(1) رصد يوسف جل تفاصيل حياته في سيرة ذاتية وأرفقها مع شهاداته الجامعية، وقبل أن يطأ بقدميه عتبة البيت، نجحتُ في لفت انتباهه بأن الملف ليس أنيقا كما ينبغي. مزق الغلاف القديم وكساه بغلاف آخر أكثر اشراقا. (2) كتب يوسف على سطح الملف بخط كوفي جميل .. «ليس جميلا أن أحتمل وحدي عبء المسافات ووعورة المسالك»، ثم لملم أنفاس الأمل وخرج مسلحا بكلمة (نعم) وهو يحلم بطلوع السلالم. (3) ابن عمي فضل المولى يقف في واجهة المؤسسة الحكومية التي يقصدها يوسف كل يوم ليتسول المارة بطريقة فيها كثير من الكبرياء، فيقول كلما استوقف مارا بأنه أصبح متسولا لأنه ليس لديه علاقة بالميادين. (4) حالما شاهد يوسف متأبطا ملفه الأنيق، حتى حول مسارات نظره إلى حذائه الجديد. لم يستطع أن يكف عن الضحك وهو يشير للحذاء، ركض خلفه عبر درجات السلم المؤدي إلى مكتب المدير، وهو لا ينفك يتلو عليه وصاياه التي يصفها بأنها قيمة.. (5) لهذا المدير يا بن عمي العزيز معاينات لزجة .. صدقني، لا تدخل عليه هكذا .. عد إلى المنزل وأعط لذلك العاطل عن أي موهبة حذاءه، وأنتعل حذاء آخر على أن يكون رياضيا حتى لا تنزلق في أرضية الأسئلة من نوع .. (6) ماهي الفعالية الثقافية التي أقيمت في المنصة ليلة البارحة ؟، ألديك فكرة عما حدث وسيحدث ؟، أربع ثوان، ثلاث ثوان، ثانية واحدة، انتهى الوقت الأصلي والوقت الاضافي أيضا .. مع السلامة يا بني. (7) تذكر بأنك ضد الانزلاق، أترك الملف جانبا وأجبه بثبات حتى قبل أن يكمل لزوجته وانتظر ردة الفعل. ضرب ابن عمي بكفه وأسكتها وعاد من تلك المعاينة خاويا ولم يحدثني ويلقي عليّ خطبته المعهودة التي يستهلها عادة بما حفظته عن ظهر قلب. (8) أين ذهبت تداعيات (نعم) ؟ .. يسحب نفسا عميقا ويواصل .. الفضيحة الأكبر من فضيحة الانتظار يا شقيقي هي القدرة على معايشة الانكسار اليومي، وتحمل كل هذا السعال. (9) حاولتُ أن اقتسم معه مشاعر الخذلان علني أفتح له ثغرة واحدة في جدار هذا الفراغ العريض، أشرتُ له مازحا .. لماذا لا تكف عن السعي وراء وظيفة ؟ وخير لك أن تصبح مؤلفا تؤلف كتابا في الحال وتسميه .. «الفرح النائم خلف الحجاب». (10) لم يعجبه اسم الكتاب، ومع ذلك ظل أسبوعا منغلقا على نفسه وحوله تشكيلة من الأوراق الملونة، وفي اليوم الثامن رمى ورقة ناصعة البياض، وأعلن بصوت غاضب بأنه أهون عليه أن يقلع منه ضرسا يوميا من أضراسه لمدة شهر كامل على أن يكتب كلمة واحدة. [email protected]