لا يقبل عقل أو منطق أن يتراوح مرتب الطبيب من فئة الأطباء الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة بين 500 إلى 600 جنيه سوداني أي ما يعادل أقل من 300 دولار أميركي ، وهو ما يقل عن قيمة وجبة عشاء يدفعها أحد أثرياء الحزب الحاكم TIPS في أحد مطاعم الخرطوم. ولا تكتفي الحكومة ممثلة في وزارة الصحة وتابيتتها السيدة بطرس بهذا الظلم البين بل تستدعي سياسات الفصل والتشريد من جديد وتأمر بفصل جميع الأطباء الذين تجرأوا وطالبوا بحقوقهم حتى لا يفكر أي شخص آخر في المطالبة بحقه المشروع . حكومة المؤتمر الوطني التي تقبل بتقديم التنازلات تلو التنازلات للضغوط الخارجية ، وتتبرع في سخاء حاتمي من المال لكل من ترغب في شراء ولائه وتغدق على حملاتها الدعائية والانتخابية من المال العام مسخرة لذلك كل موارد الدولة ،لا تعتبر إنصاف الأطباء الذين يعملون في ظروف صعبة وبيئة غير مواتية أمرا لازما بل تذهب في معاقبة المطالبين بحقوقهم بالفصل والتشريد وهو إجراء غير قانوني ولا يتفق وحقوق وحريات المواطن السوداني بل لا يتفق وروح التحول الديمقراطي المنشود ، حيث لا يستقيم الظل والعود أعوج . المطالب التي أعلنها وطالب بها الأطباء من خلال وسائل الإعلام الرسمية مطالب وحيثيات عادلة تقتضي محاسبة اللجان التي كلفت ببحث ومعالجة القضية ورد الحقوق إلى أهلها لكن عدل القائمين على موازين العدل المفترض اقتضى فصل المطالبين بحقوقهم من الأطباء المظلومين وهو عمل غير قانوني وغير عادل . ولعل حكومة المؤتمر الوطني قد أساءت تقدير عقلانية المواطن السوداني ووعيه الذي يميز بين ماهو مطلب مشروع وعادل وبين ماهو استغلال سياسي وهي تسعى لتجديد تفويضها عبر الانتخابات القادمة . فمطالب الأطباء لا تقل أهمية من الصرف على الخلاوي والتبرعات المفتوحة في سياق الدعاية الانتخابية للمنظمات الشبابية الموالية للمؤتمر الوطني وغير ذلك من أوجه الصرف غير المبرر . نعم للأطباء قضية عادلة تستوجب المعالجة الموضوعية والعادلة بدلا من سياسات الفصل والتشريد والقمع الذي تحاول الإنقاذ كما يقول قادتها تجاوزها بانفتاح سياسي وديمقراطية حقيقية تعيد الاعتبار للمواطن السوداني .