا الي ان الوثيقة التي توقع اليوم تستهدف القضية وليس الاشخاص وان الهدف الاول منها التوافق علي كل المحاور التي تسهم في حل مشكلة الاقليم، واكد عبد العاطي ان الاتفاقية شاملة لكل قضايا الاقليم وان الحركات الاخري لديها فرصة للالتحاق بالاتفاقية اذا ارادت ذلك. وقال ان رئيسي حركة العدل والمساواة حركة تحرير السودان خليل ابراهيم وحركة تحرير السودان جناح اركو مناوي اذا كانوا يسعون الى حل قضية دارفور فانهم سيلتحقون بالاتفاقية ، مشددا على ان حل قضية دارفور يكمن في هذه الوثيقة التي خاطبت جذور المشكلة في الاقليم ،و قال« اذا كانوا لا يريدون حلا لمشكلة دارفور ويريدون خدمة اجندة اخري غير اجندة انسان دارفور فان ذلك يعتبر امرا اخر». وكما يقدر مراقبون فان الجهود الدولية التي بذلت والترحيب الدولي والاقليمي الذي قوبلت به الاتفاقية قد يسهم في نجاج اتفاقية اليوم الخميس الرابع عشر من يوليو وهو ما تشير اليه الخبيرة في الشؤون الافريقية الاستاذة سلمي كارب والتي قالت ل «الصحافة » عبر الهاتف امس ان الضمانات الدولية والرعاية العربية والافريقية التي حظيت بها المفاوضات اثناء انعقادها في الدوحة قد تسهم في نجاح الاتفاقية ، غير ان الكارب اكد ان عدم مشاركة الحركات الاخري ذات الثقل العسكري في دارفور يجعل الاتفاقية غير شاملة ولا سيما ان تلك الحركات وخاصة حركة مناوي وخليل هي الجزء الاكبر من مشكلة الاقليم باعتبارها الحركات التي تتميز بثقل عسكري، واشارت الى ان وثيقة الدوحة الموقع عليها اليوم يمكن ان تلتحق بها الحركات الاخري في فترة لاحقة اذا التزمت الحكومة وحركة التحرير بما يتم التوقيع عليه، مشيرة الى ان اي خرق للاتفاقية من احد الطرفين يمكن ان يباعد بين الحكومة والحركات ويهز الثقة. وقالت ان الصعوبة لا تكمن في الوصول الي اتفاقية بل في كيفية تطبيق الاتفاقية علي ارض الواقع ،لافتة الي ان اتفاقية ابوجا كانت مصاعبها في تطبيق الاتفاقية حيث خرج مناوي بسبب عدم تنفيذ 90 في المائة من الاتفاقية كما قال. لتعود الكارب وتنبه الى ان بعض قادة الحركات المسلحة اصبحوا لا يستهدفون قضية دارفور ولا يكترثون لمعاناة اهل دارفور وحجم الدمار والنزوح الذي حدث في الاقليم بل يسعون الى مصالحهم الشخصية ، مشيرة الى ان قضية دارفور الان تشخصنت وصارت محصورة في اشخاص معينين يتحدثون ويفاوضون باسمها ، ولكنها تشدد على اهمية ان لا يستثني الاتفاق احدا ، وتشير الى ان جعل الاتفاق مفتوحا ليلتحق به آخرون يمنع احتمال التأثير السالب للحركات الرافضة للاتفاق الذي سيوقع اليوم، وتقول ان هؤلاء الرافضين سيكونون اضافة للاتفاق اذا انضموا اليه، وتشير الى ان الاتفاقية بالرغم من رفضها من بعض الحركات الاخري الا انها خطوة نحو ايقاف نزيف الحرب في المنطقة وذلك لما فيها من توافق علي محاور اعادة النازحين وتعمير القرى واعادة دارفور الي عهدها الاول بلد القرآن والصلح.