وشهر شعبان يودع الناس ويسلم الراية إلى شهر التوبة والغفران ويمدد أولى لياليه والكل يتأهب لصوم نهار غرة رمضان وعقارب الساعة تغادر العاشرة مساء بقليل ولفيف من سكان الكلاكلة وما جاورها تنتظر قدوم مركبة على طرف كوبري الحرية حيث طال بهم الانتظار إذا بحافلة نصف نقل (كريس) قادمة من جهة الشمال ومساعد السائق والسائق يرفعان صوتيهما (اللفة على جنيهين اللفة على جنيهين) رغم أنف التعريفة المحددة من قبل السلطات بواقع 1.2 جنيه تقريبا . ونسبة لحالة التكدس وطول انتظار المواطنين في قدوم مركبة تأويهم على منازلهم تدافع عدد قليل منهم للركوب بينما أرجعت مناداة ومطالبته بجنيهين السائق والكمساري الغالبية العظمى وقبل أن تتحرك الحافلة أو حتى يكتمل عدد ممتطي مقاعدها أعلن الركاب السائق برفضهم لما طالب به من تعريفة ما أنزلت بها السلطات من سلطان وأنهم لن يدفعوا أكثر من التعريفة المحددة لتبدأ رحلة من السجال والجدال بين الطرفين السائق والكمساري وللعجب راكب بالمقعد الأمامي من جهة والركاب من الجهة الأخرى حيث واصل الركاب إصرارهم على عدم الانصياع لمطالبة السائق مع عدم النزول من السيارة وأكدوا جاهزيتهم للذهاب لأية جهة يختارها السائق للفصل في القضية ولما رأى قائد السيارة عدم تنازل الركاب عن حقوقهم المشروعة طالبهم بمغادرة السيارة لجهة أنه عدل عن الذهاب إلى اللفة غير أنهم لم ينصاعوا لطلبه وبعدها أطلق عجلات سيارته للريح دون هوادة بسرعة فائقة منبعها الغضب البائن من بين عباراته التي اتسمت لهجة تصعيدية توحي دون مواربة أن له ظهر يحميه وفعلا سار بحافلته حتى تقاطع الإمدادات الطبية واتجه بها غربا إلى حيث شارع النص بالحلة الجديدة لتنتهي الرحلة بالركاب إلى حيث منزله فأوقف محركها وغادرها إلى المنزل بمعية مساعده والشخص بأحد المقعدين الأماميين وهناك تصرف أحد الركاب (كاتب هذه السطور) واستنجد برقم الطواري (999) الذي كان عند الطلب دون أدنى تأخير و حكى للشرطي المناوب ما حدث ولكنه قبل أن يكمل حديثه الهاتفي مع الطواري عاد سائق العربة ودون أن يتمكن من الصعود للسيارة إذا به يعاود القيادة بطريقة جنونية دون أن يأبه أنه ترك راكبا وراءه بالرغم من أن له بعض المتاع قوامه شنطة يد ودون أن تمضي عشرة دقائق إذا بسيارة دورية الطواري تقف أمامه خدمة ونصرة له وتلحق بالسيارة وتقودها إلى قسم الرميلة ويصل الجميع لحل دون الدخول في تفاصيله . ومن الحكاية عاليه يخرج المرء بعد تعليقات وتفسيرات أولها سيطرة الجشع والطمع وتأصل روح الاستغلال في أنفس فئة من السائقين وأصحاب الحافلات جراء غياب عين الرقابة عنهم وتركل الحابل على الغارب لهم بجانب أن الطريقة الاستفزازية والنبرة الاستعلائية للسائق توضح بجلاء أنه مسنود من جهة ما وقديما قيل (العندو ضهر ما بيندق على بطنو) علاوة على أن وقوف الراكب المقعد الأمامي مساندا للسائق على تغوله ومطالبته بما ليس له بحق يوضح أن البعض قد استكان للاستغلال واستمرأ الاضطهاد هذا بجانب أن هذه الحادثة أظهرت أن الشرطة فعلا في خدمة الشعب وأن القائمين على أمر شرطة الطواري عند الفزع أقرب إلى المواطن من لمح البصر كما أن بعض الحكماء من رتبة المساعدين يعلمون على حل الإشكالات بروح ودية ومع ذلك لابد من زيادة جرعات المراقبة للمركبات العامة حتى لا يتخذ المواطن مطية لبلوغ الغايات تحت مظلة الأنانية والجشع .