الأستاذ عطاف محمد مختار... طاب يومك. دفعني حسي المهني لأطالع بإمعانٍ وشغف بالغ مادونه قلمك الشفيف الحذر واللاهث صوب الحقيقة، عند زيارتك التفقدية لمدرسة الاتحاد العليا بالخرطوم والتي نطلق عليها منذ عهود اليونتي "Unity" كان حوارك وتحليلك ثراً، ومفيداً والذي طوته مادتك بعددين متلاحقين بصحيفتي وعشقي "السوداني" يومي 9 و10 فبراير2012. حزَّ في نفسي مارأته عيناك، وحوارك التربوي المسؤول مع الإدارة التربوية بالمدرسة وهيئة التدريس، وماسطره يراعك الوسيم أثار حفيظتي، معلومات مثيرة وخطيرة تزدحم بها ذاكرة صغيرنا البضة وتتعدى سعة مقدرته العقلية، وثلوث معتقدة الديني وتضعف من ثقافته الروحانية. فهلا سمحت لي بإبداء بعض من الملاحظات التربوية. أولاً: من المعيب على إدارة مدرسة الاتحاد أن تضع مقرراً مختاراً موجهاً ينبعث منه التبشير! معزولاً عن تقالدينا وعاداتنا، ويخدش تاريخ الأمة العربية، ليخدم أغراضاً معينة. نريد منهجاً تربوياً متوازناً، يرسخ العقيدة ويسمو بمقدرات فلذة كبدنا الذهنية. نريد للمدرسة أن تتعامل مع منهج أجازه المركز القومي للمناهج ببخت الرضا ويقوم بمتابعته. ثانياً: لوضع مقرر لمادة بعينها "التاريخ مثلاً" ولفئة عمرية معينة من التلاميذ يتوخى المركز القومي للمناهج ببخت الرضا معايير دقيقة شفافة، وبعد الدراسة الفاحصة تقرر لنا بخت الرضا حصيلة منهج دسم يتناسب مع الفئة العمرية المحددة ذات المقدرة الذهنية المتقاربة فيسهل هضمه واستيعابه ويتعافى من أي خلل تربوي أو أخلاقي كما يتحاشى مركز المناهج كل المؤشرات الأيديولوجية والسياسية، والعنصرية التي تسبق عمر التلميذ ولايتجاوب معها بل تصرفه عن الغرض والهدف التربوي المنشود. ثالثا: كنت آمل أن تكون الوزارة الاتحادية قد وضعت أسساً وضوابط تربوية لتسير على نهجها مثل هذه المدارس ذات الطابع الأجنبي. رابعاً: اقترح أن يقوم المركز ببخت الرضا بزيارة لهذه المؤسسة للوقوف على طبيعة مسلكها التربوي، وللفحص الدقيق لمناهجها الدراسية خاصة مادة التاريخ من أجل التقييم والتقويم. خامساً: سؤال حائر يدور بخاطري: هل تدرس مادة التربية الإسلامية بمدرسة الاتحاد العليا؟ وهل بهيئة التدريس معلمون سودانيون مؤهلون ومدربون؟. سادساً: ما المقصود من تدريس موضوع "محرقة اليهود"، ضمن مقرر مادة التاريخ؟ لماذا لا ننأى بأنفسنا عن تدريس مثل هذه المواضيع والمواد التعليمية الأخرى المثيرة للجدل، والجارحة للمشاعر؟. سابعاً: لهذه المدرسة تأريخ عريق، ولها جذور عريقة منذ 1902. وتخرجت فيها نخبة من الطالبات المميزات اللائي تبوأن أرفع المناصب العامة والخاصة. ولم نسمع يومذاك أن هذه المدرسة قد سلكت مسلكاً مغايراً لأهداف التربية. فلماذا تغير الحال؟ ثامناً: إن التعليم الأجنبي بالسودان، يتطلب منا الالتفاتة والمتابعة والمراجعة والحذر والترقب حتى نطمئن على استقامة عودة، وسلامة نهجه لصنع جيل المستقبل الوضئ. تاسعاً: آمل أن يجد هذا الضرب من التعليم مساحة رحبة من النقاش والتفاكر عند انعقاد المؤتمر القومي للتعليم لتصويب بوصلته، وحتى تنقشع سحب الريبة والشك والقتامة والغموض التي تملأ سماء العملية التربوية. شكرى للأستاذة إخلاص نمر الكاتبة الصحفية المعروفة لتناولها التعليم الأجنبي في مقالات متلاحقة وأظنها قد اكتوت بناره. الشكر لك أستاذ عطاف لاهتمامك بمستقبل فلذات الأكباد... الله الموفق. * خبير تربوي