الأخت الأستاذة اخلاص نمر: طابت أيامك. دفعني الحس المهني أن أطالع بشغف بالغ تلك المادة التربوية الدسمة التي ضمتها زاويتك المقروءة «نمريات» بتاريخ 31 يوليو 2011. والتي صاغها قلمك الجرئ المضئ خاصة فيما يهم خلق الله، وصياغة وصقل الانسان السوداني. جاء في صدر تلك المادة اقتراح وسيم من الأستاذ حسن أحمد علي طه الذي راوده الحنين للسلم التعليمي 4-4-4 وأقف معضداً ومسانداً له. اليوم تحتشد بذاكرتي المهنية الهواجس والمخاوف، التي يحملها طائر الشؤم، وهو يحلق فوق مؤسساتنا التعليمية، التي يبس عودها، ونحل جسدها، ونخر عظمها! فإلى أين يساق صغارنا؟ أمامهم مستقبل مشحون بالتشاؤم «Pessimism» ومترع بالشؤم. والدهشة والحيرة قد خيمتا على رؤوس الاباء والأمهات. ولكن نحن رصفاء الحرف والكلم، لن نلوذ بالصمت، ولن نحشر الأقلام في الأغمدة. بل سنشهر معاول التقييم والتقويم، والحداثة والتجديد من أجل تعليم أجود وأفضل يتوافق مع أعمار فلذات أكبادنا. ولذا حتى يستقيم عود التعليم كان من واجبنا ان ننفض الغبار عن السلم التعليمي 4-4-4، الذي لاقت تجربته حتى السبعينات من القرن المنصرم نجاحاً باهراً. والذي وُئد لأسباب سياسية دون غيرها. لماذا اخترنا هذا السلم القديم الجديد؟ أولاً: تخرجت عبره خيرة الأجيال، الذين أسسوا خدمة مدنية مميزة، واستفادت من ذخيرتهم المعرفية عدة دول. ثانياً: راعي السلم الفئة العمرية المتقاربة لكل مرحلة فاختفى التفاوت العمري «Age Variation» الذي نكتوي بناره اليوم. ثالثاً: خلق السلم بيئة سلوكية متجانسة خلت من التباعد الأخلاقي بين التلاميذ والذي يهدد جيل اليوم ومرده الاختلاط العمري الذي غمر مدارسنا. رابعاً: يُعد لكل مرحلة معلم تأهيلا وتدريبا ليتناسب مع فئة عمرية بعينها. خامساً: لكل فئة عمرية مدرسة واحدة منفردة ينطلقون منها وتشعر هذه الفئة بحق التملك المطلق لمدرستهم دون منافس آخر، كما نشهد اليوم ليس من محاسن التربية وعلم النفس ان ينغلق تلميذ لتسع سنوات، في مكان واحد يحدق يومياً في جدرانه ويتلقى المعرفة من معلمين بعينهم، اذ لابد من التجديدة والتحديث. سادساً: لكل فئة عمرية أنشطتها «Activities» المنسجمة والملائمة لعمرها، ألا يؤثر مشاركة فئة عمرية مغايرة على التحصيل الأكاديمي؟ ألا يشعر صغيرنا بالرهبة والخوف، هو يمضي ساعات طوال مع من سبقوه عمراً؟ فلماذا يخترق صفوفهم من يكبرهم في العمر ومن هم في مرحلة المراهقة؟ فهل يرضى أولياء الأمر بهذا الاختلاط؟ فعلى ولاة أمرنا في الدولة أن يُوكلوا مهمة تحديد السلم التعليمي للجنة فنية ذات مقدرات عالية محايدة، وتضم خبراء التربية، وقدامى المعلمين ليتفاكروا في هذا الشأن التربوي الهام، وأن تضع الدولة توصياتهم موضع التنفيذ دون تعديل أو تحريف من أي جهة، وأن يصاحب السلم التعليمي المرتقب (4-4-4) حزمة من المناهج المدرسية السوية التي تتناسب ومقدرات فلذات أكبادنا الذهنية. منهج رصين مرجعيته ديننا الحنيف، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. كما يهتم بأصالتنا، وتقاليدنا، وعاداتنا، وتاريخنا وإرثنا، وتراثنا المعروف، ويحكى القصص عن بطولات رموزنا الوطنية، وننأى به عن الجهوية، الحزبية، والعنصرية البغيضة. وفق الله الجميع وشكري الجزيل لك أختي الكاتبة المرموقة «اخلاص» لسعة صدرك، واتاحة الفرصة لقلمي المهني ليعبر عن رأيه التربوي.. وشكري للأستاذ حسن. والله المستعان.. ورمضان كريم حسين الخليفة الحسن خبير تربوي - أمين اعلام المنتدى التربوي السوداني