كشف البنك المركزي عن مخاوف من اغراق «منظم» من قبل دولة جنوب السودان بالعملات القديمة المتداولة بالجنوب والتي تبلغ ملياري جنيه واستخدامها في شراء العملات «الصعبة» من الشمال باسعار عالية قد تصل الى خمسة جنيهات مقابل دولار واحد ما يؤدي الى ارتفاع الاسعار. واعلن البنك المركزي عن ترتيبات لمنع تدفق الاموال الى الشمال تفاديا لتأثيرات اقتصادية سالبة بعد ان اضطر الى اصدار عملة جديدة بمعايير اقتصادية وتحديد حجم الكتلة النقدية وفقا للحاجة الاقتصادية للشمال، وكشف عن تخصيصه 70% من الطبعة الجديدة لولاية الخرطوم و30% بالولايات وفقا لحجم الاموال المتداولة في السابق. وقال انه اضطر لطباعة عملة جديدة بعد ان سبقت دولة الجنوب اعلان الانفصال رسميا وطبعت عملتها بمعاونة دول اخرى عوضا عن تأسيس اتحاد نقدي بين الدولتين واجراء انفصال اقتصادي سلس. وقال مساعد محافظ البنك المركزي للقطاع المصرفي النور عبدالسلام لبرنامج «مؤتمراذاعي» الذي بثته الاذاعة السودانية امس ان حجم الاموال المتداولة من شأنها ان ترتفع الى 16 مليار جنيه نسبة لعملية التداول المشترك وتأخر عملية سحب العملة القديمة لفترة محدودة، متخوفا من تدفق نحو ملياري جنيه متداول بدولة الجنوب بشكل منظم الى الشمال واستخدامها لشراء العملات الصعبة باسعار عالية قد تصل الى خمسة جنيهات مقابل الدولار ما ينتج عنه ارتفاع اسعار السلع. وقال ان بنك السودان وضع ترتيبات محكمة لمنع تدفق الاموال من دولة الجنوب. واقر عبدالسلام انهم اضطروا لاصدار طبعة جديدة من العملة بعد ان وردت اليهم معلومات بشروع دولة الجنوب في طباعة عملتها بمساعدة دول اخرى قبل اعلان الانفصال رسميا. وتابع «هذا غير ممكن في الاعراف الدولية بعد ان كنا نود اتباع سياسة الاتحاد النقدي بين الدولتين والذي يعطي فرصة التدرج في تكوين الاقتصاد بين الطرفين». وذكر ان الحكومة رفضت طلبا من دولة الجنوب بتعويضها نظير اعادة المبالغ المتداولة لديها، واضاف «لا نرى مبررا للتعويض فنحن اصدرنا عملة جديدة وفق معادلات اقتصادية وتقدير حجم الحاجة لان العملة وسيلة للتداول لا تقابلها اصول في البنوك» وزاد «اما ان يتم التخلص منها بالحرق او تسليمها للشمال لتخزينها»، مشيرا الى ان 90% من الطبعة الثانية من الفئات الكبيرة و10% من الفئات الصغيرة بعد ان تم تحويل فئة الجنيه الواحد الى عملة معدنية بسبب تداولها كثيرا واهترائها بسهولة بجانب الفئات القديمة. وقال ان فئة الخمسة جنيه سيتم اطلاقها للتداول في الاسبوع الحالي. وابدى مساعد محافظ البنك المركزي للقطاع المصرفي عن دهشته لتزوير بعض المجموعات فئة الجنيه الواحد وزاد «اغرب شيء ان يتم تزوير فئة الجنيه الواحد بكلفة جنيه واحد».وحذر مواطن يدعى معتز محمد من ولاية النيل الازرق بمدينة الدمازين في مداخلة تلفونية من تدفق كبير لاموال مزورة من فئة الجنيه والخمسة جنيهات «الطبعة القديمة» يتم تداولها بكميات كبيرة في الحدود المشتركة مع دولة الجنوب خاصة وسط تجار الماشية واضطرارهم بقبولها كاموال مبرئة للذمة. من ناحيته اقر مدير ادارة الاصدار ببنك السودان عوض عبدالله ابوشوك بان اصدار الطبعة الثانية نتج عنه تحمل خسائر في سبيل الحفاظ على استقرار الاقتصاد بالشمال بالرغم من انها عملية صعبة تحملها المواطن. وقال ان البنك المركزي كان يتوقع انفصالا سلسا الا ان تعنت مفاوضي دولة الجنوب في المحادثات جعلتهم يتهيأون للسيناريوهات الحالية منذ النصف الاول من العام 2010. وحذر ابوشوك من تدفق العملات القديمة من دولة الجنوب التي من شأنها ان تؤدي الى تضخم وارتفاع اسعار السلع، وقال ان ادارته وضعت ضوابط لمراقبة التدفقات المالية عبر الحدود المشتركة مع الدول والتدقيق من مصادرها. واكد ابوشوك ان عملية سحب العملة القديمة ستتم بالتدرج بعد احلال الطبعة الثانية والتأكد من تداول نسبة 99% منها «حينها يمكن اعتبار العملة القديمة غير مبرئة للذمة بعد ان رفض تحديد سقف زمني لصلاحيتها».